صحيفة إسبانية: التجربة التاريخية لتصفية الإستعمار من إفريقيا تؤكد فشل الحكم الذاتي في تسوية أي نزاع

1
صحيفة إسبانية: التجربة التاريخية لتصفية الإستعمار من إفريقيا تؤكد فشل الحكم الذاتي في تسوية أي نزاع
صحيفة إسبانية: التجربة التاريخية لتصفية الإستعمار من إفريقيا تؤكد فشل الحكم الذاتي في تسوية أي نزاع

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. أكدت صحيفة “الإنديبندانت” الإسبانية أن التجربة التاريخية لتصفية الإستعمار من إفريقيا أثبتت الفشل الذريع الذي مني به خيار الحكم الذاتي في المنطقة، مبرزة ضرورة تمكين الشعوب من حقها في تقرير المصير الذي يقود الى الإستقلال، و مستشهدة بالصحراء الغربية التي أدت العديد من محاولات تسويتها خارج اطار الشرعية الدولية إلى “كارثة”.

و ذكرت الصحيفة في مقال نشرته تحت عنوان “مخاطر الحكم الذاتي في إنهاء الاستعمار في المنطقة”, أن “النزاع في الصحراء الغربية عاد إلى الظهور بقوة في الفترة الاخيرة, وسط إجماع ورغبة جامحة في حله”, حيث يرى جميع المهتمين به أن “إطالة أمد النزاع تقود الى منزلق خطير لا يمكن السيطرة على تداعياته الكارثية”.

و لفت كاتب المقال الى الجهود المبذولة للبحث عن خيارات في الحل, لكن ما زال يتم تجاهل, وبشكل ممنهج, ما تم الاتفاق عليه (حق تقرير المصير), باعتباره الحل الأكثر ديمقراطية وإنصافا وقبولا.

و تأسفت الصحيفة للمفارقات التي عرفتها محاولات تسوية النزاع التي تدعو من جهة لضرورة الحل وتسعى من جهة اخرى لدفن خيار الاستفتاء لتقرير المصير, الذي يعتبر الحل الوحيد الذي حظي بقبول جبهة البوليساريو والمملكة المغربية وإجماع مجلس الأمن الدولي.

و الأغرب من ذلك, بحسب الصحيفة, هو أن “هذه الجهود وهذا الحماس الطاغي الذي تجدد مؤخرا يسعى الى إقبار مقترح جبهة البوليساريو الذي قدمته إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن في 10 أبريل 2007 “.

وأكد كاتب المقال أن “التجربة التاريخية للقارة الأفريقية تثبت أن تصفية الاستعمار في المنطقة لم تكن بالضم ولا بالحكم الذاتي, و انما بممارسة الحق في تقرير المصير, من خلال الاستقلال وولادة أمة جديدة”.

و “مهما أردنا الخروج عن هذا التقليد, تضيف الصحيفة, فإن مسألة الصحراء الغربية لا يمكن تناولها إلا ضمن هذا السياق” وأن محاولة فرض منظور آخر سنة 1975 أدى الى حصول الكارثة التي أبقت المنطقة بأكملها في حالة من القلق والتوتر المستمر.

و استشهدت الصحيفة, في هذا الشأن, بمحاولات فرض مفهوم الحكم الذاتي في أفريقيا لانهاء الاستعمار من القارة.

و”كانت إريتريا بمثابة حقل لتلك التجربة المحفوفة بالمخاطر في لحظة حاسمة من النضال من أجل تحرير أفريقيا”, كما كتبت الصحيفة, مبرزة أن النتيجة كانت “فشلا ذريعا وثمنا باهظا من المعاناة والمآسي للقارة الأفريقية”.

و ذكرت “الانديباندنت” أنه “في 2 كانون الأول 1950, أصدرت الأمم المتحدة القرار المشؤوم رقم 390 د-5 , الذي حرم شعب إريتريا من حقه المشروع في دولة حرة مستقلة, وبدلا من ذلك, تم فرض الحكم الذاتي داخل الإمبراطورية الإثيوبية كصيغة لتصفية الاستعمار من هذا البلد”.

و تابع صاحب المقال يقول “رغم ضمانات مجلس الأمن واتساع نطاق الحكم الذاتي ووجود مراقبين دوليين, إلا أنه, وفي مدة وجيزة, تحول الحكم الذاتي لإريتريا إلى إلحاق تام بناء على قرار من الإمبراطور هيلا سيلاسي, إمبراطور إثيوبيا, الذي قفز على القانون والاتفاقيات الدولية وفرض سلطته على هذا البلد”.

و مع ذلك, يضيف المقال, “لا شيء مكن من منع أو إيقاف حكم التاريخ الحتمي.

فإطالة أمد الصراع وغطرسة “جلالته” ورهانه الأعمى على التحالفات الخارجية أفضت الى تآكل إثيوبيا القاتل والإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي وبالنظام الذي حل محله”.

و أخيرا، وبعد 42 عاما من الكارثة الإقليمية وثلاثين عاما من الحرب, تعترف الأمم المتحدة بخطئها وتعود إلى المربع الأول, من خلال إنشاء بعثة الامم المتحدة لتنظيم استفتاء في إريتريا سنة 1992, والذي مكن من تدارك الظلم الذي فرضته التحالفات المؤقتة, على حساب الشرعية الدولية ضد إرادة شعب إريتريا وضد روح وعقيدة تصفية الاستعمار في أفريقيا.

و أكد كاتب المقال أن “تجربة إريتريا كانت تجربة مريرة” أدت الى واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخ القارة وترتب عنها مجاعات ونزوح وزعزعة مزمنة لاستقرار القرن الأفريقي, مازالت تعاني المنطقة من تبعاته في الحاضر والمستقبل.

و قارن كاتب المقال بين الحرب في اريتيريا وما يحدث في الصحراء الغربية اليوم, مؤكدا أنها “محاولة لتكرار نفس السيناريو, من خلال المقاربات المشبوهة أو الحلول التوافقية مع قوة الاحتلال, متجاهلة إرادة الشعب الصحراوي”, مبرزا أن صيغة “الحكم الذاتي” الذي تقدمه الرباط “تجربة أثبت التاريخ فشلها وتتنافى مع روح مبدأ تصفية الاستعمار في أفريقيا, والسبب هو غياب العنصر الأساسي, موافقة الشعب الصحراوي واحترام إرادته, تماما كما تم تجاهل موافقة وإرادة شعب إريتريا بالأمس”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس