(بقلم: ذ. عبد االله ولد بونا)
افريقيا برس – الصحراء الغربية. عادة تركز الدول الطبيعية على بناء علاقات سوية مع جوارها أولا ثم مع العالم؛ وتعمل الدول الواعية على نسج شبكات أمان اقتصادي وسياسي يوفر لها مظلة استقرار جماعي لتتمكن من النهوض بذاتها؛ ومن رفع مستوى الحياة الكريمة لشعبها. ذلك معلوم في الفقه السياسي؛ لكن الدولة الأوحد التي ظلت نشازا عن العالم كله هي هذه الدولة اللغز المسماة المملكة المغربية.
هي دولة نشاز لأكثر من سبب وأكثر من قرينة وبرهان؛ فقد عملت مبكرا على خلق عداوات وكراهية مع كل جيرانها للأسف. إعتدت مبكرا على الجار الشقيق الجزائر بعيد انتصار الثورة الجزائرية وإعلان الاستقلال؛ ورغم هزيمتها في حرب الرمال، صعنت الرباط عقيدة توسعية دأبت على تلقينها للأجيال فحواها أن ثلثي الجزائر أراضي مغربية!
وتآمرت على الجار الشقيق الصحراوي واحتلت أراضيه عنوة؛ ورغم فشلها سياسيا وعسكريا في تمرير ذلك الاحتلال البشع للصحراء الغربية؛ تصر الرباط على ذلك الطرح التوسعي البغيض! وتستغل الرباط تموضعها الاحتلالي في الصحراء الغربية لتهديد استقرار وسيادة بلد آخر مغاربي عريق هو موريتانيا؛ وتقدم الرباط كعادتها قراءة تاريخية مقلوبة لشعبها الذي يطحنه ثالوث الجهل والفقر والقمع؛ فبلاد شنقيط هي من حكم أبناؤها مراكش وأسسوها لا العكس. ولا تفوت الرباط فرصة إلا وضخ إعلامها القذر دفقا من الافتراءات ضد موريتانيا.
محاولات من كل نوع للتأثير على القرار الموريتاني السيادي تجاه الجمهورية العربية الصحراوية واتجاه الجزائر العظيمة؛ لكنها محاولات مكشوفة وفاشلة مسبقا. إسبانيا الدولة الأوروبية الجارة التي ارتبطت قرونا بشعوب المغرب العربي سلبا وإيجاباً؛ تشهد للرباط بسوء الجوار وإن كانت تشارك المغرب بريا عبر اتفاقيات قديمة تنازل فيها العرش المغربي عن سبته ومليلية.
نفس الأسلوب المغربي في محاولات ابتزاز الجيران. آخر تجليات ذلك هو التهجير الإجباري للشعب المغربي المطحون نحو سبتة؛ فالعرش المغربي يتعاطى مع شعبه كقطعان مدجنة يوجهها حسب تكتيكاته الساذجة.
جرب ذلك في تغيير البنية الديموغرافية للصحراء الغربية ويحاولها بوهن وجبن في سبته ومليليه. وتحاول الرباط تجاهل واقع سياسي شعبي راسخ هو الدعم الشعبي الاسباني الجارف للشعب الصحراوي؛ وهو كذلك حجم المصالح المشتركة الكبرى بين مدريد والجزائر. الشعب المغربي المطحون يركب أصلا كل المخاطر للهرب من جحيم الجوع والقمع؛ لكن تهجيره لسبته كان قسريا؛ أمهات ورضع وشباب وشيب دفعت بهم المخابرات المغربية إلى البحر في محاولة وقحة لابتزاز مدريد!
أي أخلاق هذه وأي قيم؟ المغرب دولة نشاز تحكمها عقليات من القرون الوسطى؛ دولة تبني اقتصادها على التسول وتحلم بتمويل توسعها بذلك.
دولة تكافئ الاحسان بالإساءة؛ فأوروبا تمنح المغرب أولوية اقتصادية يحتاجها بشدة؛ وهو يرد على ذلك بمزيد من السوء!
إسبانيا على علاتها منحت المغاربة الكثير من فرص العمل الثابتة والموسمية؛ وتعتبر تحويلات الجالية المغربية منها عاملا مهما لرفد الرباط بالعملة الصعبة؛ ونافذة أمل لشعب مغيب ومنهوب ويتم توريطه أكثر مع كل جيرانه؛ وتنغمس قيادته في مستنقع الصهيونية دون حياء.
فمتى تتعافى الرباط من داء سوء الجوار ومن داء التوسع المزمن والوهن؟ أخشى أن يكون القطار قد فات العرش العلوي؛ فالمغرب قد لا يتعافى من وضعه السيء المرتبك إلا بقيامة جمهورية مغربية على أنقاض عرش أدمن الفشل الداخلي والخارجي؛ ويعتاش على أوهام يروجها للشعب المغربي المغلوب على أمره.