أفريقيا برس – الصحراء الغربية. عادت كولومبيا مع الرئيس الجديد، وبعد قرابة ثلاثة عقود لتعترف مجددا بالدولة التي أعلنتها جبهة البوليساريو. ويشكل الاعتراف تحديا للدبلوماسية المغربية في منطقة أمريكا اللاتينية التي تشهد عودة اليسار إلى السلطة.
وتشهد كولومبيا ثورة سياسية مع وصول أول رئيس يساري إلى الحكم في تاريخ البلاد، وهو غوستافو بيترو أوريغو الذي جرى تنصيبه رسميا رئيسا بداية الأسبوع الجاري. ومن ضمن أولى القرارات التي اتخذها مباشرة بعد وصوله إلى الرئاسة، استئناف العلاقات المجمدة مع جبهة البوليساريو والاعتراف بها “كدولة”.
وكانت كولومبيا قد اعترفت بجبهة البوليساريو كدولة سنة 1985 عندما كانت هناك موجة من الاعترافات بهذه الحركة في نهاية السبعينات والثمانينات، غير أنها أقدمت لاحقا على تجميد الاعتراف، بل تحولت كولومبيا إلى مدافع عن موقف المغرب من نزاع الصحراء الغربية.
ويعد نزاع الصحراء ضمن الملفات التي تشهد تغيرا في دول أمريكا اللاتينية بسبب التغيرات الحاصلة في نوعية الأحزاب التي تصل إلى السلطة، عندما يصل اليسار يعترف بالبوليساريو كدولة، وعندما يفوز اليمين يقدم على تجميد الاعتراف باستثناء المكسيك التي منذ اعترافها لم تسحبه أو تجمده.
وأكدت وزارة الخارجية الكولومبية في بيان لها الأربعاء، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع جبهة البوليساريو بصفتها “دولة”، واعتمدت على الاعتراف الذي كان حدث يوم 27 فبراير/ شباط 1985، ثم جرى تجميده لاحقا. وبهذا، تكون كولومبيا قد اتبعت طريقة بوليفيا التي سحبت الاعتراف بالبوليساريو كدولة خلال يناير 2020 عندما وصل إلى السلطة اليمين، لكن بمجرد عودة اليسار إلى الرئاسة، أعاد الاعتراف يوم 16 سبتمبر 2021.
وتكرر السيناريو نفسه مع البيرو التي اعترفت خلال سبتمبر الماضي بالبوليساريو كدولة، وذلك بعد وصول اليسار إلى السلطة ممثلا في بيدرو كاستيو. بدورها أعادت هندوراس الاعتراف بالبوليساريو كدولة خلال فبراير الماضي مع وصول الرئيسة اليسارية إيريس كسيومارا كاسترو إلى رئاسة البلاد.
وتشكل عودة اليسار إلى السلطة في دول أمريكا اللاتينية تحديا كبيرا للدبلوماسية المغربية، التي كانت ترغب في تقليل الاعتراف بجبهة البوليساريو كدولة، ولهذا كان المغرب قد وقف إلى جانب أحزاب يمينية مثل الحركة التي ينتمي إليها خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا، قبل أن يفشل في مساعيه للوصول إلى السلطة، ثم الوقوف إلى جانب اليمين في بوليفيا.
ووصل اليسار إلى الحكم في التشيلي التي من الدول التي تحتفظ بموقف وسط بين المغرب وجبهة البوليساريو، وتؤكد على استمرار دعمها لمساعي الأمم المتحدة، غير أن الرئيس الجديد غابرييل بوريك وهو من اليسار الراديكالي، يتعرض لحملة ضغط قوية من عدد من السياسيين والمثقفين للاعتراف بالبوليساريو كدولة. ويعد الرئيس بوريك من المتعاطفين مع جبهة البوليساريو، ولا يمكن استبعاد كسره التقليد المتبع والإقدام على الاعتراف.
وتراهن جبهة البوليساريو بدعم كبير من الجزائر على محاولة استمالة البرازيل إلى الاعتراف مع العودة المرتقبة للولا دا سيلفا إلى رئاسة البلاد خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكان البرلمان في عهد سيلفا قد طالب بالاعتراف بجبهة البوليساريو، لكن الرئاسة البرازيلية فضلت الاستمرار في دعم الأمم المتحدة.
وبعد سحب عدد من الدول الإفريقية اعترافها بجبهة البوليساريو كدولة، بل فتحت قنصليات في مدينة الداخلة أو العيون في الصحراء الغربية، تبقى منطقة أمريكا اللاتينية المعقل الجديد لجبهة البوليساريو، حيث تحظى باعتراف عدد من الدول مثل المكسيك وبنما وفنزويلا وكوبا والدول التي انضمت مؤخرا مثل كولومبيا وهندوراس وبوليفيا والبيرو.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس