أفريقيا برس – الصحراء الغربية. المجهود الذاتي الاستثنائي، الذي بذلته البوليساريو ليغادر النزاع محل النسيان، ويظهر في صورته الحالية، أدى إلى فيضان في منسوب الاهتمام الدولي بالقضية الصحراوية.
وبفضل المعطيات التي وفرتها الحرب، تكاملت كل ظروف الحل الإيجابي، لصالح الإستقلال،وهي:
أولا: أن الأسس الذاتية التي قامت عليها الدولة الصحراوية
في عام 1976، لا تزال قائمة حتى اليوم، وهي: الأرض، الشعب، الجيش، والحكومة.
ثانيا: أن الأسباب التي أدت بالمغرب إلى طرح فكرة الاستفتاء، والتعهد بالالتزام بنتائجه، بل وبفتح سفارة للدولة الصحراوية، في حالة الاستقلال، عام 1988، عادت لتطرح نفسها، الآن، وبقوة.
ثالثا: أن معظم دول العالم، جددت التأكيد، في هذا الظرف،عدم اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وهذا يعنى بأنها ليست ضد فكرة قيام دولة صحراوية كاملة السيادة على أراضيها.
رابعا: هناك تصور يرى بأن نموذج الدولة الصحراوية الحالي، هو نموذج مقبول عند الغرب.
خامسا: أن منطقة شمال غرب أفريقيا تعتبر امتداد طبيعي جغرافي وسكاني، لمنطقة الساحل الأفريقي، لذلك، فإنه لا يمكن أن يعم السلام والاستقرار هذه المناطق، دون حل نهائي لمشكلة الصحراء الغربية.
سادسا: وجود حديث عن أهمية البوليساريو في ضبط الأمن والاستقرار في المنطقة، وبأنها يمكن أن تكون مكون من تحالف جهوي لوقف تمدد الجماعات الجهادية باتجاه الضفة الغربية من المحيط الأطلسي.
سابعا: بعض دولة المنطقة، أصبحت تعتبر الصحراء الغربية، امتداد للعمقها الأمني والإستراتيجي.
ويرى محللون بأن حل قضية الصحراء الغربية، ضروري، لأنه سيجنب المنطقة مخاطر كثيرة، أكثرها إلحاحا، ما يلي:
1- أن تجدد القتال بين البوليساريو والمغرب جعل أبواب المنطقة مفتوحة أمام متغيرات عسكرية كثيرة، خاصة، وأن الأعمال القتالية ليس لها مكان ثابت، والقتال يدور في شمال وجنوب المنطقة. وحتى الآن تم استهداف مناطق في جنوب المغرب، ومن غير المستبعد أن يتم استهداف مناطق العمق أيضا.
2- وجود أعمال قصف قريبة جدا، أي بمسافة أقل من ثلاثة كيلومترات من الحدود الجزائرية المقابلة لمنطقة (المحبس).
3- نفس الشيء يحدث مع الحدود الشمالية والجنوبية لموريتانيا، حيث قام المغرب بتشديد حزام رملي على مسافة صفر/ كلم من الحدود الموريتانية القريبة من أهم ميناء لتصدير الحديد. كما سجلت موريتانيا سلسلة من الاعتداءات المغربية المسلحة التي أستخدم فيها إطلاق النار على قوات نظامية، وكذلك، المواطنين والمواشئ!!
4- تدخل بعض الفاعلين الأجانب، بالخصوص، الإمارات و”إسرائيل” في المنطقة، حيث حضر خبراء البلدين للإشراف على تسيير الطائرات المسيرة لمراقبة المنطقة، والقيام ببعض العمليات الحربية لصالح المغرب، حيث أدت إحداها إلى استشهاد المدير العام الدرك الصحراوي، الشهيد، الداه البندير.
5- وجود مخاوف متزايدة من تقدم بعض التنظيمات الجهادية المسلحة المتواجدة في منطقة الساحل الإفريقي بهدف الاستقرار في المنطقة. وأمام ذلك، لجأت الجزائر، موريتانيا، والحكومة الصحراوية إلى إنشاء مناطق عسكرية مقلقة ناحية الشرق محروسة بشكل دائم مع وجود تنسيق أمني كبير لتبادل المعلومات بشكل فوري، بعد أن اتضحت قدرة هذه الجماعات على القيام بعمليات مسلحة، منظمة، ضد جيوش نظامية.
في هذا السياق. نذكر بأن الجيش الصحراوي، وفي إطار نجاحاته الكبيرة، قادر ومستعد للمساهمة في حماية محيطه، خاصة، وأن الصحراء الغربية تقع ضمن مناطق الجوار الجغرافي لدول الساحل الأفريقي، بل امتداد جغرافي وسكاني له عبر مناطقه المفتوحة، والتي تمتد من المحيط الأطلسي غربا، نحو مالي وجوارها المباشر، النيجر بوركينا فاصو. وداخل هذا الفضاء الرحب، تعيش مجتمعات رعوية، غير ثابتة، من كل دول المنطقة، تربط بينهم علاقات مصاهرة، وتجمع بينهم المصالح، بحيث يمكن للراغبين في التنقل بين هذه الأماكن، أن يقومون بذلك، دون تكاليف، ودون مشاكل.
ويشكل التراب الصحراوي، همزة وصل -هي الأقرب في كل المنطقة – نحو الضفة الغربية من المحيط الأطلسي، وهي عامل أساسي في مجال لكل العاملين في ميدان الجريمة المنظمة بكل فروعها.
6- أنه وبعد أن تأكد فشل اعتماد الدول الأوروبية على المغرب، كبلد يتسلح بالرذيلة، ويمارس الاستبزاز في حمايتها من مخاطر الإرهاب، والمخدرات، والهجرة، أصبحت هذه الدول تفكر في البديل، الذي هو الدول التي تسبق المغرب، وهي: الجزائر، وموريتانيا، والدولة الصحراوية، التي أصبح وجودها في المنطقة أمر لا يمكن تجاوزه.