جون أفريك: فرنسا- المغرب العربي.. التوازن المستحيل

11
جون أفريك: فرنسا- المغرب العربي.. التوازن المستحيل
جون أفريك: فرنسا- المغرب العربي.. التوازن المستحيل

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. قالت مجلة ‘‘جون أفريك’’ الفرنسية، إنه إدراكا منها لتراجع نفوذها، أعادت فرنسا تنشيط سياستها المغاربية، لا سيما من خلال زيارة رئيسها إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في نهاية شهر أغسطس الماضي، ولكن باريس تبحر في المياه المضطربة في سياق التوترات الإقليمية الكبيرة.

وتطرقت ‘‘جون أفريك’’ إلى العلاقات الحالية بين فرنسا والمغرب متحدثة أولاً عن‘‘سوء الفهم’’ على خلفية قرار باريس قبل عام خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة بشكل كبير، بما في ذلك الشخصيات الفرانكوفونية التي اعتادت التنقل ذهابا وإيابا بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

وتحدثت المجلة ثانيا عن ‘‘الخلاف العاطفي’’ الذي يمس قضية الصحراء، حيث أوضحت المجلة أن فرنسا وبعد أن كانت ذات مرة في طليعة داعمي المغرب في هذه الأزمة الإقليمية، ها هي اليوم ترى العديد من الدول الغربية -الولايات المتحدة وإسرائيل وإسبانيا وألمانيا- تتجاوزها في هذا الدعم، إما من خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، أو من خلال الإعلان أن خطة الحكم الذاتي التي يطرحها المغرب ‘‘تشكل الأساس الأكثر جدية لتسوية النزاع’’. ومن الآن فصاعدا، تتنظر الرباط من باريس أدلة إضافية على الحب، كما يشهد على ذلك خطاب الملك محمد السادس يوم 20 أغسطس الماضي.

حدود ‘‘في الوقت نفسه’’

المشكلة -بحسب ‘‘جون أفريك’’- أن أي انعطاف فرنسي في هذا الاتجاه سيكون له تأثير تلقائي في إثارة غضب الجزائر، التي خرجت باريس لتوها من أزمة دبلوماسية معها استمرت عدة أشهر. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المنخرط بشكل كامل في سياسة مصالحة تاريخية مع الجزائر، والتي تبقى نتائجها غير مؤكدة، لا يمكنه الآن العودة إلى الوراء في منتصف المعبر أو الطريق، إلا إذ اعترف بفشل سياسته الجزائرية. وتشير المجلة إلى أن الأخير حجز للجزائر زيارته الأولى إلى المغرب العربي في ولايته الرئاسية الثانية.

في سياق آخر، فإنه على سبيل المثال خلال سنوات حكم بوتفليقة، عندما كانت الدبلوماسية الجزائرية صامتة، ربما كان وقتها بإمكان رئيس الدولة الفرنسي الحفاظ على شكل من التوازن بين الرباط والجزائر، وفقًا لوصفته الخاصة “في الوقت نفسه”.

لكن على الرغم من بعض مؤشرات التهدئة من الجانبين الجزائري والمغربي، فالتوتر يتزايد بينهما بشأن قضية الصحراء، والذي أظهره دبلوماسيو البلدين منذ عدة أشهر، حيث لا يمر أسبوع دون أن يتبادل ممثلو ‘‘البلدين الشقيقين’’ الهجمات الكلامية، ولم يعد احتمال نشوب صراع مفتوح جديد بين الجارتين خيالا علميا، تقول ‘‘جون أفريك’’، معتبرة أن الرئيس الفرنسي يسير على قشر البيض وأن عليه أن يحرص على الامتناع عن الحديث عن هذا الموضوع. وهذا هو بالضبط ما يطلبه العاهل المغربي، وفق المجلة الفرنسية دائماً.

كما اعتبرت ‘‘جون أفريك’’ أن المفاوضات خلف الكواليس حول مضمون زيارة إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى المغرب، التي كان قد أعلن عنها هو بنفسه عقب عودته من الجزائر، تعد بأن تكون الأصعب.

الورقة التونسية

عن العلاقات الفرنسية التونسية، قالت ‘‘جون أفريك’’ إنه في مواجهة تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة لصالح لاعبين جدد -إسرائيل وتركيا على وجه الخصوص- يرى الرئيس الفرنسي في تطورات النظام التونسي مادة لإعادة نشر نفوذ بلاده. وأكدت المجلة أن تونس وجدت تفهماً أكثر من الرئيس الفرنسي، بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة الرافضة للنزعة الاستبدادية المتزايدة للرئيس التونسي قيس سعيد.

وأشارت ‘‘جون أفريك’’ إلى أنه في أعقاب الاستفتاء الدستوري في تونس، والذي لم يحترم القواعد الأساسية لأي ممارسة ديمقراطية، وصف ماكرون الاقتراعَ بأنه ‘‘مرحلة مهمة في عملية الانتقال السياسي الجارية’’، وأكد لنظيره التونسي دعم باريس في المناقشات بين تونس وصندوق النقد الدولي.

لكن هنا مرة أخرى -توضح ‘‘جون أفريك’’- فإن السياق الإقليمي الحالي لا يسهل مهمة قصر الإليزيه، في ظل الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وتونس، والتي أشعلها قيس سعيد بخروجه عن خط ‘‘الحياد النشط’’ التقليدي لقصر قرطاح بشأن أزمة الصحراء، من خلال استقباله شخصيا لرئيس الجمهورية الصحراوية إبراهيم غالي، بمناسبة قمة “تيكاد” الثامنة التي عُقدت في تونس نهاية شهر أغسطس، وهو ما أثار غضب الرباط المتوقع، كما تقول ‘‘جون أفريك’’، معتبرة أن تونس، التي باتت تعتمد المعونات المقدمة من الجزائر، لم تعد في منأى عن الشظايا الناتجة عن الصراع الصحراوي، وأضحت الآن تصنف من قبل المغرب على أنها ‘‘مؤيدة للجزائر’’.

ورأت ‘‘جون أفريك’’ أن الرهان الكامل للرئيس الفرنسي الآن هو إعادة إطلاق الصداقة الإستراتيجية الفرنسية المغربية، وتحقيق مصالحة تاريخية مع الجزائر، واستعادة مكانته كـ‘‘عراب’’ تونس أو ‘‘الأب الروحي’’ لتونس. وهي أهداف يعتبرها البعض متناقضة، بل من المستحيل تحقيقها ‘‘في الوقت نفسه’’ في مثل هذا السياق.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس