
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. بدأت التناقضات والتقلبات في الموقف المغربي ترصد من هنا وهناك، منذ قرار السلطات الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، حيث أبانت بشكل واضح عن حالة الارتباك الكبيرة لدى الجارة الغربية.
آخر تصريح لمسؤول مغربي يؤكد هذا المعطى هو ذلك الذي صدر عن رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، والذي استيقظ بعد نحو شهر ونصف من التأخر، ليقول إن ما صدر عن مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، لم يكن موقفا يعبر عن المملكة المغربية.
رئيس الحكومة المغربية وفي تصريحات إعلامية، قال معلقا على خطيئة ممثل بلاده في الأمم المتحدة تجاه الجزائر: “هذا كان رد فعل لسفير المغرب في الأمم المتحدة، ليس موقفا سياسيا يعبر عنه، وإنما هو رد فعل حجاجي، إذا كنتم تقولون كذا فإنه كذا، هو ليس موقفا سياسيا للدولة المغربية”.
تصريح المسؤول المغربي ينطوي على الكثير من الغموض والمناورة، فمن جهة يقول العثماني إن ما قام به مندوب بلاده في نيويورك، لا يمثل الدولة المغربية، وفي الجملة ذاتها، يقول إنه كان “رد فعل حجاجي”، وفي ذلك محاولة مفضوحة لتبرير الخطيئة.
ترديد الشيء ونقضيه من قبل مسؤول كبير بحجم العثماني، يوحي بأن الجارة المغربية حائرة في تبرير الخطيئة التي ارتكبتها على لسان إطار دبلوماسي في مستوى مندوب لدى الأمم المتحدة، بل يرى فيها مراقبون، محاولة يائسة من قبل المسؤولين في نظام المخزن المغربي، لإقناع شعبهم بعدم مسؤولية سلطات بلادهم في قرار قطع العلاقات الدبلوماسية.
وحتى لو استطاع العثماني أن يقنع من خاطبهم بأن ما قام به ممثل المخزن في الأمم المتحدة، لا يعبر عن الدولة المغربية، فلماذا تأخر التنصل من مسؤولية ما حدث لما يناهز الشهر والنصف، من مطالبة الجزائر المغرب، تقديم توضيحات بشأن تلك الحادثة.
الجزائر وغداة انفجار الفضيحة المغربية في 19 يوليو المنصرم، خرجت ببيان جاء فيه “في ظل هذه الوضعية الناشئة عن عمل دبلوماسي مريب صادر عن سفير، يحق للجزائر، الجمهورية ذات السيادة وغير القابلة للتجزئة، أن تنتظر توضيحا للموقف الرسمي والنهائي للمملكة المغربية بشأن هذا الحادث بالغ الخطورة”.
ومنذ ذلك التاريخ والجزائر تُذكّر المغرب من حين إلى آخر، بإجراءات تصعيدية للفت انتباه نظام المخزن أملا في ترميم ما بقي من العلاقات الدبلوماسية، من قبيل سحب السفير الجزائري من الرباط، واجتماع المجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، وقراره إعادة النظر في العلاقات مع المغرب، إلا أنه ورغم كل هذه التنبيهات، واصل المغرب استفزازه للجزائر، وقد وصل الاستفزاز ذروته باستضافة نظام المخزن، وزير خارجية الكيان الصهيوني، مائير لابيد، على أراضيه والسماح له بمهاجمة الجزائر بتصريحات غير مسبوقة في تاريخ العلاقات العربية منذ عام 1948، كما جاء على لسان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة.
كل هذه الإجراءات التصعيدية لم تلفت انتباه نظام المخزن إلى خطورة ما ينتظر العلاقات الثنائية، ومع ذلك لم يقم بأي إجراءات للتهدئة، ثم يأتي رئيس حكومته بصفته الحزبية، ليقول بأن ما صدر عن مندوب بلاده في الأمم المتحدة لا يمثل الدولة المغربية، لكن بعد أن قطعت العلاقات الدبلوماسية.