من اشكالية طول الانتظار الى اشكالية استعصاء القرار

15
من اشكالية طول الانتظار الى اشكالية استعصاء القرار
من اشكالية طول الانتظار الى اشكالية استعصاء القرار

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. كنا نأمل ان يكون اقدام الرئيس غير المسبوق على الاعلان خلال الدورة الأخيرة للأمانة الوطنية عن نيته في عدم الترشح من جديد لمنصب الامين العام للجبهة في المؤتمر السادس عشر القادم رسالة اراد بها لفت الانتباه الى ضرورة مراجعة على مستوى القيادة واطقم التسيير بعدما اظهرت القيادة الحالية عدم قدرتها على مواكبة مرحلة استئناف الكفاح المسلح.

ومما زاد في اعتقادنا بهذا الاحتمال قرار تشكيل خلية تفكير لنقد التجربة لإيجاد على ضوئها ارضية عمل للجنة التي ستشرف على تحضير ذلك المؤتمر.

ورغم رائحة الوصاية التي فاحت من خلال المجال الضيق الذي اعلن فيه الرجل قراره بدلا من اعلانه على نطاق واسع لان الشعب هو صاحب الكلمة الاخيرة في اختيار رئيسه، الا انه خطوة اعطت املا في امكانية تحريك المياه الراكدة على طريق تسليم الجيل المؤسس كليا او جزئيا للمشعل للأجيال الأخرى.

لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، فما ان تم الكشف تشكيلة الخلية المذكورة في غياب شروط ومقاييس واضحة لا في اختيار رئاستها ولا في اعضائها، ودون أخذا بعين الاعتبار للمرحلة التي نعيشها ولا تطور المجتمع، حتى ادركنا ان توقعاتنا بعيدة المنال، وهذا ما ذكّرني بصحة جواب سؤال كان وجهه شاب لأحد مؤسسي الجبهة يتعلق بتنازل الجيل المؤسس للأجيال التي اعقبته، حتى وإن كان مازحا، قائلا ” لن نتنازل لكم عن الكراسي الا اذا فرضتم ذلك علينا مثلما فعلنا نحن مع الاعيان ابان الاستعمار الإسباني”.

كنت أشرت في مقال سابق إبان التحضير للمؤتمر الخامس عشر الى ان خلايا التفكير فكرة صائبة، بل حضارية، نظرا لدور المختصين في وضع التصورات وصناعة القرارات، لكن نجاح هذه الخلايا مرهون بإبعادها عن تأثير الاصطفاف او عدم مراعاة تطور المجتمع، وهي شروط لم تحترم في تركيبة الخلية الحالية.

وعلينا أن ندرك ان تجربتنا في نقد التجربة تمر بمرحلة عقم، نتيجة رحيل اغلب منظريها او تهميش الذي لازال منهم على قيد الحياة، حيث يعتبر المؤتمر الثامن للجبهة آخر منعطفاتها، الذي لازلنا نسير على نتائجه، رغم محاولة الابداع الجادة والحضارية في المؤتمر التاسع التي اجهضها البعض لحاجة في نفوسهم، وان كانت مراحل الحرب تختلف عن السلم، لكن مقياس النجاح يحدده دوما مستوى الجدية في كلتي الحالتين.

نحن اليوم في وضعية حرب مسلحة، ولكي ننتصر فيها لابد من قطيعة نهائية مع مرحلة التراخي السابقة، ومع ان عدونا يفوقنا عددا وعدة وتكنولوجيا، لكن كل ذلك لا يقاس بقوة شرعية ملكنا لأرضنا، وهو مقياس تفوقنا الحقيقي عليه، والذي يجب أن يكون حافزنا لتحطيم شبح الطائرات المسيرة وفرض وجودنا وضمان عيشنا الحر الكريم.

طبعا هذا يتطلب جدية، مثالية وفعل ميداني من طرف القيادة؛ رئيسا، امانة وطنية واطقم تسيير، لاستعادة الثقة والأمل الذي حرقته سنوات الانتظار المؤلمة، لا البقاء في حلقة الانتقام من التاريخ، البكاء على الأطلال والحسابات الضيقة في مواجهة الواقع الرديء الذي نعيشه.

إن كنا حقا مقتنعين بضرورة رفع التحدي والانتصار على العدو، علينا ان نختار امهر الأخصائيين لتحديد مكامن واسباب اعطال محرك سفينتنا وكيفية اصلاحها وليس بالترقيعات التي يتنامى في ظلها الفساد والانتهازية، لوضع حد لحالة التيه التي عكستها الحركات التي اعقبت المؤتمر الخامس عشر والتدويرات الاخيرة.

لا يمكن توجيه أصابع التقصير للقاعدة الشعبية بعد الهبة العارمة ابان الإعلان عن استئناف الكفاح المسلح، بقدر ما هي موجهة للقيادة في عدم حسن استغلال هذه الهبة التي أتمنى ان لا تكون الأخيرة.

لذا فالعلة تكمن في القيادة، لا في جنبات الخيام، تلك القيادة التي نتطلع الى ان ينصب كل جهدنا خلال المؤتمر القادم للرفع من مستواها، قيادة متجددة ومنفتحة على قواعدها، دون اقصاء، لحشد كل طاقاتنا في مواجهة التحديات في تغيير موازين المعركة المسلحة، وايجاد خطط، استراتيجيات واساليب سليمة في بناء قوتنا الذاتية واقامة العدل وازالة عوائق تطور مجتمعنا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس