العلاقة بين مقديشو والقاهرة.. هل تنتقل من الجفاء إلى الحفاء؟

14
العلاقة بين مقديشو والقاهرة.. هل تنتقل من الجفاء إلى الحفاء؟

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. شهدت العلاقات بين مقديشو والقاهرة في عهد الرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو قدرا من التوتر والجفاء السياسي. وتعود تلك الحالة إلى وقوع الصومال في دائرة التجاذبات الإقليمية والدولية، او ما يعرف بتحالف المحاور طوال السنوات الخمس الماضية. الأمر الذي رسم نوعا من الجفاء تجاه مصر، وهو ما ظهر جليا في موقف الرئيس فرماجو وقتها بإعادة طائرة المساعدات المصرية للقاهرة والحديث عن وقوع الصومال تحت التاثير التركي. ولكن بزيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للعاصمة مقديشو خلال الأيام الفائتة والمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الصومالي المنتخب حسن شيخ محمود، بدا أن مصر ترغب في فتح صفحة جديدة مع الصومال وتجاوز محطة الجمود وما شاب العلاقات بحكم ماي جمع الدولتين من ملفات وقضايا استراتيجية مع ظهور رئيس جديد للصوماليين.

معضلة سد النهضة

بينما السياسات الجديدة دفعت مقديشو مؤخرا إلى الحرص على الاحتفاظ بصداقتها مع إثيوبيا ولكن تلك العلاقات القوية الممتدة منذ الخمسينيات إلى نهاية الحكم العسكري في الصومال 1991، لم تشهد تطوراً ملموساً في الألفية الجديدة، وتراجع الدور المصري ليستفيق مجدّداً مع بدايات أزمة سد النهضة، وذلك في وضع بات الواقع الصومالي مرتبطاً بشكل أكثر مع السياسة الإثيوبية الإقليمية، بل جزءاً من استراتيجيتها، للنهوض من قاع الفقر عبر الاستفادة من الموانئ الصومالية، إلى جانب شراكات واتفاقيات اقتصادية وأمنية بين البلدين، وهو ما يدفع الصومال أكثر نحو الارتماء في أحضان إثيوبيا، ليصبح دور القاهرة في القرن الأفريقي مجرد دور مكملٍ لقوى إقليمية وعربية، أو أخرى دولية، على حساب الدور المصري الذي كان يُشار إليه بالبنان، نظراً إلى قوة وجوده وتحالفاته في منطقةٍ تحمل بعداً أمنياً مائياً واستراتيجياً لدى مصر. كذلك مصر التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، شكلاً ومضموناً، عن سابقاتها، وحتى استراتيجياً وسياسياً، فمن حيث تحالفاتها الإقليمية في القرن الأفريقي تبدو هي الحلقة الأضعف، في الحاضر العربي حتى التنسيق مع الخرطوم، حليفها الأقرب والمشارك مع نزاعها في سد النهضة، لا تربطهما مصالح قومية عربية مشتركة، بل النزاعات الحدودية هي شعار المرحلة بين الجارتين، فضلاً عن تدنّي مستوى تركيزهما إلى بحثٍ مشترك عن حقوقهما المائية التي تقضمها إثيوبيا بملء أكفها، إلى جانب عدم توفر دبلوماسية مصرية قوية في الصومال، منذ عام 2006.

موقع إستراتيجي

علاوة على ماسبق فإن موقع الصومال الحيوي والاستراتيجي واحدا من أهم دوائر الحركة في السياسة الخارجية المصرية تجاه دول القرن الأفريقي، لما يحمله من بعديْن، أفريقي وعربي، فضلاً عن تحكّمه بمضيق باب المندب الذي له علاقة مباشرة بحركة السفن المؤدية إلى قناة السويس، إلا أن كل هذا الإهتمام المصري السابق لم يعد له وجود، بل أغضبت تحرّكات مصرية الحكومة الصومالية، وخصوصا بعد زيارة وفد من الخارجية المصرية “إدارة أرض الصومال”، وولاية بونتلاند، واستقبال وفود صومالية من تلك المناطق الصومالية في القاهرة، من دون تنسيق مسبق مع الحكومة، وهو ما أدى إلغاء بروتوكول التعاون التعليمي بين الصومال ومصر أخيرا، لينهي بذلك جزءاً من وجود مصري ثقافي في مقديشو.

ويمكن القول إن موقع الصومال الإستراتيجي، جاذب لاهتمامات دولية وإقليمية وعربية، قديماً وحديثاً، فتركيا تعتبر الشريك الأكبر والداعم التنموي الرئيس بالنسبة للصومال، فإذا أرادت مصر أن تعيد وجودها في القرن الأفريقي، فإن بوابة الصومال مفتوحة لمصر عبر سياسات طموحة تعيد دفء العلاقات بين الجانبين إلى سابق عهدها، أما ما عداها من سياسات جانبية، والبكاء على أطلال التاريخ والصداقات العاطفية، فكلها تبعد الصومال عن حضن مصر مع مرور السنوات، وتضعه في مصافّ أحلاف وتكتلات أخرى في منطقةٍ مزدحمة بالكبار، بحكم أن الجغرافية السياسية في القرن الأفريقي لا تحتمل الفراغ أكثر من ثلاثة عقود.

أزمة ثقة

ويقول الكاتب الصحفي الرشيد احمد ابراهيم في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ “من المؤكد أن لمصر مصالح ذو بعد استراتيجي مع الصومال ولكن هناك عده عوامل حالت دون تطبيق تلك المصالح بشكلها الصحيح بين البلدين وتسببت في سريان حالة انعدام الثقة وتحول لجمود وخمول منها ميول النظام الصومالي السابق نحو تطبيق سياسات التحالف التركي، الإيراني، القطري، وهو ما زاد من شقة العلاقة وعمل على التباعد السياسي، والاقتصادي ونتج عنه قدر من انعدام الثقة. وتحتاج حكومة البلدين الآن إلى التخلص من الرواسب السابقة، وإتخاذ كل طرف خطوة نحو الآخر عن طريق برنامج يتم الاعداد له سلفا.

خصوصية العلاقة

علي سعيد - كاتب صحفي
علي سعيد – كاتب صحفي

وشدد الكاتب الصحفي علي سعيد في حديث لموقع “أفريقيا برس” على التفات حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود القادمة لطبيعة الدول التي تحمل الخصوصية والتأثير في منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا وتأكيد من بينها مصر التي باتت تقود الآن التحالف العربي لدول المطلة على البحر الأحمر وباب المندب للحد من الأنشطة الإرهابية. ما يعني التخطيط بشكل يعمل على إعادة الثقة وفقا لعلاقات تقوم وفق تبادل المصالح المشتركة، وليس بتنفيذ سياسات دول المحاور التي أودت بالصومال كثيرا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here