أفريقيا برس – الصومال. في محاولة للحفاظ على الإرث التاريخي وتعزيز ثقافة الفروسية، احتضنت العاصمة الصومالية مقديشو أول مربط لتربية الخيول بعد سنوات من التجاهل كادت أن تهددها بالاندثار.
ومؤخرا أطلق صوماليون مبادرة لتربية الخيول داخل مربط في «القرية الرياضية» في العاصمة مقديشو، حظت باهتمام شعبي واسع نظرا لارتباطها بالإرث التاريخي والثقافي للبلاد.
تشكل الخيول للصوماليين رمزية تاريخية تربطهم بنضال أجدادهم إبان الاستعمار الغربي، كما تعد جزءا من ثقافتهم الأصيلة، لا سيما في ظل انتشار المسابقات والمهرجانات الاستعراضية للخيول في الريف والمدن الصومالية في الماضي.
ورغم الاهتمام الشعبي اللافت بإعادة تربية الخيول، لكن المبادرة لا تزال تواجه العديد من المعوقات أبرزها إهمال السلطات لهذا القطاع.
ثقافة الفروسية
وقال عيسى محمود، نائب رئيس الاتحاد الصومالي للفروسية، إن ثقافة تربية الخيول كادت أن تندثر خلال الثلاثة عقود الماضية وخاصة منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991 جراء الصراعات والحروب الأهلية في البلاد.
وأضاف: «نسعى بمبادرة تربية الخيول إلى إعادة إحياء الإرث التاريخي للأجداد وغرس حب الاعتناء بهذا الموروث الثقافي والحضاري داخل نفوس الأجيال الجديدة».
وأوضح: «نحن في صدد خلق وعي جمعي في الصومال بتربية الخيول، لا سيما بعد اختفاء ثقافة الفروسية التي كانت سائدة في الماضي بسبب تدهور الأوضاع خلال العقود الفائتة».
وعلى مدى سنوات طويلة، اختفت مظاهر الفروسية ومزارع تربية الخيول من العاصمة الصومالية مقديشو وضواحيها، وباتت قاصرة على بعض القرى الريفية في البلاد.
ومؤخرا شهدت مهنة تربية الخيول اهتماما لافتا من عدة فئات في المجتمع، أبرزها الشباب الراغب في تلقي دورات تدريبية لتعليم الفروسية.
وقال الشاب طاهر آدم: «زيارة المزرعة ومشاهدة جمال تربية الخيول وسبل ترويضها خلال العطل الأسبوعية كانت بمثابة شرارة البدء لعشق تعلم رياضة الفروسية».
وأوضح: «كنت أشاهد رياضة الفروسية في التلفاز، لكن على الواقع بات الأمر رائعا لما فيه من إحساس بالخيل وفطنة لفهم إشارات جسده».
وأضاف: «اقصد مربط تربية الخيول في العطلات الأسبوعية، وأطمح في أن أصبح فارسا يشارك في البطولات المحلية والقارية في المستقبل القريب».
تحديات التدريب
وأوضح مدرب الخيول يحيي عيسى، أن للتدريب على رياضة الفروسية تحديات عديدة أبرزها اختلاف طبائع خيول على غرار البشر، ما يتطلب دراية واسعة في التأقلم عليها.
وتابع:»طريقة التعامل والتواصل مع الخيول بشكل جيد تعد من أهم التحديات التي يواجهها المتدربون».
وأضاف: «قضاء المتدرب لوقت كافي مع الخيل يعد من أساسيات تعلم وإتقان رياضة الفروسية، لا سيما وأنها تحتاج إلى صبر وحكمة وتمالك أعصاب وضبط انفعالي».
وفي زاوية من المزرعة يقوم المدرب يحىى عيسى، بترويض الخيول أمام مجموعة من المتدربين لتعليمهم كيفية استجابة الخيل للأوامر صوتية وتوجيهات السير والجري والقفز فوق الحواجز.
في منطقة «برواقو» في حي دينيلي في مقديشو، يحتشد عشرات المواطنين لمشاهدة مسابقة فروسية بين 6 شباب يمثلون أندية فروسية محلية لإعلان الفائز في المسابقة التي تقام مرة في الأسبوع.
وفي ساحة تبدو بدائية وغير مهيأة للسباق يتنافس 4 شباب في مسار يبلغ طوله 400 متر، حيث ينطلق المتنافسون من نقطة بداية محددة حتى يصلون إلى الشريط النهائي.
ومع انطلاق المنافسة تمكن منافسان من الوصول إلى الشريط النهائي في زمن قياسي، لكن بعد العودة للحكام تم إعلان فوز أحمد عمر، بفارق ضئيل على منافسه. وقال الفائز إنه سعيد بفوزه في المسابقة، والتي تحتاج أحيانا إلى الخبرة والتأني.
ويتطلع الاتحاد الصومالي للفروسية، من خلال المسابقات المحلية إلى المشاركة في المسابقات الدولية لاستعادة دور الصومال في أولمبياد العالم.
وإلى جانب رياضة الفروسية، يعتاد الصوماليون على استخدام الخيول في الأفراح والمناسبات وحفلات التخرج في الجامعات والعروض الاستعراضية ومراسم البروتوكولية الرسمية.