مع انسحاب جنود قوات حفظ السلام الأفريقية، نهاية سبتمبر/ أيلول 2018، من إحدى البلدات الواقعة على بعد 30 كيلومتراً شمال العاصمة مقديشو، تدفّق إليها وإلى القرى المجاورة المئات من مقاتلي حركة الشباب الصومالية ومن دون قتال، ليبدو أن الانسحاب التدريجي لقوات حفظ السلام الأفريقية من البلاد بعد 11 عاماً من العمل فيها، والذي تم وضعه في إطار النجاح في صدّ الحركة التي تخوض حرباً ضد الحكومة الصومالية، سيشكل فرصة للحركة للتمدد مجدداً. ما يعني أن تشكيل القوات الأفريقية عام 2009، لغرض مكافحة “حركة الشباب” والقضاء عليها، والبقاء طوال هذه الأعوام في الصومال، لم يفِ بغرضه، وأنّ التهديد الذي تشكله حركة الشباب داخل الصومال وفي منطقة القرن الأفريقي لا يزال قائماً.
وكان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي قد قرّر، في يونيو/ حزيران عام 2016، إجراء خفض تدريجي لقوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال، والانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2020، على أن تتسلّم مسؤولية حفظ الأمن قوات الأمن الصومالية والجيش الوطني الصومالي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أعلنت بعثة الاتحاد الأفريقي أنها ستسحب ألف مقاتل على أن تغادر الأراضي الصومالية في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2018، بينما تكمل بقية القوات البالغ تعدادها 22 ألف جندي، انسحابها بحلول نهاية عام 2020.
وتعليقاً على ذلك، رأت إثيوبيا، المشاركة في العمليات ضدّ حركة “الشباب”، أنه على بعثة الاتحاد الأفريقي عدم تنفيذ قرار خفض القوات التابعة لها في الصومال بشكل تدريجي، قبل القضاء على حركة “الشباب” بشكل نهائي، رغم أنّ الحركة أظهرت تراجعاً في قدراتها حتى مع استمرار تهديداتها للأمن الداخلي، وأمن دول الجوار الأفريقي.
وتعدّ فترة عمل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (11 عاماً)، أطول عملية للاتحاد، كما أنها العملية الأوسع في سياق جهودها لإحلال السلام في الدول الأفريقية، والأكثر كلفة مادية، بقيمة تجاوزت المليار دولار سنوياً منذ عام 2014. واعتمدت بعثة الاتحاد الأفريقي على مجموعة متداخلة من العلاقات والشراكات مع منظمات دولية: الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، ومع دول عدة، بينها الولايات المتحدة وإثيوبيا وكينيا وغيرها.
وإذا كانت العديد من التقارير قد أشارت إلى نجاح بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، فإنّ التقويم العام يصفها بأنها نجاحات محدودة لا تتناسب مع طول الفترة الزمنية، وحجم الإنفاق المالي، لأسباب تتعلّق بجملة تحديات واجهتها خلال مهمتها لحماية الحكومة الاتحادية والحكومات الفيدرالية. لكنها بالتأكيد حققت النجاح الأهم عام 2011، عندما أبعدت حركة “الشباب” عن العاصمة الصومالية بشكل نهائي.
ولا تزال البعثة تؤدي الدور الأكبر في تسهيل وصول المساعدات الدولية الإنسانية إلى مدن الصومال، وتقديم أشكال متعددة من الإغاثة لأعداد كبيرة من الصوماليين مع توفير نوع من الأمن والاستقرار في البلاد.