سعدبوه بلة
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. اعتاد مجلس الأمن على مواجهة ومناقشة الأزمات الدولية والتي من بينها قضية شعبنا والتي ما يعود شهر ابريل نصيبها ، ولكن قضية الصحراء الغربية اختارت طريقًا اخر في معالجة مجلس الامن الدولي لها رغم تاكيد محكمة العدل الدولية في رائها الاستشاري منذ بداية ستينيات القرن الماضي، فبعد أن كان مجلس الأمن هو الطرف الوسيط فى حل الأزمة أصبح الآن طرف أصيل فى أزمته الكبرى ، فما بين أن يقوم بوظيفته الرئيسية وهى حفظ الأمن والسلم الدوليين وأن يرضي جميع الدول ويمنعهم من عرقلة الطريق أمام أداء مهامه يقف حائرًا لا قادرًا على حفظ الأمن ولا إرضاء الدول.
معلوم أن مجلس الأمن هو الجهاز المعني بالنزاعات بين الدول بعضها البعض وما يطرأ على الساحة الدولية من مشكلات تمثل خطرًا على أمن الدول والسلام العالمى، ولكن فى ظل وجود حق الاعتراض التوقيفي (الفيتو) الممنوح للدول الخمس الأعضاء الدائمين بالمجلس (إنجلترا – فرنسا – الولايات المتحدة الأمريكية – الصين – روسيا الاتحادية) يصعب القيام بهذا الدور الأمني، حيث نجد أن هذا الحق كان يقتصر فقط على المسائل التى تخص شئون المعنيين طبقًا لما تم الاتفاق عليه عند وضع ميثاق الأمم المتحدة 1945، ولكنه تحول الآن ليصبح حق ضرورى فى كل المسائل الدولية ما تخص شئونهم وما غير ذلك بل تجاوز حد الدول وصولًا للقضايا العالمية التى تتبناها منظمة الأمم المتحدة، وفى ظل ذلك الوضع المتأزم كان لا بد من إيجاد حلول قبل تفاقم الأوضاع، لذلك تقدمت الدول الأربع؛ البرازيل والهند وألمانيا واليابان عام 2005 بعدة مقترحات للجمعية العامة أبرزها توسيع عدد المقاعد الدائمة في مجلس الأمن الذي يضم الخمس دول المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية مع مراعاة التمثيل الإقليمي العادل وعدم اقتصار حق الفيتو على الأعضاء الدائمين فقط، وذلك تحت طائلة مفاوضات إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، ولكن ليس ضروريًا أن تأتى الرياح بما تشتهي السفن وتم رفض المقترحات، فزاد الأمر سوءًا وأصبحت هناك قضايا عدة معلقة لا يستطيع المجلس اتخاذ أي إجراء فيها بسبب معارضة دول حق الفيتو، ولعل طبيعة صياغة مسوظات وقررات مجلس الامن المتعلقة بقضية الشعب الصحراوي دليل واضح على حكاية الفشل وعدم القدرة على انصاف الشعب الصحراوي بسبب الاعترضات والضغوطات التي يتعرض لها اي قرار من شانه حسم النزاع الصحراوي المغربي خاصة من طرف فرنسا التي عادة ما تستعمل حق الاعتراض التوقيفي ( الفيتو )
مما يجعل بعض الاعضاء تعرب عن آسفها واستغرابها واستيائها من قرار استخدام حق الفيتو لمنع تبني ما تصفته غالبا بأنه قرار رائد ومجحف في حق قضية طال امدها معلنين أن مجلس الامن الدولي بحاجة ماسة لإصلاح ، وأن عليه الأخذ في الاعتبار المخاطر الأمنية والازمات السياسية التي قد تنتج عن تلك النزاع، ولكن كيف يحدث اتفاق على أمر ما في ظل مجتمع دولي منقسم انقسامًا حادًا لا سيما ذوي المقاعد الدائمة بالمجلس، فهذه القضية تستحق ايجاد حل عاجل بعتبار الامم المتحد تتحمل مسؤولية كبيرة بعتبارها قضية تصفية استعمار مدرجة ضمن الاقاليم التي تنتظر تصفية الاستعمار
وعلى الرغم من فشل المحاولات الاولى إلا أن الأمر تم إعادة طرحه مرات عدة عامي 2008، 2013 وأخيرًا عام 2020 مع بداية استكمال مفاوضات إصلاح وتوسيع مجلس الأمن وقامت الدول الأربع بعرض مقترحاتهم مرة أخرى لعلهم يستطيعوا الوصول لمبتغاهم، ولكن هذه المرة انضم لاعب جديد للمفاوضات لعرض متطلباته ومقترحاته متحدثًا عن قارة بأكملها فكانت مصر، حيث أعرب السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم فى نيويورك عن تمسك مصر بالموقف الإفريقى المعروف ب (توافق أوزلوينى) الذى يتضمن عدة مطالب أهمها حصول القارة الإفريقية على مقعدين دائمين بكامل الصلاحيات بما فيها حق النقض (الفيتو)، وذلك فى ضوء ما تم الاتفاق عليه بالقمة الإفريقية تحت الرئاسة المصرية انذاك ، وذلك ليكون للقارة الإفريقية دورها المستحق فى المشاركة فى اتخاذ القرارات الدولية، ولكن كمثيلاتها تم رفض طلبها لأن هذا يعنى تعديل ميثاق الأمم المتحدة وهو أمر صعب للغاية من الناحية العملية.
يظل هذا التعسف فى محاولة إحداث إصلاح فى المجلس العقبة الحقيقية التي تقف أمامه، وهذا يبدو واضحًا فى الآونة الأخيرة خاصة بعد إعلان الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غويتريش) صراحةً فشل المنظمة الدولية فى إحداث تغيير يذكر قائلًا: “لا أملك سلطة التغيير، مشيرًا إلى أن حتى مجلس الأمن الذى يملك صلاحيات واسعة فى حفظ الأمن والسلم الدوليين يعجز هو الآخر عن القيام بأي تغيير بسبب حق الفيتو الذي يملكه دول منقسمة دائمًا على نفسها”، وهذا يجعلنا نتساءل بشكل مستمر إلى متى سيظل هذا الوضع والى متى ستبقى قضية الشعب الصحراوي حبيسة حكاية مجلس الامن الدولي؟ وهل يمكن أن نشهد يومًا ما انهيار لمجلس الأمن حقًا أم أنها مجرد فترة اضطرابات مؤقتة وسيتم علاجها خاصة أن ما عرفه المجتمع الدولى القرون الماضية يختلف جذريًا عن ما يشهده فى الوقت الحاضر، مما يجبر العالم على اتخاذ مسارات مختلفة نحو الأمام لا الخلف، فليس ضروريًا أن يتم تعديل جذري فى ميثاق المنظمة ولكن على الأقل تقنين صلاحيات أصحاب حق الفيتو والسماح لجميع الدول الأعضاء بالمشاركة فى مباحثات القضايا العالمية وأخذ رأيهم فى عين الاعتبار وأيضًا تحديد نصاب عادل ثابت لكل قارة فى عدد الممثلين لها بالمجلس كأعضاء غير دائمين، فإن لم يكن إصلاح فيكفي أن يكون تغيير لصالح الجميع وفى خدمة العالم أجمع خاصة القضيتين الصحروية والفلسطينية .
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس