
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. دعا ودادي السالك الملحق الاعلامي والثقافي ببعثة الجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الأفريقي، منظمة الاتحاد الأفريقي الى تولي زمام المبادرة والبحث عن الحل المنشود بالطرق السلمية والدبلوماسية لإخماد فتيل الحرب، مؤكدا ان رهان المغرب على إبعاد الاتحاد الافريقي عن مداولة القضية الصحراوية هو طموح صعب المنال في الوقت الراهن.
كما يرى ودادي السالك في حوار له مع ”بلادي نيوز ” ان الوضع في المنطقة قد أصبح يبعث بمؤشرات خطيرة بعد استئنأف الكفاح المسلح في 13 نوفمبر 2020، مشددا على ضرورة تحلي المنظمة القارية بالصرامة اكثر، حيث أرجع ذلك الى بعض الممارسات التي أظهرها نظام المخزن مؤخرا وعدم التجاوب مع مساعي الاتحاد الافريقي الرامية إلى حلحلة الوضع، خاصة أن بامكانه فرض عقوبات على المغرب، قائلا ”ان الاتحاد الأفريقي لم يظهر إلى حد الآن الأداء المطلوب وذلك بسبب ضعف النخب التي تتولى قيادة هذه المنظمة في الوقت الراهن”.
1- ما هي أبرز المحطات التي عرفها ملف الصحراء الغربية داخل اروقة الاتحاد الأفريقي؟
جواب: قبل الخوض في الاجابة عن اسئلتكم، يطيب لي ان اتقدم اليكم سيدي ولمنبركم الموقر بجزيل الشكر وعظيم الامتنان على منح هذه السانحة الطيبة لتسليط الضوء على جانب هام من الكفاح العادل للشعب الصحراوي.
فمن الناحية التاريخية، تبنت منظمة الوحدة الافريقية، قضية الشعب الصحراوي مباشرة بعد تأسيسها سنة 1963، باعتبارها قضية تصفية استعمار افريقية وأقرت حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وهو القرار نفسه الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة قبيل تأسيس منظمة الوحدة الافريقية التي سجلت قضية الصحراء الغربية ضمن لائحة البلدان المستعمرة و منذ ذلك الحين و الأمم المتحدة والوحدة الافريقية تعترفان لشعب الصحراء الغربية بالحق في تقرير المصير والاستقلال من خلال لوائحهما و قراراتهما السنوية، باعتبار أن مسالة الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار.
ثم أقرت منظمة الوحدة الافريقية بالاجماع على مستوى قمة رؤساء الدول الحكومات اللائحة 104 الخاصة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير يختار من خلاله شعب الصحراء الغربية الاستقلال أو الانضمام إلى المملكة المغربية، خلال انعقاد قمة نيروبي سنة 1981، ذلك القرار الشجاع شكل فيما بعد قاعدة صلبة لإرساء دعائم الدور القوي لمنظمة الوحدة الافريقية التي أصبحت تعتبر فيما بعد الضامن والمسؤول التاريخي إلى جانب الأمم المتحدة لإيجاد الحل لمسألة الصحراء الغربية، دون أن ننسى طبعا المبادرة الافريقية لسنة 1984 والتي أصبحت تعرف بخطة التسوية أو مخطط السلام الأممي الإفريقي في الصحراء الغربية، حيث اقترحت السينغال على الجمعية العامة للامم المتحدة تبني اللائحة 4050 والتي احتوت على نص اللائحة 104 لسنة 1983 لمنظمة الوحدة الافريقية.خلال هذه المجهودات الافريقية بذل رؤساء منظمة الوحدة الافريقية بمعية بعض أمناء الأمم المتحدة مجهودات مشتركة تجاه طرفي النزاع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية نظموا خلالها لقاءات تحت اشرافهما مع الطرفين أسفرت سنة 1988 عن قبول الأخيرين للمقترحات المشتركة للأمم المتحدة والوحدة الافريقية الرامية إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير، ثم الشروع في عملية تطبيق المقترحات المشتركة لمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية الرامية لتنظيم استفتاء لتقرير المصير يختار من خلاله شعب الصحراء الغربية للاستقلال أو الانضمام للملكة المغربية بعد قبول الطرفين لتلك المقترحات المشتركة.
لكن مع الآسف إن كل تلك المساع والمجهودات لم يكتب لها النجاح أمام عرقلتها من طرف المغرب وتقاعس مجلس الأمن الأممي عن ردع تلك العراقيل، وعلى الرغم من ذلك ظلت منظمة الوحدة الافريقية / الاتحاد الافريقي متمسكة بمسؤولياتها التاريخية والاخلاقية باعتبارها ضامن للحل إلى جانب الأمم المتحدة في الصحراء الغربية و ظل معها ملف الصحراء الغربية حاضرا ضمن بنود كل الأجندات الأفريقية و تتناوله مقررات واعلانات كل القمم والمؤتمرات السنوية.
و مع بداية سنة 2017، قررت المملكة المغربية الأنضمام إلى الاتحاد الافريقي إلى جانب الجمهورية الصحراوية في خطوة يراها بعض المراقبين على أنها إقرار بالأمر الواقع بعد فشل الانضمام المشروط سنتي 1998 و 2001، و هذا ما جعل القضية الصحراوية تٌطرح أكثر من مرة للنقاش داخل أروقة مجلس السلم و الامن الافريقي و أبرز أيضا مستوى جديد للموقف الافريقي بحيث دعت المقررات الصادرة عن قمة رؤساء دول و حكومات الإتحاد الافريقي في جانفي 2018″ الدولتين العضوين المملكة المغربية و الجمهورية الصحراوية إلى الدخول في مفاوضات جديدة برعاية الاتحاد الافريقي لايجاد الحل”.
2- لماذا فشلت مأمورية الاتحاد الأفريقي في حل ملف الصحراء الغربية ؟
جواب: قد لا نتفق على الحكم بالفشل النهائي للعملية السياسية التي لا زال الاتحاد الافريقي يحاول بعث فعاليتها أو على الأقل من الناحية الاجرائية و الاخلاقية، لكن القول بأن العملية السياسية التي يقودها المجتمع الدولي في الصحراء الغربية تشهد جمودا أو تراجعا عن بلوغ أفق تحقيق الخطة الأممية هذا أمر أصبح واقعا معاشا، و السبب ، حسب رأي يعود إلى عدم قدرة الاتحاد الافريقي أو ضعفه في ردع ممارسات العرقلة المغربية المتواصلة لكل المجهودات و المساع التي يقودها المنتظم الدولي في الصحراء العربية.
ظل المغرب يعرقل تنفيذ مخطط السلام الأممي الإفريقي في الصحراء الغربية و هو خارج المنظمة و يشجعه على ذلك أيضا صمت مجلس الأمن الدولي الذي تقوده فرنسا و تعيق أي مبادرة أممية يمكنها أن تبعث الروح في عملية تنفيذ هذا المخطط، و بالموازاة مع ذلك كان الاتحاد الافريقي منشغلا بمواجهة تحديات الصراعات المسلحة و الأمراض و الأوبئة و صعوبات التنمية و بالتالي سجل الموقف الافريقي تراجعا ملحوظا في دعم تنفيذ عملية السلام في الصحراء الغربية.وفي هذه الأثناء،
نجد أن الترناسة القانونية للاتحاد الافريقي شبه خالية من أي قاعدة تتيح الردع و العقوبات ضد أي بلد يعيق تنفيذ مقررات و لوائح المنظمة، فباستثناء المادة 23 من القانون التاسيسي للاتحاد، لا يوجد أي بند يحدد عقوبة الدول التي تتخلف عن تنفيذ المقررات، و هذه المادة ايضا نصت على العقاب و لم تحدد أصنافه و لا حتى طرق تنفيده.
لكن اليوم و بعد اشتعال فتيل الحرب من جديد في المنطقة، و انضمام المغرب إلى المنظمة الافريقية، و قطع إفريقيا أشواطا معتبرة في مشروع ما يسميه الإتحاد بخطة إصلاح الأمم المتحدة، أعتقد أنه أصبح من الضروري أن تتولى المنظمة الافريقية زمام المبادرة وتبحث عن الحل المنشود بالطرق السلمية و الدبلوماسية و إخماد فتيل الحرب التي تبدوا غير معروفة النهاية.
3- لماذا يسعى نظام المخزن من سحب ملف الصحراء الغربية من على طاولة الاتحاد الافريقي؟
جواب: من المعروف لدى الجميع أن المغرب الذي غادر منظمة الوحدة الافريقية سنة 1983، لم يجد بدا من قراره مغادرة المنظمة بسبب وضعه أمام خيارين أحلاهما هزيمة المغرب و انهاء احتلاله، أمام القبول بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي و هذا خيار أثبت خسارة المغرب فيما بعد، و أما الخيار الثاني فهو مغادرة المغرب للمنظمة.حاول المغرب مرارا العودة إلى منظمة الوحدة الافريقية و في كل مرة كان يقدم شروط لعودته مثل إنهاء تواجد الجمهورية الصحراوية أو تجميد عضويتها، و كان يفشل في كل محاولة.
بعد تاسيس الاتحاد الافريقي سنة 2002، كرست الجمهورية الصحراوية مكانتها القارية كعضو مؤسس لهذا الصرح، مما وضع طموح المغرب مستحيلا.و بعد قمة كيغالي سنة 2016، اعرب المغرب في رسالة وجه الى القمة عن عزمه الانضمام الى الاتحاد الافريقي بدون شروط و بتعهده الالتزام التام بمقتضيات القانون التاسيسي للاتحاد الافريقي، انضم مع بداية سنة 2017، و بدأ تنفيذ استراتيجية دبلوماسية لابعاد القضية الصحراوية من على طاولة و اولويات الاتحاد الافريقي لكنه سقط في أول وثبة عندما دعا الاخير الطرفين بإعتبارهما دولتين عضوين في الاتحاد إلى الدخول في محادثات جادة لايجاد حل ينهي النزاع، ثم حاول ابعاد الجمهورية الصحراوية من اجتماعات الشراكة متعددة الأطراف التي ينظمها الاتحاد الافريقي أو يكون طرفا فيها وقد حسمت قرارات المجلس التنفيذي الأمر لصالح الجمهورية الصحراوية قبيل قمة ابيدجان للشراكة بين الاتحاد الافريقي و الاتحاد الاوروبي.
و في النهاية يمكن القول أن رهان المغرب على إبعاد الاتحاد الافريقي عن مداولة القضية الصحراوية هو طموح صعب المنال في الوقت الراهن و هو رهان أيضا على دور حلفاءه في مجلس الأمن الدولي للمساهمة في مواصلة عرقلة الحل.
4-ما هي الاليات التي يملكتها الاتحاد الأفريقي لتحرك ضد المغرب ؟
جواب: أعتقد أن الوضع في المنطقة أصبح يبعث بمؤشرات خطيرة بعد استئناف الكفاح المسلح في 13 نوفمبر 2020، و في ظل بعض الممارسات التي أظهرها المغرب مؤخرا و عدم التجاوب مع مساع الاتحاد الافريقي الرامية إلى حلحلة الوضع، أصبح لزاما على المنظمة القارية التحلي بصرامة اكثر.يمكن للاتحاد الافريقي إنزال عقوبات على المغرب إذا ما استمر في عدم الجدية في تنفيذ المقررات التي تصدر عن أجهزة صنع القرار في الاتحاد، و ذكرنا المادة 23 من القانون التاسيسي التي تنص على عقوبة الدول الاعضاء التي تتخلف عن تنفيذ المقررات على الرغم من صعوبة تنفيذها في الوقت الراهن نظرا الى حاجة الاتحاد أولا إلى الإرادة ثم معالجة الموضوع بجدية.
و يمكن أن نذكر هنا بموقف منظمة الوحدة الافريقية التي عاقبت نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا بالطرد و الحصار القاري.
5- كيف ترون أداء الاتحاد الأفريقي منذ استئناف الحرب ؟
جواب: لم يظهر الاتحاد الافريقي إلى حد الآن الأداء المطلوب مع الآسف، و هذا الضعف لم يقتصر متابعة الوضع الراهن في الصحراء الغربية فحسب، بل شهدت كل مناطق الصراع في افريقيا ترديا ملحوظا، وذلك بسبب ضعف النخب التي تتولى قيادة هذه المنظمة في الوقت الراهن، فعلى الرغم من أن الاخيرة اعتمدت السنة الماضية 2020 سنة افريقية لإسكات صوت البنادق، إلا أن البنادق صدحت فعلا في شمال و شرق و غرب القارة الافريقية، و عادت ظاهرة الانقلابات إلى الواجهة وازدات حالة السلم و الامن في التدهور.و ما هذه الحالة إلا ظرف زائل بزوال القيادة الحالية للمنظمة ثم يعود مستوى الأداء إلى التقدم، خاصة في ظل عودة منتظرة لقوة الدبلوماسية الجزائرية التي بدأت فعليا في استعادة بريق مساعيها الرامية إلى استتباب الأمن و السلم في القارة بقيادة رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة .
6- كلمة أخيرة بخصوص مستقبل الصحراء الغربية؟
جواب: الحديث عن مستقبل القضية الصحراوية لا يمكن يبنى على تباين معطيات الوضع الراهن المتغيرة و لا حتى على العبر المستخلصة، لانه و بكل بساطة مستقبل معروف و محدد و بلوغه حتمي بكل تأكيد، فلا مستقبل لهذه القضية دون الاستقلال و استكمال بناء الجمهورية الصحراوية و ممارسة سيادتها على اراضيها.