هل يتغير موقف جبهة البوليساريو تجاه مقترح المغرب؟

23

تتوالى المطالبات بين الحين والآخر بشأن حل أزمة “جبهة البوليساريو”، الممتدة منذ عشرات السنوات.المبادرات والتصريحات التي تخرج من الجانب المغربي، دائما ما تقابل بالرفض من جانب جبهة البوليساريو، خاصة فيما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي التي أطلقتها المملكة في وقت سابق.

تمثل القضية إحدى العقبات في العلاقات المغربية الجزائرية، خاصة أن المغرب دائما ما يلقي باللوم على الجارة الشقيقة بأنها الداعم الأول للجبهة، وهو ما لا تنكره الجزائر بإقرارها دعم استقلال الجبهة.

تسوية النزاع

في أخر تطورات المشهد دعا الوزير السابق محمد الشيخ بيدالله، جبهة البوليساريو للانضمام إلى الحل الذي اقترحته المغرب لتسوية النزاع حول الصحراء.

وقال بيدالله، الأمين العام الأسبق لحزب “الأصالة والمعاصرة”، في تغريدة نشرها عبر حسابه الخاص على موقع “تويتر”، إنه “آن الأوان للبوليساريو أن يستخلص الدروس من تجربة الحركات المشابهة في إيرلندا وأمريكا الجنوبية، ويطرح السلاح، ويتحول إلى كيان سياسي، وينضم إلى الحل الجدي الذي اقترحته بلادنا للم الشمل، والتفرغ معًا لبناء وطن موحد”، حسب ما نقلت الصحافة المغربية.

الجانب الآخر يرى تلك التصريحات أنها مجرد محاولات لا فائدة منها، بينما يراها الخبراء في الجانب المغربي، بأنها في إطار المحاولات المغربية لإنهاء الأزمة وتحسين الوضع في المخيمات.

عقيدة الجبهة

يقول الأكاديمي المغربي، محمد بودن، إن مثل هذا الخيار يتطلب قيادة لها الكفاءة والاستقلالية، والمؤكد أن جبهة البوليساريو لا تتوفر على هذه الشروط الضرورية لتقود نفسها نحو قرار بنيوي كهذا.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الدعوات المذكورة قد تكون وجيهة لكن قرار جبهة البوليساريو مملوك من لدن “دولة أخرى”، وحصول تحول في طبيعة وعقيدة الجبهة لن يتحقق إلا إذا رأت الجزائر مصلحتها في الموضوع، أو بواسطة إجراءات قد تكون بعضها رادعة.

وحول موقف الجزائر من الأزمة، يقول عنه بودن، إنها لا تكتفي بالتعبير عن مواقف الدعم لجبهة البوليساريو ووصفها بـ “الجمهورية” في تعارض تام مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

مخيمات تندوف

وتابع بقوله: “حمل البوليساريو على القيام بما هو صائب يمر أساسا عبر تحمل الجزائر لمسؤوليتها الكاملة في الملف، والحقيقة أن تنفيذ هذه الخطوة يمكن أن ينقذ ساكنة مخيمات تندوف من المصير المجهول، لكن الخطوة تتطلب استقلالية في القرار لدى الجبهة، وقدرات قيادية محبة للسلام ومدركة لوجاهة مبادرة الحكم الذاتي، وحينها لن تكون هناك حاجة لبقاء بعثة المينورسو في المنطقة”.

ويرى محمد بودن أن عدم تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة لا يوقف مسار ملف الصحراء المغربية بالأمم المتحدة والممثل الشخصي الجديد ينبغي أن تتوافر فيه شروط النجاح في المهمة، ومن بينها شروطها الواقعية.

ويعتمد تعيين المبعوث الأممي على توافقات، وهو في نهاية المطاف مساعد للأمين العام للأمم المتحدة في اضطلاعه بالمهمة الموكولة له من قبل مجلس الأمن.

لا خيار عن الاستقلال

في المقابل، قالت النانة لبات الرشيد، مديرة إدارة النشر والطباعة بالجبهة، إن أي مبادرات لا تنص على استقلال الصحراء لن تلقى أي تفاعل معها.

وفي حديثها لـ”سبوتنيك”، قالت إن سلاح الجبهة مرهون بالاستقلال، وأن ما دون ذلك سيظل سلاح الجبهة في يدها للدفاع عن حقها في الاستقلال.

فيما يتعلق بعدم تعيين المبعوث الأممي الجديد ترى الرشيد أن ضعف الأمم المتحدة في حسم القضية وراء التأخير حتى الآن. وتابعت: “أن معظم الأطراف لا تريد حسم القضية وتريدها مستمرة بحسب إملاءات بعض الدول”.

“البوليساريو” هي اختصار لـ”الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” وهي حركة تحررية تأسست في 20 مايو/ أيار 1973، وتنازع المغرب السيادة على إقليم الصحراء، منذ جلاء الإسبان، وتحول النزاع إلى صراع مسلح توقف عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

الجمهورية الصحراوية

وتسعى الجبهة إلى تحرير الصحراء الغربية مما تراه استعمارا مغربيا، وتأسيس دولة مستقلة جنوب المغرب وغرب الجزائر وشمال موريتانيا تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

وتخوض الجبهة صراعا مسلحا من أجل ذلك، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات برعاية الأمم المتحدة لحل المشكلة، ولم تستطع منظمة الوحدة الأفريقية ولا منظمة الأمم المتحدة الوصول بعد إلى حل سلمي لنزاع الصحراء الغربية الذي قارب عمره ثلاثة عقود.

منذ استقالة المبعوث الأممي للصحراء، هورست كولر، منتصف العام الماضي لم تتمكن الأمم المتحدة من تعيين آخر، حتى اليوم. خاصة أن كولر لم يمضِ على تعيينه سوى أقل من عامين، وتقدم باستقالته.