أفريقيا برس – الصحراء الغربية. من إطلع على بيان وزارة خارجية دولة الاحتلال، حول أوكرانيا، لا يكاد يصدق أنه يتوجه إلى المجتمع الدولي أو يتحدث إلى الرأي العام عندما يذكر أن المغرب متشبث بالمبادئ التى ترتكز عليها العلاقات الدولية المعاصرة، وبالخصوص مبدأي احترام الوحدة الترابية للدول وعدم إستعمال القوة من أجل حل الخلافات بينها.
فالوحدة الترابية للدول فى مفهوم ميثاق الأمم المتحدة ومنطوق القانون التأسيسى للإتحاد الأفريقي ومقتضيات القانون والمعاهدات الدولية تعني أن لكل بلد حدوده المعترف بها دوليا، وإلا فكيف يمكن الحديث عن الوحدة الترابية إن لم تكن هناك حدود؟.
والمضحك أن وزارة خارجية الإحتلال حاولت فى بيانها، لحاجة فى نفسها كما يقال، أن تستدرك الأمر عندما أضافت أنها تعني بالوحدة الترابية للدول أي لتلك الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المغالطة التى تعمدتها وزارة خارجية دولة الإحتلال فى بيانها تكمن فى تجاهل أن مبدأ احترام الحدود الدولية هو المؤسس للوحدة الترابية، وذلك يعني أن إقليم الدولة المعرف والمحدد يوجد داخل تلك الحدود.
هذه القاعدة القانونية مسلم بها بغض النظر عن كون الدولة، أي دولة، تحوز على العضوية بالأمم المتحدة أم لا.
فميثاق الأمم المتحدة ونظام محكمة العدل الدولية، الذي هو جزء من الميثاق، يعترفان بوجود الدول التى ليست أعضاء فى الأمم المتحدة.
بل وأكثر من ذلك فالمستعمرات والأقاليم التى مازالت لم تتمتع بالاستقلال والتي تخضع لعملية تصفية الإستعمار، وعددها حاليا 17 بلدا، تعترف لها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بوحدتها الترابية والوطنية وبحدودها الدولية المعترف بها وبسيادة شعوبها على بلدانها وثرواتها.
الورطة التي يوجد فيها المغرب هي كونه لا يعترف بحدوده الدولية المعترف بها له والموثقة في الخرائط المعتمدة لدى الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوروبى وغيرهم من المنظمات الاقليمية والدولية.
ومن هنا، فإنه عندما يتطرق إلى الحديث عن الوحدة الترابية يقوم بعملية قفز واضحة على مسألة الحدود نفسها بل يتنكر لوجودها؛ وهو بهذا كأنما يقوم بعملية فصل الروح عن الجسد، لأنه إذا لم تكن هناك حدود معترف بها فإنه ببساطة لا توجد وحدة تراببة؛ وتبعا لذلك تختفي إحدى الركائز القانونية الرئيسية في تعريف الدولة، والتي بالضبط هي الإقليم.
إن الوحدة الترابية في مفهوم المملكة المغربية لا تعترف بالحدود الدولية، لأن سياسة هذا البلد مبنية على التوسع.
وانطلاقا من هذه الفلسفة العدوانية والتوسعية، فإن الحدود المغربية مطاطة ومتحركة ولا تخضع للمقاييس الدولية، وبالتالى فإن المغرب يرفض أن تكون حدوده كبقية دول العالم محددة بخطوط طول وعرض وإنما بتعريفات تتغير بتغير الدساتير الممنوحة فى المغرب من “حدود تاريخية” إلى حدود تنتهي بانتهاء “تخوم الصحاري” وتتمدد حسب خارطة التصحر، وتظهر كذلك تحت مفهوم “الحدود الحقة”.
ومن المنطقي أن المغرب الذي لا يعترف بحدوده الدولية المعترف بها له، فإنه يعمد إلى استعمال القوة لضم أراضي الغير، ويمدد حدوده التي يراها أنها “حقة” و”تاريخية” وليست لها نهاية إلا مع نهاية التصحر.
فاستعمال القوة بالنسبة لهذه الفلسفة المغربية مشروعة وتدخل في إطار “الدفاع عن النفس”، في إطار المنظور المغربي، لأنها توجد داخل “الحدود الحقة” أو بالأحرى الحدود المتحركة كما يعرفها الدستور المغربي الممنوح.
كل ما سبق يوضح أن نظام المغرب يعيش في كوكب ليس كوكب الأرض، له مواثيق ومعاهدات وقوانين ليست هي الموجودة عند المجتمع الدولي.
فالسؤال الذى يطرح نفسه اليوم هو:
ألا يظن حكام المغرب أن بيانهم المذكور سابقا ينطبق عليهم قبل غيرهم، وأنه يثبت كذلك أنهم يمشون على رؤسهم بدل أقدامهم، وأنه حان الوقت أن يعلموا أن مصلحة بلدهم تكمن فى قبول الامتثال لأحكام الشرعية الدولية ومفاهيمها؟.
وتبعا لذلك، عليهم إنهاء احتلالهم اللاشرعى لتراب الجمهورية الصحراوية وعدم إستعمال القوة ضدها واحترام الحدود الدولية لبلدهم، وبالتالي لجميع البلدان المجاورة، لأن ذلك هو ما تقره الشرعية والقانون الدوليين بقراءة وفهم البشر الذين يقطنون كوكب الأرض.
بقلم: أمحمد البخاري
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس