الصحراء الغربية – افريقيا برس. تنعكس ألوان زجاج النوافذ على أرضية فندق فلسطين المبني منذ أكثر من مئة عامٍ في قلب البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، والذي يسعى الفلسطينيون لتحويله إلى متحف سيضم قطعا أثرية.
تصميم نوافذ الفندق كان بلمسة بريطانية حيث حكمت بريطانيا فلسطين بعد العهد العثماني، وبني الطابق الثاني -الذي كان يحوي الفندق وقتها- عام 1921 فوق محال تجارية مبنية منذ عام 1891 كانت في طريق الزائرين للحرم الإبراهيمي الشريف.
فوق الباب الرئيسي للفندق نقش التاريخ الهجري 1343، في إشارة إلى تاريخ بنائه، كان الفندق مقصدا للتجار الذين سيقيمون في المدينة، ومعظمهم من غزة ممن كانوا يقصدون المدن الفلسطينية المحيطة أو المتجهين إلى الأردن.
تُرك الفندق فترة من الزمان قبل أن تستأجره عائلة من الخليل وتستخدمه مصنعا للأحذية، وتضع فيه معدات خاصة بذلك ما زالت موجودة في أروقة الفندق أثناء زيارتنا له، قبل أن يُهجر لسنوات أخرى طوال بسبب تضييقات الاحتلال والمستوطنين.
وفي إطار عمل لجنة إعمار الخليل التي أعادت تأهيل مناطق سياحية كثيرة وأثرية في البلدة القديمة، وعملت على استحداث مسار سياحي، كان لا بد من وجود متحف تفسيري على هذا المسار.
الخليل مدينة الكرم
لاحظت اللجنة أن الخليل ورغم وجود هذا الفندق وفندق آخر فقط يعرف بفندق “بلاط الرشيد” فيها، فإنه لم تكن هناك حاجة لهما، لأن أهل المدينة يعرف عنهم كرمهم واستقبالهم ضيوفهم ومعارفهم في منازلهم، لذلك تم تسليم الفندق من أصحابه إلى اللجنة للتصرف فيه، التي قررت جعله محطة مهمة في مسارها السياحي وصولا للحرم الإبراهيمي.
رافقنا في المسار مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، وعرفنا على تضييقات المستوطنين وقوات الاحتلال في البلدة القديمة، التي تعمل اللجنة فيها منذ سنوات طويلة للحفاظ على البناء العمراني القديم، وإعادة افتتاح المحال التجارية والمراكز الأثرية.
يقول حمدان للجزيرة نت إنه تم ترميم الجزء الأكبر من الفندق الذي سيكون متحفا قريبا، وتم الحفاظ على بعض المعدات التي كانت بداخله عندما كان مصنعا للأحذية، وتمت إعادة ترميم غرفه وإعادة طلائها، وأبقي على أحد الجدران دون تغيير، وضع عليه إطار خشبي ليبدو وكأنه لوحة فنية، وهو في الحقيقة جزء من جدران الفندق القديمة، وكذلك آثار مصنع الأحذية وطلائها عليها.
ما إن دخلنا المتحف المستقبلي حتى لحقتنا مجموعة من المواطنين المارين، كانوا يسألون بشغف حمدان، الذي بدأ بإدخالهم إلى الغرف التي تم فتح بعضها على بعض، وتركهم يتمتعون بالتحف الفنية المتمثلة في النوافذ وزجاجها الملون، وأرضياتها العتيقة، والمعدات القديمة التي ما زالت فيه.
أخرجنا حمدان إلى شرفة الفندق الرئيسية التي تطل على ما يعرف في الخليل بساحة البلدية، في إشارة إلى مبنى سابق لبلدية الخليل، لا يسمح الاحتلال اليوم بترميمه بسبب مقابلته ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال حيث كان يسير جنوده لحظة خروجنا إلى الشرفة.
ورغم التضييق على سكان البلدة القديمة في الخليل، والسيطرة على كثير من بيوتها أو حتى على سطوح هذه البيوت من قبل المستوطنين، كان لزاما على الفلسطينيين أن يحافظوا على منازلهم ومحالّهم وآثارهم الموجودة فيها، والخروج من محن الحصار والتضييق إلى فرص السياحة واستقبال الزوار في مدينة خليل الرحمن، التي أثرت جائحة كورونا على الزيارات لها.
