عام من التوترات… العلاقات بين المغرب وألمانيا إلى أين؟

18
عام من التوترات... العلاقات بين المغرب وألمانيا إلى أين؟
عام من التوترات... العلاقات بين المغرب وألمانيا إلى أين؟

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. مؤشرات جديدة تتصدر مشهد العلاقات بين الرباط وبرلين، بعد فترة من التأزم ‏امتدت لنحو عام بين البلدين. عقب تولي الحكومة الجديدة في ألمانيا مهامها، والتي يتزعمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بدت إشارات من الجانب الألماني لإصلاح المواقف السابقة، كما وصفها خبراء من الجانب المغربي، خاصة بعد فترة من التوتر وصلت ذروتها باستدعاء المغرب لسفيرته في برلين في مايو/أيار 2021.

في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، دعا الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، ملك المغرب، محمد السادس، إلى زيارة بلاده بغية “إرساء شراكة جديدة” بين البلدين، وفق ما أعلن الديوان الملكي المغربي في بيان الأربعاء.

تأتي دعوة الرئيس بعد التوتر الذي ترتب على انتقاد برلين لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على” الصحراء” نهاية العام 2020، حيث اتجهت الرباط لإعلان تعليق كل أشكال التواصل مع السفارة الألمانية في الرباط في آذار/مارس 2021.

نظرة مغايرة

من ناحيته، قال الأكاديمي المغربي، محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن “الرسالة التي بعث بها الرئيس الألماني للملك محمد السادس تعكس النظرة الألمانية الحقيقية للمملكة المغربية كقوة إقليمية إيجابية في محيطها وما تمثله العلاقات الثنائية المغربية الألمانية كواحدة من أهم العلاقات بين بلد أوروبي وبلد أفريقي لما تتمتع به من زخم وسعة نطاق”.

شراكة جديدة

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن “رسالة الرئيس الألماني وقبلها الإشارات البناءة الصادرة عن وزيرة الخارجية في حكومة المستشار أولاف شولتز، تمثل إطارا يتضمن عناصر جوهرية ومعيارية لشراكة جديدة بين ألمانيا صاحبة المكانة الدولية كشريك موثوق ومسؤول، والمملكة المغربية كبلد محوري في أفريقيا وشريك نزيه واقعي له إيمان عميق بأن حقوقه السيادية ووحدته الترابية لا ينبغي أن يعتبرها أي بلد كعقبة للتعاون معه”.

وأشار إلى أن “الاتصالات بين البلدين جارية للبدء في ترتيب جدول أعمال العلاقات الثنائية، وكذلك من منطلق استثمار الريادة الألمانية في الفضاء الأوروبي، والتي تنعكس على سلاسة الشراكة الأوروبية – المغربية الممتدة ومتعددة الأبعاد”.

ويرى أن “المغرب يقيم علاقاته على النفع المتبادل واحترام السيادة، في حين أنه ما يتم احترام أسبقيات وأولويات السيادة المغربية تصبح العلاقات مع أي طرف في أرفع مستوياتها”.

السيادة

وتابع محمد بودن بقوله إن “الموقف الألماني الذي عبرت عنه رسالة الرئيس الألماني يستند إلى احترام السيادة الترابية للمملكة المغربية من طنجةإلى الگويرة، ودعم مبادرة الحكم الذاتي كأساس منطقي ووجيه للحل السياسي بخصوص النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية من منطلق قرارات مجلس الأمن وآخرها القرار 2602 الذي يستحضر المبادرة المغربية التي تتطابق روحها مع معايير الحل السياسي الأممية”.

تحول سياسي

من ناحيته، قال نوفل البوعمري المحلل السياسي المغربي، إن “التحول السياسي الذي تعيشه ألمانيا اليوم، مرتبط بنتائج الانتخابات الأخيرة التي أوصلت الاشتراكيين للحكم وهو ما انعكس إيجابا على مستوى المواقف الخارجية في العلاقة مع المغرب”، حسب توضيحه.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “المواقف الحالية هي تصحيح للسياسة السابقة، حيث أعلنت ألمانيا الجديدة عن محورية الدور المغربي في العلاقة شمال-جنوب، كما أكدت على إيجابية الدور المغربي في الملف الليبي”.

مبادرة الحكم الذاتي

وتابع: “أعلنت ألمانيا عن دعم مبادرة الحكم الذاتي، وهو ما جاء أيضا على لسان الرئيس الألماني الذي وجه رسالة بهذه المضامين لملك المغرب، الذي بادره بالرد بشكل أعطى مؤشرا على كون البلدين معا واعين بأهمية بناء علاقة وشراكة فيها تبادل محترم وفيها احترام لمصالح البلدين الحيوية”.

حوار مفتوح

ويرى البوعمري أن “هذه الزيارة تمهّد لحوار مفتوح بين مسؤولي البلدين، وأنها ستطرح فيه كل الملفات التي تسببت في الأزمة مع المغرب، خاصة وأن الخارجية المغربية أعلنت بوضوح أنها تريد ربط الأقوال بالأفعال، أي أن المغرب يريد أن يرى ترجمة للمواقف المعلنة على واقع العلاقة بين البلدين”.

فيما يتعلق بالموقف الأوروبي، يشير المحلل السياسي المغربي، إلى أن “العديد من الدول الأوروبية تراقب التطورات خاصة منها من اختارت مناوشة المغرب، وأن التطور الإيجابي في العلاقة بين الرباط وبرلين، يكون له وقع إيجابي على البلدان الأخرى، كما أنه سيكون إيجابيا داخل الاتحاد الأوروبي”.

في قراره الأخير، دعا مجلس الأمن الدولي نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2021، المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات، “دون شروط مسبقة” للتوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم”. واعتبرت ألمانيا مقترح الحكم الذاتي الذي يتشبث به المغرب كحل لملف إقليم الصحراء أساسا جيدا، للتوصل إلى اتفاق لهذا النزاع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس