ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، السفير “أبّي بشرايا البشير” في حوار حصري لموقع “نيوز الجزائر”:

5
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، السفير
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، السفير "أبّي بشرايا البشير" في حوار حصري لموقع "نيوز الجزائر":

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. أمام التطورات التي تشهدها العلاقات الدولية، وتأثرها ببعضها، فإن القضية الصحراوية، هي الأخرى تشهد تطورات على المستوى السياسي، لاسيما التصريحات المفاجئة لقادة دول وقرار هيئات دولية، منها دول لها عضوية دائمة بالأمم المتحدة، على غرار فرنسا وأمريكا، وهو ما يخلق نوعا من الترقب والتوجس مما ستصير إليه هذه القضية التي تعتبر آخر قضية استعمارية بافريقيا، لاسيما بعد موقف الرئيسين “ماكرون وترمب”، وتصريحاتهما المناقضتين لقرار الأمم المتحدة بضرورة الفصل فيها عن طريق تنظيم حق تقرير المصير، وهو الحل الذي يرفضه المخزن، مواصلا هروبه إلى الأمام.

ولفهم ما يجري وما مدى تأثر القضية الصحراوية التي تصنف ضمن خانة القضايا العادلة، التي تنتظر حلها نهائيا تحت إدارة الهيئة الدولية “الأمم المتحدة”، أجرى موقع “نيوز الجزائر” الإخباري، هذا الحوار مع ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ولدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، “السفير أبّي بشرايا البشير”: بعد “ماكرون فرنسا”، أمريكا أو بالأحرى ترامب يقول أنه لا حل للقضية الصحراوية خارج إطار الحكم الذاتي للصحراويين تحت الراية المغربية.

كيف استقبلتم كشعب صحراوي هذا التصريح وما هي قراءتكم له؟ هذا الموقف في الحقيقة وإن لم يكن مفاجئا، بالنظر إلى الموقف المعبر عنه من طرف “دونالد ترامب” في نهاية عهدته الأولى والذي كان قد اعترف فيه للمغرب بسيادة غير شرعية على الصحراء الغربية، إلا أنه يعتبر الآن تطورا خطيرا ويحمل الدليل، إذا كان ثمة من حاجة إلى دليل بأننا نعيش في عالم يفقد فيه القانون الدولي والدبلوماسية المتعددة الأطراف قيمته لصالح قانون الغاب والدبلوماسية الثنائية أو الأحادية.

موقف ينم عن سوء تقدير كبير ليس لتبعاته بالنسبة لصورة الولايات المتحدة ومسؤولياتها كقوة عظمى، عضو دائم بمجلس الأمن الدولي وحامل القلم فيما يتعلق بالصحراء الغربية فحسب، وإنما بالنظر إلى الأخطار المحدقة بمنطقة شمال إفريقيا والساحل وما قد تسببه إدارة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من ورائها.

يظهر لحقوق الشعب الصحراوي من منزلقات وتهديد حقيقي للأمن والاستقرار في الإقليم وفي محيطه الجغرافي المباشر حيث يعد التوسع المغربي أكبر خطر مزمن محدق به، هذا من حيث المبدأ.

أما فيما يتعلق بدعم مقترح الحكم الذاتي، فالجميع يعرف أن المقترح ولد ميتا، إذ أنه موجود على الطاولة منذ 18 سنة ولم يتقدم قيد أنملة، نفس الأسباب التي منعت تقدم مقترح المغرب مازالت قائمة، وربما بحدة أكبر هناك التعارض الصارخ مع القانون الدولي ومع ميثاق الأمم المتحدة وطبيعة النزاع ومسار تصفية الاستعمار الذي يوجد فيه.

لا يحق للمغرب أن يقترح حكما ذاتيا قبل أن يحل مشكل السيادة التي لا يمتلك والتي لا يمكن أن تتأتى لأي كان إلا عن طريق ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تحديد الوضع النهائي للإقليم.

لقد استقبل الشعب الصحراوي البيان الأمريكي الجديد بالكثير من الاستنكار، لكننا نعيد التأكيد على تمسكنا بحقوقنا الثابتة واستعدادنا لمواصلة الكفاح والمقاومة لإقرارها.

لقد تمت تجربة كل الحلول والتصورات من أجل الالتفاف على حق شعبنا طيلة ال50 سنة الماضية وكلها باءت بالفشل، لأن مروجيها وداعميها كانوا يراهنون على قصر نفس الشعب الصحراوي في المقاومة، وقد أثبت الزمن، كما يقول الممثل السابق لجبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة المرحوم “البخاري أحمد”: “إن من يراهن على ذلك لا يعرف طبيعة الشعب الصحراوي جلده وصيره الشديدين المكتسبين من ترويضه لطبيعة الصحراء القاسية على مدار العصور”.

هل ترون أن هذا التصريح له تأثير وتعزيز لموقف فرنسا الأخير على قرارات الأمم المتحدة؟ إلى حد الساعة ما زالت تلك المواقف سواء الموقف الأمريكي أو الفرنسي أو الاسباني هي مواقف فردية لبعض الدول ولا يعتد بها على مستوى الدبلوماسية المتعددة الأطراف، ومواقف جميع المنظمات والتكتلات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة.

هذه الأخيرة لا تستطيع، لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد، تغيير طبيعة النزاع والطرق القانونية لتسويته والتي تمر حتما عبر استشارة الشعب الصحراوي المالك الحصري للسيادة على الإقليم، لأن الأمم المتحدة لا تستطيع الانقلاب على ذاتها ولا على ميثاقها التأسيسي وتقاليدها الراسخة في تصفية الاستعمار.

صحيح أن الظرف الدولي الحالي بالغ التعقيد وأن ثمة رغبة من بعض القوى النافذة في تجاوز قواعد اللعبة، لكن ذلك يبقى محصورا في دائرة السياسات الفردية لبعض الدول، نلاحظ أن تلك الدول تحاول فرض أمر واقع معين في فلسطين اليوم، لكن على مستوى الأمم المتحدة القضية الفلسطينية تجنى مكاسب مرموقة بفضل مواقف العديد من الدول، على رأسها الجزائر التي لا تريد إعطاء ختم الأمم المتحدة لبعض القوى لتشريع أوضاع غير قانونية وتجاز حقوق الشعوب المشروعة.

كانت المفوضية الأوروبية قد أيدت الحكم القضائي الذي يفرض وسم المنتجات الصحراوية بعيدا عن الوسم المغربي، حتى لا يقع التباس في السوق الأوروبية.

هل هذا القرار سيتأثر بما صرح به رئيس فرنسا وأمريكا؟ لحسن الحظ ما زالت ثمة بعض المؤسسات القانونية الدولية التي تقاوم ضغوط القوى النافذة وتنتصر للحق.

لاحظنا ذلك من خلال مواقف محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بفلسطين، وموقف محكمة العدل الأوروبية التاريخي فيما يتعلق بالصحراء الغربية، من خلال إلغائها للاتفاقيات الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بسبب خرقها لقرارات المحكمة السابقة، خاصة ما يتعلق منها بالعنصرين الرئيسيين:أولهما: أن الصحراء الغربية والمملكة المغربية إقليمان متمايزان ومنفصلان، والمغرب لا يمتلك أي نوع من السيادة لتوقيع اتفاق يشمل أرض مياه أو أجواء الصحراء الغربية.

ثانيهما: هو شرط الحصول على موافقة الشعب الصحراوي بشكل أصلي قبل توقيع أي اتفاق يشمل ثرواته الطبيعية.

هذا القرار الصادر يوم 04 أكتوبر 2024، تضمن كما أشرتم إقرارا بضرورة وسم جميع المنتجات المستوردة من الصحراء الغربية إلى السوق الأوربية بوسم الصحراء الغربية EH وليس بوسم المغرب MA كما هو الحال الآن.

لقد تعرض المستهلك الأوروبي طيلة السنوات الماضية لعمليتي تحايل ومغالطة كبيرتين وحان وقت تطبيق القانون.

والحقيقة، فإن قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر يوم 28 يناير 2025، لم يقم بتأكيد الحكم والتشديد على ضرورة تطبيقه والالتزام به، لكنه لم يشر أيضا من قريب ولا من بعيد لرسالة الرئيس الفرنسي “ماكرون” في الاعتراف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.

وهو ما يعني أنه موقف شخصي لرئيس معين ولا يعني الدولة الفرنسية في شيء.

ولو كانت ثمة إمكانية للتأثر لتأثر مجلس الدولة الفرنسي بقرار “ماكرون”، ما حصل هو العكس تماما.

القانون الدولي مازال هو النجمة القطبية لتلك المؤسسات بالرغم من رغبة بعض الرؤساء لحسابات ذاتية في الدوس على القانون وتجاوزه.

النائب الجمهوري “جو ويلسون” يعلن عبر حسابه الرسمي على منصة X عن شروعه في تقديم مشروع قانون أمام الكونغرس الأمريكي لتصنيف تنظيم البوليساريو، منظمة إرهابية.

كيف سيكون مستقبل القضية الصحراوية؟في الحقيقة هذه ليست هي المرة الأولى التي يقوم فيها المغرب باتهام جبهة البوليساريو ومحاولة ربطها بالإرهاب.

هدف ثابت في السياسة الدعائية للمغرب وليس فقط بالإرهاب، بل بكل ما يمكنه التأثير على صورتها ضمن السياقات الدولية المتحولة، ماركسيين أيام الحرب الباردة، خمينيين أيام انتصار ثورة الإيرانيين…… الخ.

خلال ماي – أيار سنة 2018 وفي افق التحضير لاتفاقيات أبراهام وبعيد الزيارة الأولى لوزير خارجية المغرب “بوريطة” الأولى إلى “تل أبيب”، صرح بوجود علاقة مباشرة بين حزب الله وجبهة البوليساريو وبأن خبراء من الحزب يدربون مقاتلي الجبهة.

حينها، تحدينا، وما زلنا، أن يأتي المغرب بأي دليل على ادعاءاته.

تماما كما هو الحال مع إشاعة وجود مقاتلين للبوليساريو في دمشق الأشهر الأخيرة والتي لم يأت المغرب بأي دلیل، مجرد ادعاءات فارغة لا أساس لها من الصحة.

المغرب يحاول استغلال ولاية “ترامب” الثانية لربح الممكن من المكاسب، وهو يلجأ للنفخ في تلك الإشاعات داخل أمريكا من خلال بعض المقالات الصحفية ومبادرات من طرف عضو الكونغرس ويلسون معروف بولائه المغرب.

البوليساريو تنفي بأشد العبارات تلك الاتهامات وتتحدى أيا كان إقامة أي دليل على ذلك، نحن حركة تحرير وطنية، هدفنا هو تمكين شعبنا من حقه في تقرير المصير والاستقلال باستعمال القانون وضمن الاحترام المطلق للشرعية الدولية.

المشروع الذي ينوي النائب الأمريكي تقديمه، يأتي ضمن خطة دعائية مغربية على محورين المحور الأول لانتزاع اعتراف بالسيادة للتأثير على وضع الإقليم القانوني.

والثاني هو التأثير على صفة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد لشعب الصحراوي من خلال محاولة إلصاق التهم وتشويه صورته الدولية.

ليس في الأمر جديد بالنسبة لنا، وهذا جزء من الحرب والمقاومة التي نخوض، ومثلما انتصرنا في الماضي سننتصر في المستقبل بحول الله، إقرار العدالة وإحقاق الحقوق قد يستغرق الوقت أحيانا الكثير من الوقت، لكن في النهاية قضايا الشعوب تنتصر، لقد علمنا التاريخ ذلك وأبرز دروسه الجزائر نفسها.

برأيكم، لماذا انزاحت أمريكا للموقف المخزني المعادي للقوانين الأممية والأعراف الدولية؟ كما أسلفت، الأمر لم يكن مفاجئا بالنسبة لنا، بالمناسبة الولايات المتحدة الأمريكية كانت ومازالت حليفة للمغرب منذ الغزو العسكري سنة 1975 إلى يومنا هذا، مع فرق فقط في درجة الحماس لدعم الموقف المغربي خاصة خلال ولاية “باراك أوباما” حين كانت الإدارة الأمريكية قاب قوسين أو أدنى من فرض توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان أبريل سنة 2013.

والحقيقة فإن التحول الراديكالي في موقف الولايات المتحدة المعبر عنه في البيان الصادر عن كتابة الدولة في ختام استقبال كاتب الدولة “روبيو” لنظيره المغربي يوم 08 أبريل الجاري، ليس سوى تجديدا لموقف “دونالد ترامب” ديسمبر سنة 2020، في نهاية ولايته الأولى، السبب يتعلق بالشرق الأوسط واتفاقات ابراهام ونية تصفية القضية الفلسطينية ولا علاقة له بشمال أفريقيا ولا بالصحراء الغربية.

ولو تمعنت “إدارة ترامب” في السياق المتوتر الحالي في منطقة شمال إفريقيا وحالة الاحتقان في منطقة الساحل، حيث تعد سياسات المغرب سببا مباشرا فيها لكان قد أجرى تقييما مسؤولا آخر بالنظر إلى ما قد يترتب عن هذا الموقف من تداعيات مباشرة، وتشجيع للمغرب على المضي في سياساته التوسعية والتي تعد السبب الأكبر لعدم تمكن شعوب المنطقة من الاتحاد والتكامل والتوجه للمستقبل بآفاق أكثر إيجابية.

وعموما نحن في جبهة البوليساريو، قد لا نريد من الولايات المتحدة ولا غيرها دعم موقفنا بشكل مباشر كل ما نريده هو دعم الشرعية والقانون الدولي واحترام قواعد اللعبة التي تعتبر الضمانة الوحيدة للأمن والسلام الدوليين.

بعض الدول الأفريقية أعلنت رفضها لما جاء على لسان “ترامب” بشأن القضية الصحراوية.

في ظل التغيرات الحاصلة بالقارة السمراء، هل سيكون هناك تغير في مسار القضية الصحراوية في أروقه الاتحاد الأفريقي؟ غالبية الدول الافريقية هي نتاج دول وطنية، ولدت كتتويج لمسار تحرر وطني ضد الاستعمار، وهذا ما يفسر استمرار دعم غالبيتها لكفاح الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير وتمسكها بالجمهورية الصحراوية كعضو مؤسس للاتحاد الأفريقي، فاعل وبإسهامات إيجابية في المنظمة القارية.

هذا الموقف لم تعبر عنه الدول بشكل فردي، بل عكسه أيضا القرار التاريخي الصادر عن المحكمة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب، سبتمبر 2022، والذي أكد على عدالة كفاح الشعب الصحراوي لاستكمال السيادة على الجزء المحتل من طرف المغرب داعية الشعوب والدول الإفريقية إلى نصرة كفاح الشعب الصحراوي والامتناع عن اتخاذ أية خطوة قد تؤثر سلبا على مسيرته نحو الاستقلال.

لقد تصور المغرب أن انضمامه إلى الاتحاد الأفريقي، يناير 2017، سيمكنه من التأثير على موقع الجمهورية الصحراوية من الداخل، النتيجة بعد ثماني (8) سنوات هي أن السجر قد انقلب على الساحر في العديد من المناسبات وأبرزها قمم الشراكة الدولية للاتحاد مع المنظمات الدولية الأخرى، وآخرها قمة التيكاد بطوكيو غشت 2024، حيث عكس إعلان القمة تمسك الدول الافريقية بوجود الجمهورية الصحراوية ومشاركتها الفعالة في المسار.

ومنه، لا خوف على القضية الصحراوية داخل الاتحاد الأفريقي في المستقبل المنظور.

أمام كل ما يحدث، ما محل المسؤولية الإسبانية في القضية؟ كما تعرفون، إسبانيا هي القوة الاستعمارية السابقة وهي أصل وسبب نشوب النزاع منذ البداية واستمراره إلى اليوم، بسبب انسحابها من الإقليم دون تنظيم استفتاء تقرير المصير واستكمال تصفية الاستعمار منه، كما كانت قد وعدت الأمم المتحدة والشعب الصحراوي.

مسؤولية إسبانيا مركبة إزاء الشعب الصحراوي وإقليم الصحراء الغربية مسؤولية تاريخية أخلاقية وقانونية، فهي إلى اليوم تعتبر في نظر القانون الدولي القوة المديرة لإقليم الصحراء الغربية، وهو وضع تترتب عنه مسؤوليات كبيرة.

للأسف الشديد الحكومات الإسبانية المتعاقبة، وبدلا من تصحيح الخطأ التاريخي كما فعلت البرتغال مع مستعمرتها السابقة في تيمور الشرقية، ما زالت تختار الرضوخ للابتزاز المغربي وتضحي بحقوق الشعب الصحراوي خدمة المصالح ظرفية وضيقة.

للأسف الشديد، إسبانيا كانت هي أول من أحدث خرقا في جدار الموقف الأوروبي من خلال رسالة رئيس الحكومة الإسباني “بيدرو سانتشيت” إلى ملك المغرب مارس – آذار 2022، والتي أعلن فيها صراحة عن دعم مقترح المغرب للحكم الذاتي، وهو ما جعل بعض الدول الأوربية بصيغ مختلفة وأقل وضوحا، عن مواقف في نفس الاتجاه.

إسبانيا لا تستطيع التخلي عن مسؤولياتها بشكل أحادي الجانب، ومحاولتها إفراغ النزاع من طبيعته السياسية والقانونية الجوهرية، من خلال تغليب الانشغال الإنساني هو رهان فاشل مسبقا.

لماذا يتم تجاهل ورفض مقترح الاستفتاء الصحراوي حول تقرير المصير؟ بكل بساطة، لأن المغرب يعرف أن نتيجته ستكون تصويت الشعب الصحراوي على خيار الاستقلال.

وبما أن المغرب يمتلك حلفاء أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي، فقد تم تغيير مسار الجهود الأممي بشكل تدريجي من التوجه نحو الهدف الأصلي، بموجب الاتفاقات الموقعة بين الطرفين سنة 1991 والقاضية بتنظيم الاستفتاء، إلى وجهة أو وجهات أخرى لن تؤدي إلى أي حل عادل ونهائي للنزاع.

لقد تمكنت الأمم المتحدة منذ سنة 1991 إلى غاية سنة 1999، وبالرغم من توقف المسار مرات عديدة بسبب العرقلة المغربية من إنجاز أكثر من 80% من العملية المتعلقة بالتحضير للاستفتاء، بما فيها تحديد هوية المصوتين.

ولو كانت ثمة إرادة حقيقية داخل المجلس لتم الدفع بجدية لاستكمال المهمة.

لكن المجلس وتحديدا منذ استقالة “جيمس بيكر” صيف 2004 اختار مقاربة تسيير وتصريف النزاع بدلا من حله”، وهو ما يخدم أجندة الاحتلال التي تراهن على الوقت وربح المزيد منه لاستكمال مشاريعها في الاحتلال عسكريا ديمغرافيا واقتصاديا للإقليم.

مع ذلك يبقى الاستفتاء هو السبيل الوحيد لتسوية النزاع بشكل قانوني تماشيا مع ميثاق الأمم المتحدة.

الطرف الصحراوي كان قد أعرب أكثر من مرة عن قبوله بأن يكون مقترح المغرب خيارا ثالثا أمام الشعب الصحراوي، في استفتاء تقرير المصير للاختيار مع الاستقلال أو الانضمام وهما الخياران الأصليان في خطة التسوية الأممية الافريقية لسنة 1991.

هناك من لا يزال لا يعرف جيدا المعطيات التاريخية الخاصة بالقضية الصحراوية، هل يمكنكم تقديم ملخص لها ؟ باختصار الصحراء الغربية، هي آخر إقليم افريقي مسجل على لائحة الأقاليم ال17 المعنية بتصفية الاستعمار، وحيث يخوض الشعب الصحراوي مقاومة وطنية ضد الاحتلال العسكري المغربي من أجل تقرير المصير والاستقلال.

لقد راهن المغرب خلال بداية الغزو سنة 1975 على إبادة الشعب الصحراوي عسكريا، لكن صمود الشعب وبسالة المقاتل الصحراوي أجبرت الاحتلال على التسليم وقبول استفتاء تقرير المصير ووقف اطلاق النار ونشر بعثة أممية لتنظيمه سنة 1991.

مع مرور الوقت وتأكد المغرب من استحالة ربح الاستفتاء، أعرب عن رفضه وقدم سنة 2007 مقترحا للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما يرفضه الشعب الصحراوي وحلفاؤه ولم تقبله جميع المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة.

اليوم، الشعب الصحراوي منخرط في مقاومة وطنية شاملة عسكرية مدنية ودبلوماسية إلى غاية تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس