مقال بالصحافة الكندية يشرح “لماذا تخسر فرنسا “لعبتها الكبرى” في غرب أفريقيا”

19
مقال بالصحافة الكندية يشرح “لماذا تخسر فرنسا “لعبتها الكبرى” في غرب أفريقيا”
مقال بالصحافة الكندية يشرح “لماذا تخسر فرنسا “لعبتها الكبرى” في غرب أفريقيا”

أفريقيا برسالصحراء الغربية. في مقال مطول نشره الموقع الحكومي الكندي سي بي سي تحت عنوان “لماذا تخسر فرنسا “لعبتها الكبرى” في غرب إفريقيا” تساءل الكاتب الصحفي “دون موراي” عن سبب انسحاب القوات الفرنسية التي تقاتل المتطرفين الإسلاميين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مشيرا إلى أن “فرنسا قد لعبت “لعبتها الكبرى” في غرب إفريقيا لمدة 150 عامًا.. وهي الآن تخسر”، في حين اعتبر الكاتب أن “المتطرفين الإسلاميين ينتصرون”.

ويرى الكاتب أن بداية سقوط القلاع الفرنسية في مستعمراتها الأفريقية السابقة، والتي كانت خاضعة لهيمنتها، طيلة عقود، معتمدة في ذلك على دعم الأنظمة الإستبدادية التي تدين بالولاء لفرنسا، جاء نتيجة الزحف “الناعم” للصين وروسيا عبر بوابة الإقتصاد، حيث “وبهذه الطريقة، ظل القادة المدعومون من فرنسا في السلطة، غالبًا لسنوات، ومنحت الاتفاقيات الحكومية الثنائية مع فرنسا، والتي غالبًا ما تكون سرية، الشركات الفرنسية أولوية لاستغلال الموارد الطبيعية لبلدانهم”.

ويقول الكاتب الصحفي “دون موراي” الذي استشهد بتصريح للخبير في شؤون أفريقيا بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية “تييري فيركولون” بأن القرار الفرنسي بسحب الجنود الفرنسيين من التراب الأفريقي يمثل “هزيمة، هذا واضح”، إذ ربط “فيركولون” قرار ماكرون مباشرة بخسارة معركة أخرى في اللعبة الكبرى الحديثة، مضيفا في ذات السياق أن “التحرك الفرنسي يجب أن يُنظر إليه في ضوء القرار الأمريكي في أفغانستان. فلو لم يبدأ الأمريكيون محادثات مع طالبان ثم أعلنوا انسحابهم، لما كانت الحكومة الفرنسية قد اتخذت القرار الذي اتخذته”.

من جهته أكد الكاتب الصحفي “دون موراي” في مقاله أن “فصلا طويلا من الحكم الفرنسي الاستعماري وما بعد الاستعمار يقترب من نهايته. فقد أنشأ الفرنسيون اتحادًا لغرب إفريقيا عام 1895 يضم ثماني دول حديثة – السنغال وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وبنين وغينيا التي كانت في الواقع مستعمرة عملاقة.” مضيفا أنه “بعد أن نالت هذه الدول استقلالها في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، تم استبدال “الفيدرالية” بشيء يعرف باسم “فرانس-أفريك”. وقد كان هذا شكلاً من أشكال الرقابة الأبوية أحيانًا وأحيانًا الوصاية شديدة القوة في هذه البلدان، بدعم من القوات الفرنسية المتمركزة في العديد منها”.

الكاتب الصحفي “موراي” تحدث عن محاولة فرنسا استعادة هيبتها كقوة عسكرية تسيطر على أفريقيا من خلال عملية “بارخان” لكن العكس هو الذي حدث “كان من المفترض أن تؤدي عملية بارخان، الهجوم العسكري ضد الإسلاميين في إفريقيا جنوب الصحراء، إلى استعادة هيبة فرنسا ونفوذها.. لكن بدلاً من ذلك، يحدث العكس.”

وقد وصل الصراع السياسي والاقتصادي غير المعلن، بين القوى العسكرية العظمى، و الذي تدور رحاه في الساحة الأفريقية، في بعض الحالات إلى صراع عسكري غير معلن أيضا كما حدث في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث “انتقل المرتزقة الروس، أو ما يسمى بمجموعة فاݣنر الممولة من رجل أعمال ثري مقرب من بوتين، إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، وطردوا القوات الفرنسية.” يقول الكاتب، الذي أضاف “والروس يقدمون عروضاً مماثلة لحكومات مثل حكومة مالي. وفقًا لفيركولون، فإن هذا يتبع نمطًا طوره الروس في ليبيا وسوريا، حيث تتحرك مجموعة فاغنر ثم تعمل مع القوات المسلحة الروسية لتدريب الجنود وإقامة القواعد وبسط النفوذ الروسي، ويمكنك رؤيتهم في مالي أو بوركينا فاسو في غضون سنوات قليلة”.

أما بالنسبة للصين فقد أصبحت تقوم بالدور نيابة عن الدول الأفريقية في رفض الهيمنة الغربية على أفريقيا حيث أكدت خبيرة جنوب أفريقية في العلاقات الصينية الأفريقية للكاتب الصحفي موراي أن “الصين بدأت بإيجاد أرضية سياسية مشتركة مع القادة الأفارقة ولعب موقف إفريقيا ضد الهيمنة الغربية والاستعمار”، مضيفة في ذات السياق أن “الصين مستعدة حقًا لتقديم قروض ضخمة لمشاريع صناعية ومشاريع بنية تحتية ضخمة يمكنها حقًا إطلاق إمكانات إفريقيا. بمعنى أن النهج الصيني قوي…على عكس المقرضين الغربيين، لم يطرح الصينيون الكثير من الأسئلة حول الحوكمة الرشيدة وكيف سيتم إنفاق الأموال.”

ويبدو أن الصراع الدولي حول مقدرات وخيرات القارة الأفريقية بين الدول العظمى خصوصا الصين والولايات المتحدة الأمريكة، وبدرجة أقل الحضور الروسي، قد ساهم بشكل كبير في تٱكل خريطة الهيمنة الفرنسية على بعض الدول الأفريقية، ما قد يؤثر على موقفها كقوة فاعلة في القضايا ذات البعد الدولي، خصوصا في مسألة الصحراء الغربية، وسينعكس سلبا على اقتصادها الذي يعتمد بالأساس على نهب الثروات الأفريقية.

وكما قال جاك شيراك، الرئيس الفرنسي سابقا في تصريح مباشر ومسجل على جريدة “لوموند” خلال لقاء صحفي أجراه الرئيس في ياوندي بالكاميرون: “لقد بدأنا بإسالة دم أفريقيا لمدة أربعة قرون ونصف. ثم نهبنا موادها الخام. ثم قلنا ، إن الأفارقة ليسوا صالحين لأي شيء. وباسم الدين، دمرنا ثقافتهم، والآن، حيث اصبحنا مضطرين للقيام بذلك بأناقة أكبر، فإننا نستنزف أدمغتهم بالمنح الدراسية. ثم نقول أن إفريقيا البائسة ليست في حالة جيدة، ولا تلد نخبًا. فبعد أن أثرينا على حسابها، نُعطيها الدروس”، حيث اعتبر كذلك أنه بدون أفريقيا، لن تظل فرنسا قوة دولية.