بأيدي صوماليات.. منظف غسيل “منافس للمستورد”

29
بأيدي صوماليات.. منظف غسيل
بأيدي صوماليات.. منظف غسيل "منافس للمستورد"

أفريقيا برس – الصومال. نجحت مجموعة من النساء الصوماليات في مواجهة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد من خلال إنشاء مشاريع تجارية صغيرة خاصة أبرزت دورهن في الحياة الأسرية.

وبعد تلقّيهن دورات مهنية من قبل هيئات تعنى بقضايا المرأة، قرّرت عشرات السيدات إنشاء مظلة نسوية أطلقن عليها “هيل هوين” في محاولة لتحويل ما يدرسنه إلى مشاريع تجارية أملا في توفير فرص عمل للمرأة الصومالية.

وتنوّعت المشاريع الصغيرة التي تعمل عليها السيدات، لكن الأكثر ربحا بينها هو مشروع صناعة منظف لغسيل الملابس يعتمد كليا على أساليب تقليدية، رغم ما يرافقه من مخاطر نتيجة استخدام المواد الكيميائية بطرق بدائية.

بدأت فكرة مظلة “هيل هوين” المعنية بالسيدات العاطلات من العمل، عبر مجموعة نسوة تلقّين تدريبات مهنية وقررن نقل مهاراتهن إلى أرض الواقع من خلال تأسيس ما يسمى محليا “أيوتو” أي صندوق الشراكة لجمع الأموال.

وفي حديث للأناضول، قالت رئيسة “هيل هوين” حدية حسن، إن “فكرة المشروع جاءت نتيجة تضافر جهود محلية نسوية بهدف مواجهة واقع البطالة التي تعيش فيها المرأة الصومالية في جميع مستوياتها عبر تمكينهن من مهارات متنوعة”.

وصندوق الشراكة هو فكرة لجمع الأموال من قبل مجموعة نساء من أجل استثمار مشاريع تجارية صغيرة مختلفة، بما فيها مشروع صناعة منظف الغسيل الذي مكّن الكثيرات من الالتحاق بالسوق بعد سنوات من البطالة.

وبفضل المشاريع التجارية الصغيرة، توسّع نطاق المظلة لتضمّ اليوم نحو أكثر من 400 امراة تلعب أدوارًا مختلفة في هذه المشاريع.

في الصباح الباكر، وفي إحدى ساحات مركز مظلة “هيل هوين” شرقي العاصمة مقديشو، تجتمع عشرات النساء لتقسيم الأدوار، قبل بدء صناعة المنظف المحلي التي تتطلب جهدًا وعناية كبيرين.

على شكل مجموعات، تبدأ عملية صناعة المنظف، وكل سيدة لها دورها حتى تكتمل العملية والإجراءات المرافقة لها، والتي قد تستمر نحو ساعة على الأقل.

صفية عبدي، إحدى العاملات، تقول للأناضول إن “عملية الإنتاج لا تحتمل الخطأ، فكلّ العناصر المستخدمة لها معيار”.

وأوضحت أن “صناعة المنظف تمرّ بـ8 مراحل ابتداءً من الملح، ثم إضافة 4 عناصر كيميائية، إلى جانب اللون والمواد العطرية والماء”.

وأضافت عبدي أنه “بعد دمج كل هذه المكونات تبدأ عملية خلط لعدة دقائق، ليتمّ بعدها إنتاج نحو 40 كيلولترا من السائل في كل مجموعة من أصل 3 مجموعات، حسب الطلب”.

وقالت: “كل هذا القدر من الإنتاج يتم عبر أساليب تقليدية، حيث لا تتوفر لدينا أدوات الوقاية الحديثة، لكننا نستخدم كمامات وقفازات بلاستيكية تفاديا من تأثيرات المواد الكيميائية”.

وتعاني العاملات في هذا المشروع من تأثيرات جانبية ناجمة عن المواد الكيميائية، كتشققات في أصابع اليدين، ما قد يؤثر سلبا على صحتهن الجسدية.

تنتج هذه المجموعة من العاملات نحو 100 لتر من الشامبو في الأسبوع، وقد تزداد كمية الإنتاج حسب احتياجات السوق المحليّ الذي بدأ يثق بجودة منتجهنّ المحلي الصنع.

تقول مريمة نور، مسؤولة التسويق في المشروع: “بعد إنتاج السائل تقوم نساء أخريات بتعبئته في أكياس بأحجام مختلفة، 5 لترات و3 لترات ولترين، لتوفير احتياجات الزبون، ومن ثم يتم وضع شعار المنتج على الأكياس، وهو إفيسو”.

وأضافت للأناضول: “نستقبل طلبات كثيرة يوما بعد آخر، حيث بدأ منتجنا يحظى بإقبال من المجتمع، نتيجة جودته العالية مقارنة بالشامبو المستورد من الخارج”.

تزين عبوات سائل “إفيسو” واجهات الدكاكين والمحال الكبيرة في بعض الأسواق المحلية، لتنافس نظيرتها المستوردة.

وقالت المواطنة سعيدة عبد الرحمن: “كغيري من الصوماليات، أفضّل سائل إفيسو المحلي الذي دخل السوق قبل نحو عام، رغم أنه غير شائع الاستخدام في البيوت”.

وأضافت للأناضول، أن “الشامبو المصنوع محليا أرخص وأكثر جودة من المستورد، حيث يتميز برائحته التي تبقى في الملابس لمدة أطول”.

وتتطلع مظلة “هيل هوين” إلى تطوير منتجها الوحيد (إفيسو) من خلال توسيع مشروع صناعته، لكنها تواجه تحدّيات جمّة تتمثل في غياب التمويل وقلة الخبرة اللازم توفرها لدى العاملات، فضلًا عن غياب دعم حكومي للمشاريع الصغيرة المدرّة للدخل.

الجدير بالذكر، أن الاقتصاد الصومالي يعيش على وقع أزمات سياسية ومناخية سبّبت تراجع الإنتاج الزراعي، ما ضاعف نسب التضخم والبطالة، حيث تصل الأخيرة إلى 71 بالمئة تقريبا في صفوف الشعب البالغ عددهم أكثر من 14 مليون نسمة.

وفي مارس/ آذار 2020، وافق صندوق النقد والبنك الدوليان على تخفيض ديون الصومال من 5.2 مليارات دولار إلى 3.7 مليارات، مع إسقاط كافة الديون المتبقية في غضون 3 سنوات، في حال استمرت البلاد بالتزام الإصلاح المالي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس