الهضيبي يس
أفريقيا برس – الصومال. أعلنت الحكومة الصومالية عن بدء التحضيرات لعقد مؤتمر دولي، من المتوقع أن يشهد مشاركة سياسية واقتصادية واسعة، بهدف عرض استراتيجية الصومال بشأن إقامة شراكات للتعاون الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن.
ويتوقع أن يشارك في المؤتمر عدد من الدول والمنظمات الدولية، من بينها مصر، كينيا، إثيوبيا، جيبوتي، أوغندا، تركيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، وذلك من أجل بلورة رؤية موحدة لحماية وتأمين ممرات التجارة العالمية، إضافةً إلى دعم البعثة العسكرية لمكافحة الجماعات الإرهابية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، أجرى موقع “أفريقيا برس” مقابلة مع الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، لمناقشة أبعاد المؤتمر وتأثيراته، بالإضافة إلى احتياجات الصومال في هذه المرحلة، وتوقعات مستقبلها خلال الفترة القادمة.
كيف تنظر إلى مجمل تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وتأثيراتها على الصومال؟
تشهد منطقة القرن الأفريقي تحولات كبيرة خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى تصاعد المخاوف بشأن الاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة.
أما بالنسبة للصومال، فإن هذه التطورات تؤثر عليها بشكل مباشر، سواء من حيث تزايد حجم التهديدات الأمنية التي تمثلها الجماعات الإرهابية والمتطرفة، أو من خلال العمليات العسكرية التي تستهدف أمن واستقرار البلاد.
إضافة إلى ذلك، ضعف بنية الدولة وعدم قدرة المؤسسات الحكومية على القيام بمسؤولياتها بشكل كامل قد يؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي، مما يعرقل جهود تحقيق الاستقرار والتنمية.
هل أصبحت الموارد الصومالية مصدر قلق للعديد من دول منطقة شرق أفريقيا؟
من المؤكد أن الصومال تمتلك قدرات كبيرة من حيث الموارد الطبيعية، مثل الثروة الحيوانية، المعادن، النفط، بالإضافة إلى موقعها الجيوسياسي والاستراتيجي المطل على البحر الأحمر وخليج عدن عند باب المندب.
كل هذه العوامل جعلت من الصومال محورًا للتنافس بين القوى الإقليمية والدولية، إذ تسعى العديد من الدول للاستفادة من موقعه الاستراتيجي وثرواته. وفي المقابل، يؤهله هذا الوضع مستقبلاً للعب أدوار مهمة في تأمين ممرات التجارة الدولية، شريطة أن يستقر داخليًا ويتجنب الأزمات مع دول الجوار.
ما هي أبرز الاحتياجات التي تحتاجها الصومال للحفاظ على مواردها وتفادي الصدام مع أي دولة؟
تحتاج الصومال إلى تجاوز الأزمات الداخلية، سواء على المستوى الإداري أو السياسي، خصوصًا فيما يتعلق بقضية إقليم أرض الصومال الذي يطالب بالانفصال عن مقديشو. هذا الملف أصبح تحديًا كبيرًا لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود، خاصة بعد التحركات الأخيرة لقيادة الإقليم وتوقيعها اتفاقًا مع إثيوبيا.
إضافة إلى ذلك، تحتاج الصومال إلى دعم اقتصادي وسياسي دولي لتنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب، لا سيما مع استمرار هجمات حركة الشباب المصنفة كمنظمة إرهابية. كما أن توفير التمويل لمشاريع التنمية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، ودعم الجيش الوطني الصومالي، يعتبران من الركائز الأساسية لتعزيز الاستقرار. فالجيش الصومالي في حالة حرب دائمة منذ عهد الرئيس سياد بري عام 1990.
ما هي الاستراتيجية التي قد تلجأ إليها الصومال للاستفادة من التنافس الإقليمي والدولي على موقعها الجيوسياسي؟
من المتوقع أن تتبنى الصومال سياسة التعامل الندي، باعتبارها الطريقة الأفضل لتبادل المصالح بين الدول، حيث يمكن تحقيق شراكات متوازنة دون انتقاص من سيادتها أو التعامل وفقًا لمعادلات القوة والضعف.
كما يجب الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن أي تصاعد في التوترات والأزمات داخل الصومال سيكون له انعكاسات سلبية وخطيرة ليس فقط على دول الجوار، بل على القرن الأفريقي ومنطقة الشرق الأوسط. ويبدو أن العديد من الدول بدأت تدرك هذه المعادلة الجيوسياسية، وتسعى حاليًا إلى إقامة شراكات مع الصومال لتحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز التعاون الإقليمي.
ما هي أهم التحديات التي تواجه الصومال وسبل تجاوزها؟
الصومال يواجه عدة تحديات رئيسية، أبرزها سوء الإدارة وتفكك مؤسسات الدولة، وهو ما تسعى حكومة الرئيس حسن شيخ محمود حاليًا لمعالجته من خلال وضع برامج وسياسات تهدف إلى إعادة بناء الدولة الصومالية على المستويين الداخلي والخارجي.
كما أن التركيز على المواطن الصومالي يعد أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا لما تحمله من أعباء الحروب والأزمات على مدى السنوات الماضية. ومن أبرز التحديات الحالية هو إقامة شراكات إقليمية ودولية تعزز الاستقرار والتنمية، مثل التعاون الصومالي المصري الذي يشكل نموذجًا في تبادل المصالح المشتركة.
في المقابل، يظل التحدي الأكبر هو تجنب الصومال الدخول في أي خلافات أو نزاعات مع دول الجوار، مثل إثيوبيا، كينيا، وجيبوتي، حيث إن الانخراط في صراعات إقليمية قد يعرقل برامج الإصلاحات والتنمية التي تحتاجها البلاد بشكل ملح.
ما هو مستقبل الصومال في ظل تزايد حجم الأزمات؟
مستقبل الصومال يعتمد على عدة عوامل أساسية، أبرزها الانتقال من مرحلة الحرب إلى الاستقرار، إضافةً إلى اقتناع المجتمع الدولي، وخاصةً دول الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، وأفريقيا، بضرورة دعم المؤسسات الرسمية الصومالية بدلًا من تمويل جماعات مسلحة أو سياسية قد تؤدي إلى إثارة الفوضى وتفاقم الأزمات.
في هذه المرحلة، الصومال بحاجة إلى دعم برنامج حكومة الرئيس حسن شيخ محمود، لا سيما فيما يتعلق بـإعادة بناء مؤسسات الجيش والشرطة وتأمين ممرات التجارة الدولية. ومن المتوقع أن يلعب الصومال مستقبلًا دورًا محوريًا في تأمين المصالح الاستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال عبر موقع أفريقيا برس