عبداتي فوداش
أفريقيا برس – الصحراء الغربية. قبل أن أخوض في تفصيل هذا المقال “العنوان”، لابد من الإشارة إلى أن جملة “الصحراء المغربية” مجرد خطاب للإستهلاك الإعلامي الداخلي لاغير، وبالتالي فأي مفاوض مغربي كيفما علا شأنه في علم التفاوض فإنه يفاوض على مصير الصحراء الغربية ويبتلع حرف الميم أو بشكل محتشم ينطق كلمة الصحراء حافية ما معاها شي.
وبالعودة إلى صلب الموضوع “العنوان” وحتى أضع القارئ الكريم في الصورة فعمر أستاذ جامعي مغربي في علم الإقتصاد، وسعيد كاتب ذو فكر يساري، مغربي أيضا، والبشير مصطفى السيد أحد قادة جبهة البوليساريو
قد يتساءل البعض عن العلاقة بين هؤلاء الثلاثة، ولكن سأتركها مسك الختام.
في أحد لقاءاته، السنة الماضية، أكد الأستاذ الجامعي المغربي عمر الكتاني أن بعض الدول الغربية تدعم المغرب سياسيا في مسألة قضية الصحراء الغربية، في إطار ما سماه “ريع الدولة”. بمعنى أن النظام المغربي يراهن على مواقف مساندة لقوى عظمى مقابل إتاوات مادية، وذكر مسألة المناقصة على مشروع الطرامواي والقطار السريع “تي جي ڤي” كأمثلة، حيث عرضت الصين على المغرب إنجاز المشاريع بنصف التكلفة التي عرضتها فرنسا، ولكن النظام المغربي اختار هذه الأخيرة. لماذا؟ لأن الأمر مرتبط بشراء موقف مساند في قضية الصحراء الغربية.
موقف يؤكد الأستاذ عمر أنه غير دائم ومجرد نسبي فقط، قد يساهم في تأخير تطبيق القرارات والشرعية الدولية، ولكنه غير قادر على إلغاءها. والدليل أن فرنسا لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
الكاتب المغربي، اليساري المعارض، سعيد الوجاني، كتب مقالا تحت عنوان “صفعتان مدويتان يتلقاها خد النظام السلطاني المخزني المغربي”، تحدث فيه عن إخفاقات المغرب في انتزاع موقف صريح من الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص “مغربية” الصحراء، بعد ابتلاع طعم الرئيس السابق دونالد ترامب: تغريدة مقابل التطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي ووأد القضية الفلسطينية، الأمر الذي سماه سعيد الوجاني ب”الصفعة الثانية”.
فبعد أن أفاق النظام المغربي من حلم التغريدة “الاعتراف بالسيادة” وعدم بناء قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، ولو افتراضية، تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أكدت أن موقفها ثابت من قضية الصحراء الغربية ويتماشى مع القرارات الدولية ذات الإرتباط، حتى وإن بدى لها المقترح المغربي “واقعيا وذو مصداقية” و (“وااااااعر ويا سلااااام”.. بالأنجليزي)، بمنح الإقليم “حكما ذاتيا”.
سعيد الوجاني أشار إلى أن حل قضية الصحراء الغربية بات قاب قوسين وأدنى، وقد تنبأ الكاتب بأن بوادر الحل ستظهر في أفق سنتين إن شاء الله.
البشير مصطفى السيد، أحد قادة جبهة البوليساريو ومن الرعيل الأول المؤسس، تحدث بشكل صريح عن جملة من النقاط، بعيدا عن مقص الرقيب السياسي الدبلوماسي، في شريط صوتي، مسجل تم تسريبه، لم نتأكد بعد من صحته، ولكن يبقى أبرز تلكم النقط هو قرار العودة إلى الحرب.
وفي الحقيقة لم أهتم بهوامش الحديث حول من أصدر قرار العودة إلى امتشاق البنادق، ولا من كان سببا في الفشل، لأننا تعلمنا من فكر الثورة أنها حرب طويلة الأمد، بسلبياتها وإيجابياتها، وقد لا نحظى بقطف ثمارها نحن الأحياء، لكن على الأقل لازلنا على سكة قطار التحرير ولم يعرف اليأس طريقه نحو فكرنا وتفكيرنا ولم ينل من عزيمتنا.
البشير مصطفى السيد، أشار إلى أن اتخاذ قرار العودة للحرب، مر بمخاض عسير، وأن الحليف الإستراتيجي والوجودي كان مترددا بعض الشيء. ولكن من خلال قراءتي البسيطة فقد أعطانا البشير بشائر خير جديدة تتمثل في أن الوضع لن يبقى على ماهو عليه، وأن الحرب ستتطور، إن كانت شرا لابد منه، ولكن القرار معطل ومرتبط بالقوى العظمى، وبمجرد الحصول على ضوء أخضر سيتغير ميزان القوى كما حدث في العدوان على اليمن.
بمعنى أن حرب التحرير الثانية ليست كالحرب الأولى. فلكل حرب خصوصيتها الجيوسياسية والجيو-استراتيجية، والعالم اليوم يعيش أحادية القطب عكس القرن الماضي، وبالتالي فإن الانتقال إلى مرحلة جد متطورة في حرب التحرير مؤجل إلى حين.
من خلال تصريح الأستاذ الجامعي المغربي، وتنبؤ الكاتب المغربي سعيد الوجاني، وكلام القيادي الصحراوي البشير مصدفى السيد نستشف أن:
أولا: حل قضية الصحراء الغربية على أساس الشرعية الدولية غير قابل للتصرف، وتطبيقه مسألة وقت لا غير، والجميع مقتنع بهذه الفكرة، وحتى المفكرين والساسة المغاربة يدركون ذلك.
ثانيا: قرار الانتقال بالحرب نحو مستوى متطور وأوسع جغرافيا، قد يشمل المنطقة برمتها بما فيها المنشئات الحيوية (كالموانئ ومنجم بوكراع، وثغرة الݣرݣرات..) في المدن المحتلة من الصحراء الغربية هو قرار بيد الدول العظمى، لكنه مؤجل. وهنا نستحضر تصريح وزير الدفاع الصحراوي الولي عكيك حول إمكانية ضرب المدن المحتلة، الذي استهجنه البعض.
المهم: لقد كان عمر المغربي صادقا في كلامه وكذلك كان المغربي سعيد، أما البشير فكان بشيرا بلغة النذير.. وأرجو أن لا يكون المتشائم من الصحراويين في علاقته مع الجبهة كصاحب سيدنا الخضر الذي لم يستطع معه صبرا… أما الخونة فلا يعنينا نهيقهم مع كامل احترامي للحمار كحيوان.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس