المقاومة السلمية بالصحراء الغربية تحد متواصل يرفض الخضوع

26
المقاومة السلمية بالصحراء الغربية تحد متواصل يرفض الخضوع (بقلم: ماء العينين لكحل)
المقاومة السلمية بالصحراء الغربية تحد متواصل يرفض الخضوع (بقلم: ماء العينين لكحل)

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. لم تتوقف المقاومة السلمية يوما عن مقارعة الاحتلال المغربي بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية منذ بداية الغزو المغربي للبلد الشمال أفريقي سنة 1975 وحتى كتابة هذه الأسطر.

وقد انتفضت الجماهير الصحراوية في محطات عديدة ضد الاحتلال، وواجهت القمع، والتنكيل، والتشريد بمختلف أصنافه بدءا من حملات الإبادة التي راحت ضحيتها عائلات برمتها خاصة في سنوات الغزو العسكري الأولى، مرورا عبر الاعتقالات والاختطافات بالجملة التي راح ضحيتها آلاف المفقودين حتى اليوم، وصولا إلى الانتهاكات اليومية التي طالت كل الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتي لم تستثن شيخا أو إمرأة أو صبيا.

ومن المثير للاستغراب أن جزء كبيرا من هذه الانتهاكات مسجلة وموثقة بشكل دقيق من قبل جميع المنظمات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان، مثل امنيستي، وهيومان رايت واتش، بل وحتى المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، وبعضها مذكور في تقارير الأمناء العامين الأمميين أنفسهم، ومع ذلك يحظى نظام الاحتلال المغربي بالحماية التامة من أي محاسبة أو عقاب، بسبب التواطئ الفرنسي، والصمت الغربي عموما عن الجرائم المتواصلة التي يرتكبها المخزن سواء ضد الصحراويين أو المغاربة.

والأدهى من ذلك أن الكثير من أحرار العالم، مسؤولين وفاعلين مدنيين وسياسيين، يجهلون الكثير عن حقائق الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان، وللقانون الدولي الإنسان المرتبط باتفاقيات جنيف الأربعة، الخاصة بحقوق المدنيين في فترات الحروب وفي مناطق النزاعات، رغم وجود بينات وجهود خبراء دوليين سجلوا ووثقوا ارتكاب الجيش ومختلف سلطات الاحتلال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بينة، ما يزال نظام محمد السادس يرتكبها حتى الساعة جهارا دون أن نسمع تنديدا أو إدانة لها من الأمم المتحدة، ولا مما يسمى المنتظم الدولي، الذي يظل شاهدا أخرسا، أصم وأعمى، بل وفي بعض الحالات مشاركا في الجريمة إذا ما اعتبرنا الدعم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الذي يحصل عليه المخزن من دول تدعي الديمقراطية، مثل فرنسا، او اسبانيا، أو حتى الولايات المتحدة الامريكية وغيرها كثير.

المناضلون الصحراويون بالمناطق المحتلة لم يسكتوا يوما ولم يهنوا أمام جبروت الاحتلال، بل قاوموا على مختلف الجبهات بدءا من العمل السري في السبعينات والثمانينات، قبل الخروج للعمل العلني في التسعينات بعد إنشاء الأمم المتحدة بعثة المينورسو، حيث كان الصحراويون سباقون للعمل في المجال الحقوقي منذ نهاية الثمانينات، لاسيما بعد أن أطلق سراح أزيد من 300 ضحية اختفاء قسري سابقين سنة 1991، والتي شكلت كوكبة معتبرة منهم رأس حربة العمل النضالي المدني والسلمي في الصحراء الغربية.

غير أن انتهاكات حقوق الإنسان لم تتوقف مع عهد محمد السادس، بل ازدادت سوءا خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنها في عهد الحسن الثاني كانت ترتكب على الأقل في الخفاء وبعيدا عن أعين المراقبين والمنتظم الدولي، أما في عهد محمد السادس فالانتهاكات ترتكب بشكل منهجي، وعلني، ودون خجل أو مواربة، وهو ما يجعلها أخطر وأشنع.

وتكفي هنا الإشارة إلى ما تعانيه المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، سلطانة خيا، لأزيد من سنة، محاصرة هي وعائلتها في منزلهم، دون وجه حق، ودون أي تهمة، يعذبون، ويضربون، ويغتصبون، ويلطخ منزلهم مرارا وتكرارا بمياه الصرف الصحي وبمواد سامة، في ممارسة تفضح همجية وسفالة ودناءة نظام المخزن الذي لا يتوانى عن الانتقام من مواطنات، بريئات كل ذنبهن أنهن يرفضن الاحتلال المغربي، ويعلن عن اعتزازهن بانتمائهن للصحراء الغربية.

إن مقاومة الشعب الصحراوي السلمية قد سطرت ملاحم عديدة طيلة العقود الخمسين الماضية، وترافقت مع الكفاح المسلح، ومع العمل الدبلوماسي الصحراوي، حيث نجح المناضلون الصحراويون رغم الحصار والتقتيل والتعذيب في المناطق المحتلة، ورغم ضيق ذات اليد في مخيمات اللاجئين الصحراويين والشتات من إيصال صوت الشعب الصحراوي إلى كل ركن من أركان المعمور في تحد سوف يسجله التاريخ لكل محاولات المغرب وحلفائه وحماته من قوى غربية، صهيونية وخليجية، دعمته بالمال، والسلاح، والحماية السياسية والإعلامية للإبقاء على القضية الصحراوية مجهولة، متجاهلة تعاني من التعتيم حتى لا تصل إلى الرأي العام الدولي. لكن، رغم كل ذلك، لم يستطع المخزن إسكات صوت الشعب الصحراوي، ولا إجهاض مقاومته، ولن يستطيع.

بقلم: ماء العينين لكحل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس