“الجبهة بالأمم المتحدة تفند ادعاءات الاحتلال”

1
"الجبهة بالأمم المتحدة تفند ادعاءات الاحتلال"

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. بعث اليوم عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، رسالة إلى السفير إيفانجيلوس سيكريس، الممثل الدائم لليونان لدى الأمم المتحدة والرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي، فند فيها بالأدلة الموثقة الادعاءات الكاذبة والمضللة التي تضمنتها رسالة ممثل دولة الاحتلال المغربي الأخيرة لمجلس الأمن.

وفيما يلي النص الكامل للرسالة التي توصلت وكالة الأنباء الصحراوية بنسخة منها:

نيويورك، 15 ماي 2025

سعادة السيد إيفانجيلوس سيكريس

الممثل الدائم لليونان لدى الأمم المتحدة

رئيس مجلس الأمن

سعادة السفير،

أود أولاً أن أهنئكم على توليكم رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر وأن أتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم.

تلقى مجلس الأمن مؤخراً رسالة من الممثل المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة يقدم فيها، كالعادة، نفس الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة بشأن قضية الصحراء الغربية. إن هذه الادعاءات ليست سوى إهانة لعقول الدول الأعضاء.

كما أوضحنا من خلال الأدلة الموثقة في رسائل سابقة، بما في ذلك (S/2023/219) و (S/2023/456) و (S/2024/520) و (S/2024/682)، من بين رسائل أخرى، فإن الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال لا أساس لها من الصحة إطلاقاً لدرجة أنها لا تستدعي الرد. ومع ذلك، من أجل إظهار الحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، سنلقي نظرة فاحصة على هذه الادعاءات لنثبت مرة أخرى أنها كاذبة ومضللة بنفس القدر.

1 – اللاجئون الصحراويون شردوا قسراً بسبب احتلال المغرب غير الشرعي لوطنهم في عام 1975

اعترض ممثل دولة الاحتلال المغربي في رسالته على إثارة قضية الصحراء الغربية خلال إحاطة قدمها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى مجلس الأمن. كما قام ممثل دولة الاحتلال باجترار نفس الادعاءات حول اللاجئين الصحراويين، بما في ذلك الادعاء المتكرر ب “اختلاس المساعدات الإنسانية”، بل إنه أدعى أن اللاجئين الصحراويين “ليسوا مشردين قسراً”.

الصحراء الغربية مدرجة في جدول أعمال مجلس الأمن منذ أكتوبر 1975. وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (2016)، فإن الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين الصحراويين “هو من أطول حالات اللاجئين أمداً في العالم”. ولذلك فليس من غير المألوف أن تُثار حالة اللاجئين الصحراويين في إحاطة تقدمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى مجلس الأمن.

من المعلوم جيدا أن الصحراويين أصبحوا لاجئين ليس بسبب أي كارثة طبيعية، ولكن في المقام الأول لأن دولة الاحتلال المغربي أخرجتهم بالقوة من وطنهم عندما غزت واحتلت الصحراء الغربية عسكرياً في أكتوبر 1975 وقصفت المدنيين بقنابل النابالم والفوسفور الحارقة المحظورة دولياً وألحقت الدمار بسبل عيشهم.

ونظرا لعدم وجود أي أدلة موثوقة لديه، يستند ممثل دولة الاحتلال على تقرير مشكوك فيه إلى حد كبير، وهو ما يسمى ب “تقرير OLAF” لعام 2007، والذي لم ينشره لا المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال ولا الاتحاد الأوروبي. وكما اتضح فيما بعد، كان هذا “التقرير” جزءا من حملة دبرتها دولة الاحتلال لاستخدام المساعدات الإنسانية كأداة في حربها الشاملة ضد الشعب الصحراوي.

تعمل وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف، فضلا عن المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، في مخيمات اللاجئين الصحراويين منذ عقود، ولم يدعم أي منها أبداً الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال. وقد أعلن الاتحاد الأوروبي، وهو أحد المانحين الموجودين في مخيمات اللاجئين الصحراويين، عن موقفه في هذا الصدد في عدة مناسبات.

فعلى سبيل المثال، في إجابته (E-004803/2020) التي قدمها في 18 نوفمبر 2020 نيابةً عن المفوضية الأوروبية، أشار السيد لينارتشيتش إلى أن “المفوضية ليست على علم بإساءة استخدام المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين الصحراويين.” إن تصريح الاتحاد الأوروبي غني عن البيان ولا يحتاج إلى مزيد من التعليق.

إن الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة التي قدمها ممثل دولة الاحتلال بشأن اللاجئين الصحراويين لا يمكن أن تخفي حقيقة أن الصحراويين في الصحراء الغربية المحتلة يعيشون في أكبر سجن على وجه الأرض حيث يتعرضون يومياً للقمع الوحشي من قبل قوات الاحتلال المغربية بعيداً عن مراقبة المجتمع الدولي بسبب التعتيم الإعلامي المفروض على الإقليم.

إذا لم يكن لدى دولة الاحتلال المغربي ما تخفيه فلماذا تستمر في منع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من زيارة الصحراء الغربية المحتلة للسنة التاسعة على التوالي (S/2024/707)، الفقرة 72) وعلى الرغم من دعوات مجلس الأمن المتكررة لدولة الاحتلال لتسهيل مثل هذه الزيارات (S/RES/2756 (2024)، من بين قرارات أخرى)؟

لماذا تستمر دولة الاحتلال في منع دخول الصحفيين الأجانب والمراقبين المستقلين وترحيل من يتمكن منهم من دخول الصحراء الغربية المحتلة؟

إن الجواب واضح: فدولة الاحتلال المغربي تخشى أن يعرف العالم الفظائع والجرائم البشعة التي ترتكبها قواتها القمعية ضد الصحراويين في الصحراء الغربية المحتلة والجحيم الحقيقي الذي يعيشون فيه تحت الاحتلال منذ عام 1975.

2 – الصحراء الغربية إقليم غير محكوم ذاتياً ويحتله المغرب بشكل غير شرعي و”اتفاقية مدريد” ليس لها أي أثر قانوني على الوضع الدولي للإقليم

يدعي ممثل دولة الاحتلال في رسالته أن “احتلال الصحراء انتهى بعودة” الإقليم إلى “المغرب بموجب اتفاقات مدريد المبرمة في نوفمبر 1975، التي أحاطت الجمعية العامة علماً بها في قرارها 34/58 باء المؤرخ ديسمبر 1975.”

ومن المثير للاهتمام أن ممثل دولة الاحتلال يبدو أنه يتذكر الدرس الذي تعلمه من رسالتنا السابقة (S/2024/520) التي كشفنا فيها تحريفه المتعمد لقرار الجمعية العامة 3458 باء (د-30)، عندما ادعى زوراً أن الجمعية العامة “أيدت” (“entériné” في بيانه الأصلي بالفرنسية) “اتفاقية مدريد”. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين عليه أن يتعلمه لكي يتوقف عن نشر ادعاءات لا أساس لها من الصحة بشكل واضح والتي تشكل استخفافاً بعقول الدول الأعضاء.

من الحقائق الراسخة أن الجمعية العامة لم “تؤيد” أو “تصادق” قط على “اتفاقية مدريد”، ولم تعتبر أبداً أن الاتفاقية قد أثرت على الوضع الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً طبقا لقرار الجمعية العامة 742 (د-8) المؤرخ 27 نوفمبر 1953 والقرارات ذات الصلة. إن الرأي القانوني الذي أصدره نائب الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني، في 29 يناير 2002، بناء على طلب مجلس الأمن، واضح تماماً بشأن هذه المسألة.

فقد أكد المستشار القانوني، هانس كوريل، في رأيه القانوني، أن “اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم، ولم تمنح أياً من الموقعين وضع الدولة القائمة بالإدارة—وهو وضع لم يكن بإمكان إسبانيا وحدها أن تنقله من جانب واحد. ولم يؤثر نقل السلطة الإدارية على الإقليم إلى المغرب وموريتانيا في عام 1975 على الوضع الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً” (S/2002/161، الفقرة 6).

وإذا كان احتلال الصحراء الغربية قد “انتهى” بموجب ” اتفاقية مدريد” المبرمة في 1975، كما يدعي ممثل دولة الاحتلال، فلماذا تُبقي الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية وكذلك مجلس الأمن قضية الصحراء الغربية قيد نظرهم “كمسألة إنهاء استعمار” في حالة الجمعية العامة و”كمسألة سلام وأمن” في حالة مجلس الأمن ((A/79/229)، الفقرة 2)؟

وإذا كان احتلال الصحراء الغربية قد “انتهى” بموجب “اتفاقية مدريد” المبرمة في 1975، فلماذا شجبت الجمعية العامة بشدة “استمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية” في قراريها A/RES/34/37 لعام 1979 و A/RES/35/19 لعام 1980؟

لماذا أنشأ مجلس الأمن، بتصويت أعضائه بالإجماع وتحت سلطته، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في عام 1991 لإجراء استفتاء “لتمكين شعب الصحراء الغربية، وممارسةً منه لحقه في تقرير المصير، من الاختيار بين الاستقلال أوالاندماج مع المغرب؟” (S/21360، الفقرة 1)؟

لم يستطع ممثل دولة الاحتلال أبداً الإجابة على أي من هذه الأسئلة المباشرة التي تبين عبثية “الحجة” برمتها التي تحاول دولة الاحتلال على أساسها “تبرير” احتلالها غير الشرعي للصحراء الغربية، الذي يتواصل منذ عام 1975 في انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

3 – لقد قبلت دولة الاحتلال رسمياً استفتاء تقرير المصير في عام 1988 ثم تراجعت عنه خوفاً من خسارة الاستفتاء

لا يفوت ممثل دولة الاحتلال أبدا فرصة لإعلان معارضة بلاده للاستفتاء الذي قبلته رسمياً في أغسطس 1988 بقبول “مقترحات التسوية” المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية التي تشكل جوهر ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو).

وتكفي هنا الإشارة إلى البيان الذي أدلى به الملك الحسن الثاني، ملك المغرب، في 27 سبتمبر 1983، أمام الدورة الثامنة والثلاثين للجمعية العامة، عندما أعلن كما هو مُسجل رسمياً: “أن المغرب يبلغكم بأنه مستعد لإجراء الاستفتاء ابتداء من الغد إذا ما أردتم ذلك. والمغرب مستعد لتقديم جميع التسهيلات لجميع المراقبين، من حيثما أتوا، لكي يتحقق وقف إطلاق النار وحتى تجري استشارة عادلة ومنصفة وموثوقة. وأخيراً، يتعهد المغرب رسمياً وعلناً بأن يعتبر نفسه ملزماً ومرتبطاً بنتائج ذلك الاستفتاء (A/38/PV.8، الفقرة 26).

لا يمكن لممثل دولة الاحتلال المغربي أن ينكر أن ملكه السابق ألزم بلاده بالاستفتاء وتعهد رسمياً بقبول نتائجه. ولا يمكنه أن ينكر أيضا أن بلاده نكثت بعد ذلك بالتزامها و”أعربت عن عدم رغبتها في المضي قدما في خطة التسوية” (S/2002/178، الفقرة 48) كما أفاد الأمين العام نفسه في عام 2002.

لقد أوضح وزير الخارجية الأمريكي السابق، جيمس بيكر الثالث، الذي شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية من عام 1997 إلى عام 2004، سبب تراجع دولة الاحتلال المغربي عن التزامها بالاستفتاء. ففي مقابلة مع قناة PBS في 19 أغسطس 2004، قال جيمس بيكر الثالث: “كلما اقتربنا من تنفيذ خطة التسوية… كلما زاد قلق المغاربة، في اعتقادي، من احتمال عدم فوزهم في الاستفتاء.”

ولذلك ينبغي لممثل دولة الاحتلال أن يتوقف عن محاولة “تبرير” معارضة بلاده للاستفتاء الذي قبلته رسمياً. فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية لم يُنظم بعد، ليس بسبب قضايا تتعلق “بتسجيل الناخبين”، ولكن فقط لأن دولة الاحتلال المغربي تخشى نتيجة الاستفتاء. هذا هو السبب بكل بساطة.

يشير ممثل دولة الاحتلال إلى “المبادرة” المغربية الاستعمارية لعام 2007 التي تمثل أحدث تطور في حملة مستمرة تشنها دولة الاحتلال لتعطيل تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وحرمان الشعب الصحراوي من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

في الواقع، ما يُسمى “المبادرة” ليس سوى مهزلة تسعى من خلالها دولة الاحتلال إلى تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالقوة الغاشمة أو عبر صناديق الاقتراع. لذلك، لا يمكن أبداً للدول التي تحترم نفسها والملتزمة التزاماً حقيقياً بالمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي قبول، ناهيك عن تأييد، هذه “المبادرة” الاستعمارية، التي يجب إدانتها بكل صراحة ووضوح.

وفي الختام، وكما أثبتنا أعلاه بالأدلة الموثقة، فإن الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال المغربي في رسالته الأخيرة إلى مجلس الأمن هي ادعاءات لا أساس لها من الصحة ومضللة بنفس القدر. وإذا كان يعتقد أن تكرار نفس الأكاذيب سيجعل الناس يصدقونها في النهاية، فإنه لا يخدع إلا نفسه والجمهور الذي اعتاد خداعه بحركاته المسرحية.

وأرجو ممتنا إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.

وتفضلوا، سعادة السفير، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.

الدكتور سيدي محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو

الدكتور سيدي محمد عمار

ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو. (واص)

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية عبر موقع أفريقيا برس