مراسل “القدس العربي”  من مدريد : دبلوماسية الرباط، لم تستوعب بعض المستجدات في علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي, مما يجعلها تعمل وفق بوصلة قديمة

8
مراسل “القدس العربي”  من مدريد : دبلوماسية الرباط، لم تستوعب بعض المستجدات في علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي, مما يجعلها تعمل وفق بوصلة قديمة
مراسل “القدس العربي”  من مدريد : دبلوماسية الرباط، لم تستوعب بعض المستجدات في علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي, مما يجعلها تعمل وفق بوصلة قديمة

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. يقول مراسل “القدس العربي” من مدريد الصحفي المغربي حسين مجدوبي, ان توتر علاقات المغرب مع أوروبا سواء على مستوى الدول مثل إسبانيا وألمانيا وفرنسا، أو المؤسسات الأوروبية مثل البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، يطرح تحديا كبيرا على دبلوماسية الرباط.

ويتساءل هل يتوفر المغرب على خريطة طريق لمستقبل هذه العلاقات؟

وفي جوابه يقول: منذ أربع سنوات، طرح المغرب إبان قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية الصيد البحري، البحث عن بديل للأوروبيين، وتناسلت الكتابات في هذا الشأن، لكنها لم تكن منطقية وغلب الحماس على الكثير منها لسببين وهما:

في المقام الأول، رغم انتماء المغرب الى العالم العربي والإسلامي والقارة الافريقية، يعد الغرب شريكه الرئيسي سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري. وبالتالي، البحث عن شركاء جدد يعد أمرا صعبا، لاسيما في ظل الاستقطاب الحالي بعد عودة حرب باردة من نوع جديد.

في المقام الثاني، لا يستطيع المغرب التخلي عن الغرب لأن 65% من مبادلاته الاقتصادية والتجارية تجري مع المغرب، خاصة دول الاتحاد الأوروبي وبشكل محدود مع الولايات المتحدة. فمهما حاول المغرب تغيير دبلوماسيته، سيجد نفسه رهينة العامل الاقتصادي، وهذا سيستمر لمدة عقود طويلة، لأنه ليس من السهل والبساطة العثور على شركاء جدد يعوضون فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا اقتصاديا.

وتوقع الصحفي والباحث المغربي ان تتفاقم الازمة بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي، في غياب حوار مع برلين ومدريد وباريس ولاهاي منذ شهور، على خلفية الاختلاف في ملفات كثيرة سواء اقتصادية أو سياسية.

عنوان الأزمة يقول حسين مجوبي هو استمرار سفارة المغرب في مدريد بدون سفير، حيث لا تشير معطيات الواقع الحالي إلى استئناف طبيعي للعلاقات، بعد الهزة التي سجلتها خلال الصيف الماضي، بسبب ملف معالجة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي في إسبانيا، أو ترخيص المغرب للآلاف من مواطنيه باقتحام مدينة سبتة المحتلة.

كما ان ألمانيا التي كان ينظر اليها في المغرب كدولة يمكن تطوير العلاقات معها مستقبلا، بسبب القوة السياسية التي تكتسبها في الساحة الدولية، تفاقم الاختلاف معها نظرا لموقفها من نزاع الصحراء الغربية.

هذه الأخيرة التي تعتبر من الشركاء الغربيين الرئيسيين الذين يعارضون سيادة المغرب على الصحراء الغربية، ثم ملف التنسيق الأمني في قضية المواطن المغربي -الألماني محمد حاجب.

ويضيف في نفس السياق ان توتر علاقات المغرب مع اسبانيا وألمانيا الذي بلغ حد تجميد زيارات المسؤولين ولو من الدرجة الثانية بينهما، شمل أيضا فرنسا حيث سجل غياب زيارات متبادلة بين الرباط وباريس منذ قرابة السنة، ولم يحدث مثل هذا الوضع سوى في أزمة 2014 بين البلدين، بسبب ملاحقة القضاء الفرنسي وقتها لمسؤولين مغاربة، ثم أزمة كتاب «صديقنا الملك» للكاتب جيل بيرو، بداية التسعينيات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني لمضمونه القوي حول الملك.

وتعود الأزمة الحالية وفق ما ذهب اليه صاحب المقال إلى تجسس المغرب على المسؤولين الفرنسيين بواسطة برنامج بيغاسوس ال”إسرائيل”ي، وهو ملف تتعامل معه فرنسا بحساسية كبيرة جدا، وبين نفي مغربي وتشكيك فرنسي، تبقى العلاقات معلقة في انتظار انصهار الجليد الذي يعتريها.

لقد فقدت العلاقات الثنائية الحرارة التي كانت تميزها منذ قرار المحكمة الأوروبية القاضي ببطلان اتفاقية الصيد البحري بين المغرب ومجلس أوروبا، وتحفظ البرلمان الأوروبي على تصرف المغرب في أزمة الهجرة في سبتة المحتلة خلال مايو الماضي.

ليخلص الى القول ان المغرب يواجه تحديا حقيقيا في دبلوماسيته مع شريكه الرئيسي، أي أوروبا.

فهذا الشريك يتردد في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهذا العامل يفجر العلاقات بين الحين والآخر بين الطرفين.

كما تشهد أوروبا ظهور جيل جديد من السياسيين والأحزاب، سواء اليمين القومي المتطرف، أو اليسار الراديكالي التي بدأت ترهن القرار الأوروبي بشكل متصاعد في قضايا كثيرة ومنها المغرب.

ويبدو أن دبلوماسية الرباط، إما لم تستوعب هذه المستجدات بالشكل الكافي الأمر الذي يجعلها تعمل وفق بوصلة قديمة، أو تعتمد على آليات ميكانيكية في العصر الرقمي، أو مترددة في التعامل مع هذه المستجدات وفق خريطة طريق جديدة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس