الحكومات الاسبانية تتحمل مسؤولية تعثر التسوية في الصحراء الغربية

28

الصحراء الغربية – افريقيا برس. حمل السيد أبا الحيسن، رئيس اللجنة الصحراوية لحقوق الانسان، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية يوم الاثنين، الحكومات الاسبانية المتعاقبة منذ عام 1975 المسؤولية ” القانونية والتاريخية” لاستمرار معاناة الشعب الصحراوي داعيا اسبانيا الى “المسارعة بتصيح الخطأ “عبر الغاء الرسمي لاتفاقية مدريد التقسيمية المشؤومة” .

وقال السيد أب الحيسن، الامين العام السابق لاتحاد الحقوقيين الصحراويين، في حوار مع (واج) حول تطورات القضية الصحراوية – بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للسلام الذي يصادف تاريخ ال 21 سبتمبر من كل عام – ” إن اسبانيا من خلال اتفاقية مدريد المشؤومة سنة 1975 قد تملصت من مسؤوليتها في تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وفتحت المجال أمام النظام المغربي لاحتلال الإقليم في انتهاك فاضح للشرعية الدولية، ولا تزال اسبانيا الدولة المسؤولة عن مصير هذا الإقليم وهي حقيقة ما فتئت جميع قرارات المحاكم الاسبانية والاستشارات القانونية تؤكدها يوما بعد يوم”.

وأضاف المسؤول الصحراوي “إن استمرار معاناة الشعب الصحراوي في ظروف اللجوء القاسية وتعرضه بشكل ممنهج لانتهاكات حقوق الإنسان ونهب ثرواته من قبل الاحتلال المغربي أمام تعنت هذا الأخير، هو نتاج ذلك الاتفاق المشؤوم، وهو ما يجعل جميع الحكومات الاسبانية المتعاقبة منذ 1975 تتحمل المسؤولية وهي حتما مسؤولية لا تسقط بالتقادم”.

وأوضح أن “عدم وجود سلطة إدارية” يمكن أن تكون مسؤولة أمام الأمم المتحدة بشأن قضية حقوق الإنسان وتلك المتعلقة بإنهاء الاستعمار “أدى إلى تعقيد الوضع على الأرض”، مشيرا الى أنه بالرغم من اعلان إسبانيا في 1976 أنها في حل من كل مسؤولية ذات طبيعة دولية تتعلق بإدارة إقليم الصحراء الغربي الا أنها تظل على الرغم من ذلك سلطة قانونية وفقًا للعديد من المحاكم الإسبانية”.

وطالب ابا الحيسن في حواره، الحكومة الإسبانية بتصحيح الخطأ الفظيع جراء تملصها من واجباتها والتزاماتها الدولية معتبرا أنه “آن الأوان للإلغاء الرسمي من طرف الحكومة الإسبانية لاتفاقيات مدريد التقسيمية المشؤومة”.

وقال فى السياق نفسه “أن الحقيقة المؤكدة” هي أن كل من اتفاقية مدريد، تعتبر “باطلة ولاغية قانوناً”، وإعلان إسبانيا التخلي عن مسؤوليتها تجاه إقليم الصحراء الغربية، “لم يغيرا أو يؤثرا على الطبيعة القانونية للصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار”.

تشديد على ضرورة تقرير مصير الشعب الصحراوي

وشدد رئيس لجنة حقوق الانسان الصحراوية في حواره مع (واج) على “الطبيعة القانونية والسياسية” لقضية الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار مثلما تؤكده “بكل وضوح ترسانة من قرارات” الامم المتحدة في هذا الشأن وحث بالمناسبة، اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة على “التمسك بمبادئ القانون الدولي (…) لإتاحة الفرصة لشعب الصحراء الغربية لممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير”.

وانتقد المسؤول الصحراوي من جهة أخرى الامم المتحدة ل “فشلها ” في الوفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها إزاء السلم والأمن الدوليين “على أساس عادل” رغم مرور ثلاثة عقود على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمغرب، ونشر بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)، معربا عن أسفه لعدم قيام المنظمة الدولية بتنظيم الاستفتاء “لسبب رئيسي يتمثل في غياب إرادة سياسية حقيقية لدى مجلس الأمن الدولي وتعنت دولة الاحتلال المملكة المغربية المدعوم من قبل فرنسا”.

وأشار الى أن “بعثة المينورسو قد فشلت إلى حد الآن ليس فقط في تنفيذ ولايتها بل أيضاً في حماية حقوق الإنسان للمدنيين الصحراويين الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت الاحتلال المغربي غير الشرعي”.

وحول التأخر في تعين مبعوث أممي إلى المنطقة لتطبيق الشرعية الدولية، خلفا للمبعوث السابق هورست كوهلر الذي استقال، أوضح أبا الحيسن أن ذلك يحدث “لاول مرة منذ أكثر من عقدين. وهذا في حد ذاته دليل واضح – كما قال – على الفشل وقلة الاهتمام وازدواجية المعايير المنتهجة مع الاسف بخصوص النزاع في الصحراء الغربية”.

وأكد أن جبهة البوليساريو بصفتها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي “هي اليوم في وضع تنظيمي ودبلوماسي وتضامن دولي متزايد قادرة على رفع التحدي وفرض إرادة شعبها في الحرية والانعتاق”، محذرا بأن “أي تصور لحل النزاع خارج إطار حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال، يظل غير قانوني وسيكون مآله الفشل الذريع”.

ولفت رئيس لجنة حقوق الانسان الصحراوية الى أن جبهة البوليساريو ما انفكت تطالب مجلس الامن الدولي بتضمين عنصر لمراقبة حقوق الإنسان ضمن ولاية بعثة المينورسو بهدف حماية حالة حقوق الإنسان في الإقليم ورصدها والإبلاغ عنها بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.

الا أن “عضواً دائماً في مجلس الأمن، معروف بدعمه القوي للمغرب، حال دائما دون قيام المجلس بمعالجة أو تقديم أي توصية بشأن مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وذلك لضمان عدم خضوع سجل المغرب المروع والمشين في مجال حقوق الإنسان والشعوب للتدقيق والمساءلة”.

كما أعرب عن قلقه لعدم تحمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مسؤوليتها في توفير الحماية للمعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية الذين يعانون من تجاهل أوضاعهم الإنسانية في ظل تفشي وباء كورونا داخل السجون التي يتواجدون بها بسبب نقص الرعاية الطبية، منتقدا المؤسسة الدولية لعدم المبادرة بزيارة هؤلاء السجناء الصحراويين.

وعن دور الاتحاد الافريقي في النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو أكد ابا الحيسن ” تمسك الاتحاد الأفريقي على مر السنين بنفس الموقف الذي اعتمده سلفه، منظمة الوحدة الأفريقية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية من حيث إعادة التأكيد على الحق غير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في تقرير المصير وضرورة تنفيذه”.

وأضاف أنه “حتى هذا التاريخ، لا يزال المغرب يعارض بشدة أي تدخل من جانب الاتحاد الافريقي في عملية السلام في الصحراء الغربية ومن المهم التأكيد على أن موقف المغرب من مشاركة الاتحاد الأفريقي في مسألة الصحراء الغربية لا يستند إلى الحقائق ولا إلى أي أساس قانوني”.

وأعاد السيد ابا الحيسن إلى الاذهان بأن “المغرب قبِل رسمياً مقترحات التسوية عام 1988 التي نصت على إجراء الاستفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية. ولهذا السبب، لايزال الاتحاد الأفريقي ممثلاً على الأرض كجزء من بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.

علاوة على ذلك، لم يعارض المغرب أبدا قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى تنظيم الاستفتاء والإشراف عليه من قبل الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية”.

وخلص رئيس لجنة حقوق الانسان الصحراوية الى أن “مجلس الأمن الدولي مسؤول عن المأزق الذي يمر منه النزاع اليوم لأنه سمح بأن تكون المينورسو استثناء”، مشددا على أن “السلام في الصحراء الغربية في خطر، وإنقاذه يتطلب موقفاً صارماً من مجلس الأمن الدولي بالمسارعة إلى فرض تطبيق مقتضيات خطة التسوية الأممية الإفريقية.