17 يناير 1966.. يوم سقطت قنبلة هيدروجينية على صياد إسباني

8

الصحراء الغربية – افريقيا برس. كان صباح يوم 17 يناير/كانون الثاني 1966 مثل أي يوم بالنسبة لصياد الروبيان الإسباني فرانسيسكو سيمو أورتس (38 عاما)، فقد ذهب وحده في قاربه إلى البحر قبالة ميناء أندلسي صغير، وهو لا يدري أن دراما تدور على ارتفاع 10 آلاف متر فوق رأسه، وأنه بعد دقائق ستسقط قنبلة هيدروجينية فوق رأسه.

وبينما كان فرانسيسكو يصطاد بهدوء، جذب بصره فجأة شيء غريب مرتفع جدا ولونه أزرق، فلما أحدّ بصره، رأى وكأن صاعقة صغيرة تنزل، رأى مظلة تنزل باتجاهه وهي تحمل كتلة مظلمة بلا حراك، فاندفع إلى المجاديف لينجو بأعجوبة من القصف، وابتلع البحر الحزمة الغريبة فقال في نفسه “رباه. أنت أكبر جمبري طائر رأيته في حياتي”.

في ذلك اليوم -كما تقول مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية- فقدت قاذفة أميركية قنابلها الأربع فوق الساحل الأندلسي بعد اصطدامها بطائرة للتزود بالوقود أثناء الطيران، وما أوشك أن يسقط على رأس فرانسيسكو كان قنبلة هيدرجينية قادرة على تدمير نصف إسبانيا.

وقالت المجلة إن ما حدث كان سببه فشل التزود بالوقود أثناء الطيران، إذ كان العالم في منتصف الحرب الباردة، وقرر الجنرالات في واشنطن تخويف “الطرف الآخر” بوضع قنبلة هيدروجينية بين عينيه، وأصدروا الأمر إلى قاذفة “بي-52” (B-52) مسلحة بـ4 قنابل هيدروجينية، بالتماس مع المجال الجوي السوفياتي، لكن اللعبة لم تكن متقنة، خاصة عند إعادة التزود بالوقود فوق إسبانيا.

افصلوا افصلوا
تمرين التزود بالوقود أثناء الطيران صعب جدا، وقد بدأ طيار “بي-52″، لاري ميسينجر، المناورة فوضع القاذفة خلف طائرة الصهريج “كيه سي-135” (KC-135) لربط العمود الصلب، ولكنّ خطأ تم ارتكابه.

يقول الطيار “كنا نقترب من الناقلة من الخلف، ونحن نطير بسرعة لا بأس بها، حتى بدأنا نتفوق عليها، إلا أن هناك إجراء عندما يعتقد الرجل الذي يحمل العمود أنك تقترب أكثر من اللازم وأن هناك خطرا، يصرخ (افصلوا افصلوا)، ولكن أحدا لم يصرخ، لذلك لم نر خطورة الموقف، وفجأة اندلع الجحيم”. ضربت القاذفة النووية جسم الصهريج، مما أسفر عن مقتل 4 من أفراد فرقته، و3 من الرجال السبعة الذين كانوا على متن القاذفة، وتمكن لاري ميسينجر والناجون الآخرون من القفز بالمظلة.

ولم تكن القنابل الهيدروجينية الأربع بقوة 1.45 ميغاطن، لحسن الحظ مسلحة، فانفصلت تلقائيا وسقطت تتأرجح تحت مظلاتها، فاختارت إحداهن فرانسيسكو هدفا، في حين هبطت الثلاث الباقيات بالقرب من الميناء الأندلسي، ولم تحدث أي ضرر لأنها لم تكن مسلحة، ومن ثمّ لم تنفجر.

أما فرانسيسكو الذي أصبح يلقب باكو لابومب (باكو القنبلة)، فقد وظفته البحرية الأميركية للعثور على القنبلة في قاع الماء، في مهمة استغرقت 81 يوما، وانتهى به المطاف إلى تحديد موقع “روبرت”، وهو اللقب الذي أطلق على القنبلة، على عمق 869 مترا كما هي، فاستخرجت وأعيدت إلى الولايات المتحدة.

ونال باكو تعويضا، ولكن أحد المحامين أخبره بأنه يمكنه الحصول على المزيد، فذهب صياد الروبيان إلى واشنطن يطالب بتطبيق عرف قانون بحري يمنح مكتشف الحطام 1% من قيمته، ولكن البنتاغون قدّر تكلفة القنبلة بملياري دولار، ومع الزمن تلاشت شكوى الصياد، واضطر إلى العودة إلى المنزل بجيوب فارغة، ووجد قاربه غير صالح للاستخدام، إلا أن صحيفة إسبانية أطلقت حملة لجمع التبرعات لمصلحته من أجل شراء قارب جديد.