الهضيبي يس
أفريقيا برس – الصومال. أكد الباحث في شؤون القارة الأفريقية محمد سعد فالي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن إقليم بونتلاند الصومالي بات يشكل نقطة ارتكاز في تمدد الحرب السودانية، عبر تسخير مطار بوصاصو لدعم قوات الدعم السريع. وقال إن الحكومة الفيدرالية في مقديشو تقف موقف المتفرج، رغم خطورة ما يجري.
وأضاف أن الإمارات تدعم الإقليم اقتصاديًا وسياسيًا، مما يعزز مطالب الانفصال ويضعف مركز الدولة. وشدد على أن حالة الانقسام الداخلي في الصومال تُستغل لتمرير مشروع إعادة تشكيل خارطة القرن الأفريقي، وسط غياب موقف حاسم من الحكومة تجاه ما يحدث في ميناء بوصاصو.
بونتلاند (Puntland)، وهو إقليم شبه مستقل يقع شمال شرق الصومال، ويُعد من أبرز الكيانات السياسية والإدارية في البلاد. يتمتع بونتلاند بحكم ذاتي منذ عام 1998، وله حكومة وبرلمان خاصان، لكنه لا يسعى إلى الانفصال الكامل عن الدولة الصومالية كما تفعل أرض الصومال (صومالي لاند).
کيف تنظر لتطورات الحرب في السودان؟
الناظر والمتتبع لتطورات الأوضاع في السودان يجد أن الحرب مؤخرًا قد انحصرت بين الجيش والدعم السريع فقط على مستوى إقليم دارفور بغرب البلاد، عقب تمكن الجيش من قلب موازين المعادلة العسكرية، وهو ما كان له أثر في إعادة دوران الحياة مجددًا بعدد من المدن السودانية نتيجة لتوفر عامل الأمان بصورة نسبية، وكذلك توفر بعض الخدمات، مما شجع على انطلاقة ما يُعرف ببرنامج العودة الطوعية.
ماذا عن مساعي بعض الأطراف لتسخير موارد القارة الأفريقية لإحداث تغيير جيوسياسي في منطقة القرن الأفريقي؟
قطعًا هناك مطامع جيوسياسية واقتصادية تقودها بعض الدول الغربية بهدف إعادة تشكيل خارطة المنطقة الأفريقية، مما يعزز فرضية السيطرة على ممرات الموانئ للتجارة الدولية وموارد بعض الدول الأفريقية. ويُعد عنصر الذهب أحد موارد الصراع القائم بين عدة بلدان تحمل مطامع اقتصادية، ويكاد السودان يكون أحد أبرز تلك الدول نظرًا لما يتمتع به من إمكانيات وقدرات. لذا، فإن مسألة إطالة عمر الأزمات وتفتيت الدول تُعد من أبرز المشاريع الجيوسياسية لمخططات الغرب.
ما صحة ما يُتردد عن الدور الصومالي في الحرب السودانية، من حيث طبيعتها ومآلات وأبعاد ذلك؟
الدور الصومالي في تمدد رقعة الحرب السودانية يكاد ينحصر داخل إقليم بونتلاند، الذي باتت تسخّر فيه قيادة الإقليم كافة إمكانياتها لصالح دولة الإمارات في توفير الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور السوداني، عن طريق فتح الأجواء الصومالية عبر مطار مدينة “بوصاصو”، وسط عجز الحكومة الفيدرالية في مقديشو عن اتخاذ أي موقف تجاه ما يجري، رغم موقفها السابق بدعم الشرعية لنظام الحكم القائم الآن في السودان، والذي يتخذ من مدينة بورتسودان مقرًا له.
هل بمقدور الحكومة الصومالية التدخل والحفاظ على طابع ما يجمع الدولتين: الصومال والسودان من علاقات؟
حتى الآن، فإن الحكومة الصومالية تظل تقف موقف المتفرج، ويبدو أن حساباتها السياسية لا ترغب في فتح أي باب جديد للخلاف مع قيادة إقليم بونتلاند، الذي يحظى بدعم اقتصادي من قبل الإمارات وحلفائها. وهنا علينا ألا ننسى مطلب رئاسة “بونتلاند” بتقرير المصير والانفصال عن الدولة الأم، ما يعني أنها قررت رسم سياسات بعيدة عن حكومة المركز، حتى وإن كانت تتخذ خلالها العداء مع بعض دول منطقة القرن الأفريقي مثل السودان.
ماذا عن تسخير حالة الضعف التي يمر بها الصومال، اقتصاديًا، وعسكريًا، وسياسيًا، لصالح تمرير مشروع إعادة تشكيل خارطة المنطقة الأفريقية من جديد؟
بالتأكيد، هذا ما يحدث الآن؛ محاولة الاستفادة من حالة التشظي والانقسام والضغوط الداخلية بصورة سياسية وعسكرية داخل المجتمع الصومالي، مما يساعد على تمرير مشروع إعادة تشكيل خارطة المنطقة الأفريقية. فالصومال يتمتع بموارد وموقع جغرافي مطل على المحيط الهادئ والبحر الأحمر، ويُعد نقطة بالغة الأهمية لممرات التجارة الدولية. لذا، يُلاحظ أن دولًا إقليمية ذات سطوة اقتصادية مثل الإمارات تسارع للتنافس ودعم أحد أطراف المطالب السياسية، كما فعلت سابقًا مع إقليم صوماليالاند، والآن مع بونتلاند.
من المسؤول عمّا يجري داخل ميناء “بوصاصو” الصومالي؟ ولماذا هذه المنطقة دون غيرها؟
يظل المسؤول الأول عمّا يجري هي الحكومة الفيدرالية، خاصة فيما يتعرض له السودان من عداء. ولكن عدم القدرة على اتخاذ أي إجراء يضع حكومة الرئيس حسن شيخ محمود في موقع الضعف، ويستدعي المطالبة بضرورة اتخاذ موقف واضح لوقف السياسات التي تتبناها قيادة إقليم بونتلاند، والتي باتت تشكل خطرًا على دول المنطقة. فضلًا عن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية داخلية تنهي حالة الانقسام في الداخل الصومالي، الذي أصبح يتشعب ويؤثر على دول منطقة وسط وشرق أفريقيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال عبر موقع أفريقيا برس





