الجيش الصومالي..بين تحدي إعادة البناء و مكافحة الإرهاب

73
الجيش الصومالي..بين تحدي إعادة البناء و مكافحة الإرهاب

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. دعا الصومال الولايات المتحدة الأمريكية إلى مساعدته في بناء الجيش الوطني مجدداً، عقب الصدمات التي تعرض لها إثر الحرب الأهلية في العام 1991 وحل الجيش بعدها. ويصنف الجيش الصومالي في المرتبة “137” بين أقوى “140” جيشاً في العالم، ووفقاً لإحصائيات العام 2021 يتجاوز عدد سكان الصومال 12 مليون نسمة بينهم 2 مليون نسمة يمثلون قوة بشرية متاحة للعمل وتصلح للخدمة العسكرية بواقع 1,6 مليون نسمة.

وبينما يبلغ عدد الذين يصلون سن التجنيد سنوياً أكثر من 121 ألف شخص، يتجاوز عدد عناصر الجيش الصومالي 25 ألف جندي جميعهم قوات عاملة ولا يوجد منها احتياطي. كذلك لا يملك الجيش الصومالي أي قوة جوية، في وقت تتجاوز المطارات المتوفرة في الصومال 52 مطاراً، بينما تملك القوات البرية 80 مدرعة، و25 مدفعاً ميدانياً، و3 وحدات بحرية ومينائين، وأسطولاً تجارياً يضم “4”سفن، حيث تصل ميزانية الجيش الصومالي نحو 60 مليون دولار سنوياً، ساهمت فيها الإدارة الأمريكية في العام 2021 بواقع “43” مليون دولار، للمساعدة على إعادة البناء، والتدريب، ومكافحة الإرهاب.

ويعاني الجيش في الصومال من عده تحديات، أبرزها إعادة البناء مجدداً بعد ما تعرض له جراء الحرب الأهلية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أيضاً توفير ميزانية قادرة على الإيفاء بمتطلبات الجيش لوجستياً، وفنياً للمساعدة في تأدية المهام التي توكل إليه. وتعد قضية مكافحة الإرهاب والعمليات التي يخوضها الجيش بشكل يومي ضد حركة الشباب الصومالية المصنفة إرهابياً جنوب ووسط البلاد، من أكبر التحديات التي تواجهه. وكثيراً ما تأثر الجيش الصومالي بالعوامل السياسية الداخلية وجملة الخلافات التي كادت أن تفكك القوات النظامية بالبلاد وتحولها إلى جماعات متصارعة ما بعد الحرب الأهلية.

ولكن ما بعد العام 2012، وهو العام الذي نال فيه الصومال أعترافاً دولياً لأول حكومة منتخبة برئاسة الرئيس شيخ شريف أحمد، الذي حاول جاهداً في إعادة بناء الجيش الوطني الصومالي وتجاوز كافة العراقيل التي تقف أمامه بوضع خطة لإعادة البناء، حوت عدة نقاط وقتها بإقامة علاقات استراتيجية هدفت لدعم وإسناد الجيش حتى يستطيع استعادة عافيته مجدداً.

وبمجيء العام “2017” أبرم الرئيس عبدالله فرماجو اتفاقيات مع كل من “تركيا، وقطر، وبريطانيا” لإعادة تأهيل وبناء الجيش الصومالي، وهو ما يكاد يمهد الطريق لتركيا، لإقامة قاعدة عسكرية في مدينة “مقديشو” بحلول العام 2018، قامت حتى الآن بتدريب ما يزيد عن 12ألف جندي صومالي على مختلف دروب الفنون العسكرية والأسلحة “الخفيفة والثقيلة” ليصبح قادراً على مجابهة المخاطر، والقتال في الأماكن الوعرة.
ويهدف ذلك كله إلى مجابهة “حركة الشباب” الصومالية حتى الآن والتي تمثل المهدد الحقيقي للأمن القومي بالبلاد منذ العام 2004، بالإضافة إلى بقية الجماعات المتطرفة الموزعة بين ولايات وسط وشرق وجنوب الصومال، حيث تمثل مدن “بورتلاند، وغلمد، وهيبرشلي” مناطق تكثر فيها أنشطة الحركة.

ومؤخراً أقحم “الجيش” في الصراع الذي نشب بين الرئيس عبدالله فرماجو – ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي خلال شهر ديسمبر من العام 2021 عقب تفاقم الأزمة ودعوة “روبلي” قيادة الجيش وفق لدستور البلاد عدم الانصياع لأوامر الرئيس “فرماجو” على إثر إعفاء عدد من الجنرلات بسبب اتهام بارتكاب الفساد.

ومن التحديات التي يستعد لها الجيش الصومالي وهو بحاجة للدعم اللوجستي والفني، خلال العام 2022، سد الفراغ الذي من المتوقع أن تخلفه قوات البعثة الأممية الأفريقية “اميصوم” بخروجها بحلول منتصف شهر أبريل القادم، ما قد يشكل ضغطاً جديداً على الجيش الذي بات يقاتل في عدة جبهات مع مسؤولية الإيفاء بمتطلبات الأمن القومي الصومالي، من حدود جغرافية مفتوحة لدول الجوار الصومالي وتوفير الحماية للمياه الإقليمية.

يوسف جراد خبير في الشؤون الصومالية
يوسف جراد خبير في الشؤون الصومالية

ويقول الكاتب الصحفي يوسف جراد في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إن هناك استراتيجية وضعت من قبل الإدارة الأمريكية إبان عهد الرئيس دولاند ترامب، تهدف إلى تطبيق سياسة جديدة في مكافحة الإرهاب بمنطقة القرن الأفريقي. وحسب جراد، فإن هذه السياسة تعتمد على استبدال الجنود الأمريكيين الذين كانوا يعملون على محاربة الجماعات الإرهابية بالمنطقة، بإبرام اتفاقيات مع حكومات بعض الدول تتضمن الخروج من الدولة مقابل تخصيص مبالغ مالية ومعينات فنية للقوات النظامية للعمل على مواجهة العمليات الإرهابية، وهو ما يكاد تسعى إليه الآن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في كل من الصومال وبقية البلدان.

راجح عمر، كاتب وصحفي
راجح عمر، كاتب وصحفي

ويشير الكاتب الصحفي راجح عمر في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إلى أن الجيش الوطني الصومالي بخلاف المعاناة من المسائل الفنية، والاحتياجات اللوجستية؛ يعاني أزمة أخرى وهي نظام حكم الدولة الذي يقر الفيدرالية من حيث القوانين والتشريعات، الأمر الذي فرض واقعاً جديداً ما بعد الحرب الأهلية، وجود جيوش تتبع لحكام الأقاليم الصومالية.

وكثيراً ما كادت تقع اشتباكات مسلحة نتيجة للخلافات، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في تلك القوانين على مستوى إدارة القوات النظامية بأن تتبع للقيادة المركزية تفادياً لوقوع أي حرب وسط ما يعيش فيه الصومال من وضع سياسي واقتصادي متدهور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here