عبد الناصر بن عيسى
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. هناك أشخاص وبلدان، خرجوا من الواقع نهائيا، وانضموا إلى المواقع، فما عاد يهمهم أن يدخل العدو أراضيهم وينهب خيراتهم ويحاول هتك أعراضهم، في أرض الواقع، مادام يقدّم لهم بين الحين والآخر تغريدة “هُيام”، ونخشى أن يأتي على هؤلاء حين من الدهر يجدون أنفسهم خارج الزمان والمكان، ترتبط سعادتهم فيما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
ما حدث في قضية اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بـ”مغربية” الصحراء من خلال تغريدة رئيس سابق، خسر مقعده كرئيس للبلاد، بجرة من شعبه، هو دليل على أن للمواقع شعبا وبلدانا، أنهكها واقعها المرّ، فراحت تبحث لنفسها عن مكان في المواقع لتعيش بالتمني، تفتخر باللاشيء وتحوّل مذاق الحياة بين الناس، لأن الحقيقة التي نعيشها حاليا، تؤكد بأن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تغير من موقفها تجاه القضية الصحراوية شيئا، بدليل رفضها نقل قنصليتها إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، قبل رفضها إجراء مناورات عسكرية في المنطقة، وهو دليل على أن الواقع يختلف تماما عن المواقع. وما حدث في كينيا مؤخرا، هو تأكيد على أن الحكاية لم تكن عابرة تخص رئيس دولة عظمى، وإنما تعني أي رئيس في العالم ولو كان في بلد صغير وفقير، حيث استقبل الرئيس الكيني الرئيس الصحراوي مثل الأبطال، والزعماء الكبار، في الواقع، ثم منح المغاربة تغريدة على المواقع، ابتهجوا بها وعاشوا لها وبها لعدة ساعات، كما فرحوا ومازالوا لحد الآن بتغريدة المواقع التي غرّد بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
هناك أخطاء جسيمة ترتكبها بعض البلدان في العالم وخاصة جهازها الاستخباراتي، عندما يبالغ في التعاون مع الجواسيس وفي إنشاء الجماعات المسلحة، التي تنقلب ضده عن قصد أو عن غير قصد، كما حدث مع القاعدة وداعش، وهناك بلدان منحت الضوء الأخضر للذباب الإلكتروني، حتى أنساها في المواقع حقيقتها على أرض الواقع، وصار يرى الهزيمة، نصرا، ونصر الآخرين هزيمة، والغريب أن بعض الشعب صار يغرد مع المغردين ويرتمي في حضن الوهم، كما حدث مع تغريدة الرئيس الكيني ومع غيره من الرؤساء المغردين، بالرغم من أن العالم بأسره يعلم بأن تغريدة الرئيس ليست قرار دولة، خاصة إذا تعلق الأمر ببلد ديموقراطي كبير.
مؤلم ما يفعله المغردون والنظام المغربي، بالشعب البسيط، الذي حلُم بواقع جميل في حياته الاجتماعية، فمنحوه أحلام المواقع، يصوّرون له تاريخه على أنه أقدم من سيد البرية آدم عليه السلام، وجغرافيته تمتد في خرائط بقية الدول، وصارت كل انتصاراتهم مرتبطة بتغريدات قد يكون صاحبها نفسه لا يدري بمحتواها، وكان يمكن للرئيس الأمريكي السابق مثلا، وهو سيد “الخطابات والخطب” أن يقولها صراحة. ولحسن الحظ أن صندوق النقد الدولي لا يغرّد، وإلا لغرّد المغردون بأن لا دولار واحد من الديون في رقبة المغرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس





