أفريقيا برس – الصحراء الغربية. ما إِن أعلنت الجزائرُ قطْعَ علاقاتِها الدّبلوماسية مع المملكة المغربية حتى لاحت في الأفق بوادر وساطات دولية عديدة؛ سواء كانت عربية أم غربية، لكن قبل ذلك؛ لا أحد تحرّك لوقفِ مسلسل الانحدار في العلاقات بين البلدين بسبب الخطوات العدائية التي أقدم عليها المخزن، بدءا بإقامة تحالفٍ استراتيجي مع الكيان الصّهيوني، يستهدف الجزائر تحديدا، من خلال تعاونٍ أمني واستخباراتي وصل حدَّ تواجد عسكريين صهاينة في منشأة عسكرية قريبة من الحدود الجزائرية، وكذا برنامج “بيغاسوس” الذي تجسّس على مئات المسؤولين الجزائريين على كل المستويات.
وقد عدّد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة التّصرفات العدائية المستمرّة الصّادرة عن المغرب خلال السّنوات الأخيرة، وعلى رأسها الدّعم المُعلن والخفي للحركات التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار وتهديد الوحدة الترابية الجزائرية، على غرار تنظيم “الماك” الانفصالي. أمّا القطرة التي أفاضت الكأس؛ فهي ما أقدمت عليه الممثلية الدبلوماسية المغربية بالأمم المتحدة عندما قامت بتوزيع وثيقة رسمية على جميع الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز، يكرّس محتواها بصفة رسمية انخراط المملكة المغربية في حملة معادية للجزائر، وهي خارطة للجزائر بُتِرت منها منطقةُ القبائل.
وفي الواقع؛ فإنّ الجزائر لم تبادر إلى قطع العلاقات إلّا بعد أن أخلّ المغرب بكل الالتزامات التي وافق عليها إثر الوساطة السّعودية سنة 1989، وهي تعزيز علاقات دائمة، قوامها السلم وحسن الجوار والتعاون بين الشعبين الجزائري والمغربي، والمساهمة الفعّالة في تسريع بناء المغرب العربي الكبير، والمساهمة في تعزيز الصّف العربي حول القضية الفلسطينية المقدَّسة، بما يكرِّس الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في إقامة دولته وتحرير جميع الأراضي العربية المحتلَّة، ودعم حلٍّ عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية عبر تنظيم استفتاء حرٍّ ونزيه يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره.
والسّؤال المطروح: ما الالتزام الذي حافظ عليه المغرب من الالتزامات التي كانت شرطا لعودة العلاقات قبل 34 سنة؟ لقد عطّل المخزن مسار بناء المغرب العربي بحجة النّزاع الصّحراوي، وتنكّر للحقّ الفلسطيني وأقام علاقات تعاون مع المحتلين الصهاينة، وعرقل مسار الاستفتاء في الصّحراء الغربية، وأساء إلى حقّ الجوار بسياسة عدائية تجاه الجزائر.
ومن حق الجزائر اليوم أن لا تقبل بعودة العلاقات إلى طبيعتها مع الجارة الغربية إلّا بالعودة إلى الالتزامات الأربعة التي كانت أساسا لاستئناف العلاقات سنة 1989، وعلى رأسها وقف مسار الخيانة والتّطبيع مع الكيان الصّهيوني، وأيّ وساطة دولية لا تُبنى على الوساطة السّعودية التّاريخية لن تصل إلى نتيجة.