العلاقات الروسية الصومالية.. عندما تلتقي الأهداف في مكافحة “الإرهاب”

17
العلاقات الروسية الصومالية.. عندما تلتقي الأهداف في مكافحة
العلاقات الروسية الصومالية.. عندما تلتقي الأهداف في مكافحة "الإرهاب"

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. بدأت العلاقات الروسية الصومالية في العودة بصورة تدريجية عقب قطيعة امتدت لسنوات بسبب الحرب التي اشتعلت ما بين الصومال وإثيوبيا خلال العام 1977، ووقوف “الاتحاد السوفيتي” حينها بقيادة موسكو ضد مقديشو بمد أديس أبابا بالسلاح لاسقاط نظام الجنرال الصومالي “سياد برى”.

وكانت قمة تطور العلاقة بين موسكو ومقديشو ما قبل العام 1962، عندما أقامت الدولتان حلفا استراتيجيا دعم من خلاله الاتحاد السوفيتي الصومال بالعتاد العسكري، وفي إنشاء مراكز لتدريب عناصر في الجيش، فقد ابتعثت روسيا وقتها “500” ضابط لتدريب الجنود الصوماليين، فضلا عن إقامة مراكز هدفت لتأهيل المرافق الصحية، وتزويد ميناء “بربرة” بأجهزة متطورة لمراقبة حركة الملاحة البحرية عند منطقة البحر الأحمر.

ورغم إغراق روسيا الصومال بعدة خدمات، فضلت الأخيرة إقامة تحالف جديد مع دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا على حساب موسكو التي يعتبر الصوماليون أنها تخلت عنه أثناء حرب استعادة الأرض مع إثيوبيا في منتصف سبعينات القرن الماضي لتقع على إثرها القطيعة حتى العام 2016، عندما قرر الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إعادة فتح السفارة الروسية في العاصمة مقديشو، والإعلان عن بدأ صفحة جديدة بين الدولتين. حيث كانت البداية الحقيقية لذلك عندما شارك الرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله “فرماجو” في أعمال “القمة الروسية الأفريقية” خلال العام 2019.

وتكتسب حالة التقارب مؤخرا بين موسكو ومقديشو أهميتها على مستوى طابع العلاقة من موقع الصومال الجيواستراتيجي وما يشكله الربط ما بين المحيط الهندي والبحر الأحمر، وتزايد وتيرة الأزمات والتهديدات على ممرات التجارة العالمية.

ويقول الباحث في الشؤون الصومالية فهد يس لموقع “أفريقيا برس”؛ ان من أبرز العوامل التي استدعت ازدياد حجم التقارب الروسي الصومالي مؤخرا الحاجة الملحة لموسكو في مدّ يد العون لمقديشو حتى يتسنى لها إنفاذ استراتيجية مكافحة الإرهاب لعام 2024-2025.

ويضيف يس “ان ازدياد اهتمام روسيا بالصومال جاء مؤخرا اي عقب اندلاع الحرب السورية ومخافة فقدان موسكو لقاعدتها الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، ما دفعها للتفكير مليا للاتجاه نحو القرن الأفريقي وبالتحديد باختيار الصومال لتمرير مصالحها عبر المحيط الهادي، والبحر الأحمر باعتبار انها من أكبر الدول المصنعة للسلاح”.

وتابع يس “والآن عقب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية ووصول الخلافات بين موسكو وواشطن إلى مرحلة بعيدة، بات شأن إقامة تحالفات إقليمية، ودولية من الأهمية بمكان، مما أوقع الصومال في كماشة الخيارات السياسية ما بين قوتين الأولى تضم روسيا، إيران، تركيا، الصين، والثانية الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا”. موضحا كذلك سعي موسكو الدائم إلى فتح أسواق جديدة لها في أفريقيا لبيع السلعة الاكثر رواجا وهي “السلاح” سيما وان الصومال تكاد أحوج ما تكون لذلك على مستوى تزويد قواتها لمحاربة الجماعات المتطرفة خاصة حركة الشباب. لذا بالإمكان ان تستفيد الصومال حسب يس، من سمة التقارب تلك مع روسيا ووضع استراتيجية للاستفادة منها سياسيا واقتصاديا لمجابهة مجمل المخاطر التي قد تواجهها مستقبلا.

ويشير الكاتب الصحفي عماد باشين في تصريح لموقع “أفريقيا برس”، الى ان العلاقات الروسية الصومالية تمر الآن بمحطة غاية في الأهمية من حيث محاولات العودة بها للعهد الذهبي إبان مطلع سبعينات القرن الماضي. علاوة على وجود أهداف وعوامل مشتركة ما بين الدولتين، أهمها القضاء على أنشطة الجماعات الإرهابية في منطقة شرق وغرب أفريقيا، وبلاد الشام. وهو ما تكاد قد نجحت فيه موسكو عندما قامت بتكثيف عملياتها العسكرية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا. بينما هي الآن تحتاج إلى قدر من القاعدة الأفريقية وكسب صفها على مستوى المحافل الدولية، بعدما باتت الكتلة الأفريقية في كل من مجلس الأمن، والأمم المتحدة تشكل دافع جديدا لقرارات المجتمع الدولي خاصة وان روسيا وهي تقترب لعمر العامين من حربها ضد أوكرانيا، فإنها تحتاج لمضاعفة ايرادتها الاقتصادية وتعويض نزيف ما فقد منها عن طريق لعب دور جديد لها في منطقة شرق أفريقيا، وحتى تتاح لها فرصة الاستثمار بشكل اوسع لتسويق منتجاتها، وقطعا فهي بحاجه هنا لدولة ما تزال تتلمس خطواتها مثل الصومال حتى تتبادل معها المصالح الاقتصادية، والسياسية وعينها على موقعها الجغرافي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here