أفريقيا برس – الصحراء الغربية. في بادئ الأمر يجب علينا أن نتفق أن الانتساب إلى مؤسسة جيش التحرير الشعبي الصحراوي لا يعني تأدية الخدمة العسكرية فحسب، بل هو الانخراط الفعلي في صفوف جيش التحرير وإعطاء الأولوية لهذه المؤسسة، عقيدة وفكراً وإيماناً، وتواجد صارم وترويض للنفس على قواعد وقوانين هذه المؤسسة العظيمة.
قد يخال للبعض أن الجيش الصحراوي عاجز، وأنه يحتاج إلى من يقف معه من حلفاء وأصدقاء كي يحقق المراد منه؛ كما أن البعض الآخر يظن أن المؤسسة العسكرية الصحراوية مجرد دُفع مقاتلين تجوب الأودية والسهوب وتمارس هواية الأقصاف ما وراء الجدار، ويظن آخرون أن هذه المؤسسة مؤسسة تقليدية كلاسيكية ذات الفكر السبعيني المنتهي الصلاحية!، والعجيب أن كل هؤلاء مجرد أشخاص عاديين لا علاقة لهم بواقع الجيش الصحراوي ودهاليز صناعة القرار فيه واستراتيجيات الدفاع والهجوم والتطوير والابتكار التي يمتلكها.
إن إسقاط التجارب الأجنبية على جيش التحرير الشعبي الصحراوي، إسقاط “أعور”، لا يمت بصلة إلى الواقع والتحديات التي يواجهها جيشنا الباسل، لا الحوثيين ولا طالبان، ولا حتى حركات الجهاد الاسلامي في فلسطين برمتها تشبه حالة الجيش الصحراوي من حيث طبيعة الأرض ومواقع تواجد العدو والمواجهة المباشرة من وراء جدار ملغم، والكثير من التعقيدات الميدانية التي لا مثيل لها.
كما أن شكل المعركة وتخطيطها عند الجيش الصحراوي، لا مثيل له، بل إن الأسلوب المعتمد عندنا لا يشبه أساليب الحركات الأخرى والجيوش التي تخوض حروب العصر الكلاسيكية والتي تعتمد على الدفاعات الجوية والأسلحة الهجومية والصواريخ المتنوعة وأنظمة الدفاع الجوي السيادية والطيران الحربي، في حين أن الجيش الصحراوي يعتمد على الحركة الخفيفة والأسلحة الهجومية المتوسطة والكر والفر والهجوم الخاطف والمبادرة بالهجوم واستنزاف العدو نفسياً ومادياً وخرق الجدار والدخول نحو مناطق نفوذ العدو.
لذا الجيش الصحراوي ليس عاجزاً، بل هو جيش يدرس وينفذ وفق متطلبات الواقع المفروض عليه واستراتيجيات العدو الدفاعية، والتي لا مثيل لها عبر العالم، ويشكل العنصر البشري فيها حجر الزاوية من خلال تعويض القتلى بعناصر جديدة؛ ولكن يظل الجيش الصحراوي قادر في كل الحالات على صناعة الفارق، لأنه اكتسب خبرة التعامل مع هذه الظروف وابتكر أساليب خاصة تمكنه من إدارة المعركة والحرب بشكل عام.
الجيش الصحراوي ليس عاجز، وهو مؤسسة قادرة على تسيير شؤونها، يبتكر يخترع ويهندس ويجرب يوميا ابتكاراته ويصنفها حسب الحاجة والأهمية والأداء والمنفعة والفاعلية على الميدان، لا في الصور والافتراض، الجيش مؤسسة وليس مجموعة بشرية كما يتخيل البعض، ومؤسسة لها هيكلتها الخاصة والمتميزة والفريدة والتي تشكل في الحقيقة معجزة تحتاج إلى التأمل والتفكير، لأن الذين يشرفون على الجانب الخفي منها أناس لم يسعفهم الحظ للتعلم، لكنهم أصبحوا مدارس عسكرية متفردة تسير على قدميها بصمت ووقار.
الجيش الصحراوي ليس عاجز، بل هو الوحيد القادر بيننا على صناعة الفارق ومن دون حاجة إلى أي كان، جيش يبني قدراته بنفسه وفق متطلبات مراحل كفاحه الوطني وبأيادي أبنائه اللذين صنعوا المجد من العدم، وجعلوا العالم يدرس التجارب الصحراوية الفريدة، والتي خرجت للنور من هنا، من مؤسسة الشرف.
الجيش الصحراوي ليس عاجز، بل هو جيش يبني مقدراته بنفسه، من دون نقل أفكار، الغير لأنه ليس كالغير، بل هو المدرسة الثورية المرجعية لكل حركات التحرر الحالية.
انتصار طالبان الأخير ليس لأنها طالبان، بل لأن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت أن تنهي مرحلة طالت لمدة عشرين سنة حققت خلالها المراد، وهو خلق بيئة ظلام في ذلك البلد المتخلف، وإن هزمت أو خرجت من الحرب، فإن ذلك لا يؤثر قيد أنملة على مصير أكبر قوة في العالم، والحوثيين ليسوا أفضل منا، بل هم يخوضون حرباً بالوكالة ضد “الحلف السّني”، وهي حرب وجودية بالنسبة لإيران والتي تعتبر الداعم الرئيسي لهذه الحركة.
نحن لا نخوض حرباً ضد عدو مصلحي عابر وله غاية محددة ومؤقتة، بل ضد احتلال تمثل أرضنا بالنسبة له البداية والنهاية، وإن انتصرنا انتهى من الوجود، كما أن جيشنا الباسل لا يخوض حرباً بالوكالة عن أي كان، ومن يسانده هم حلفاء وليسوا وكلاء من تحت الطاولة، وفوق كل هذا هو رأس حربة لحركة تحرير وطني حقيقية ووجودية وليست مليشيات تقود حرباً مصلحية أو فانتازيا سياسية تجارية عابرة.
الجيش الصحراوي ليس عاجز، العاجزون هم نحن الذين نجلس هنا خلف الشاشات ننظر وننتقد واقعاً لاندري عنه غير الأخبار المتداولة بيننا عبر شبكات الهواتف الافتراضية.
أحترم كل رأي ينطلق من غيرة ونابع من نية صادقة، ولكن أنصح الرفاق بدراسة هذا الجيش المعجزة والتأمل في قدراته الذاتية والتي تصل إلى مراتب المعجزات.
بقلم: أحمد علين
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس