المُساعدات الأمريكية ومخاوف مقديشو

26
القوات الأمريكية في الصومال

بقلم : الهضيبي يس

أفريقيا برسالصومال. بدأت العلاقات الصومالية الأمريكية في يوليو من العام 1960م ، في عهد الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور، الذي بادر بتحويل قنصلية بِلادِهِ في مقديشو إلى سفارة في عهد الرئيس الصومالي آدم عبد الله عثمان .

بداية حقيقية

علي سعيد ، كاتب صحفي

يقول الكاتب الصحفي علي سعيد في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أنَّ البدايات الفعلية لِلعلاقات الصومالية ، الأمريكية كانت مع مطلع ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، حيث قدمت واشنطن وقتها مبلغ 20 مليون دولار للنهوض بالإقتصاد الصومالي في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى جانب إرسالها للقوات المسلحة الصومالية كمية من الأسلحة لِحماية مصالِحها من التهديد الروسي والحد من زحفِها بإتجاه القارة الأفريقية. حينها وصفت مرحلة الثمانينات بمرحلة الإستثمارات الأمريكية في الصومال، إلَّا أنَّ علاقات العالم بالصومال إنقطعت بعد إندلاع الحرب الأهلية والإنقسامات الداخلية و إنهيار الحكومة المركزية.

ويضيف سعيد أنه “بعد إنسحاب الولايات المتحدة، بدأت بِالتعامُل مع الحُكُومات الإنتقالية المُختلِفة التي حكمت البِلاد، مِثل حُكُومات الرؤساء السابقين عبد قاسم صلاد حسن ، عبد الله يوسف أحمد، وغيرهم بما يخدِم مصالِحها الإستراتيجية في الصومال وما حولها، لتعود الأمور بصورة تدريجية بحلول العام 2013 عندما إلتقت وزيرة الخارجية الأمريكية وقتذاك “هيلاري كلينتون ” مع الرئيس الصومالي السابق “حسن شيخ محمود” في مؤتمر بوزارة الخارجية الأمريكية، حيث أعلنت خِلالهُ عن عودة العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بعد إنقطاع دام أكثر مِن 22 عامًا .

إتفاق مُشترك
عودة العلاقات دفع الولايات المتحدة لتقديم مُساعدات إنسانية وعسكرية وتنموية إلى الصومال بل ووقّعت الحكومتان في 6 ديسمبر من العام 2017 إتفاقية تنموية بقيمة 300 مليون دولار، وهي أول إتفاقية منذ أكثر من ثلاثين عامًا بحسب بيان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) .

وفي مطلع العام 2018 أصدرت السفارة الامريكية بالعاصمة “مقديشو” بيان أوضحت فيه أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قدمت مُساعدات إنسانية بقيمة 433 مليون دولار إلى الصومال خلال العامين الماضيين. وأضاف البيان أنَّ واشنطن قدمت مُساعداتها الإنسانية إلى الصومال عن طريق برنامج الغذاء العالمي التابِع للأمم المتحدة. ولفتت السفارة أنَّ نحو مليونين من المحتاجين الصوماليين إستفادوا مِن المساعدة الأمريكية في العامين الماضيين، مُشيرًا إلى عزم واشنطن مواصلة الدعم الإنساني الذي تقدمه إلى الصومال.

كورونا والغذاء
خلال شهر يوليو من العام 2021 أعلنت الولايات المتحدة، عن تقديم نحو 199 مليون دولار كمُساعدات إنسانية إضافية لشعب الصومال الذي يُواجِه على مدى عقود العديد من الأزمات. وقال “نيد برايس” المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إنَّ شعب الصومال يشهد حالة مِن العُنف والفيضانات وإنعدام الأمن الغذائي وعددًا من مواسِم الجفاف والتي تفاقمت بِسببِ الجراد الصحراوي وجائحة “كورونا” . وأضاف “نيد” أنه بهذا التمويل عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية تبلُغ مُجمل المعونات الأمريكية لشعب الصومال أكثر من 408 ملايين دولار لتقديم الخدمات الضرورية الطارئة مِن الغذاء والرعاية الصحية والإيواء ومياه الشرب النظيفة والتعليم وغيرها في ظل تفاقم التحديات البيئية والإنسانية جراء الصِراعات في المنطقة .

إهتمام متزايد

يوسف جراد خبير في الشؤون الصومالية

ويشير “يوسف جراد ” المُهتم بشؤون العلاقات الصومالية ، الأمريكية إلي وجود قواسِم ومصالِح مُشتركة مابين واشنطن ومقديشو مُستدِل في حديثه لـ “أفريقيا برس” بالإهتمام المتزايد للإدارة الأمريكية بالموقع الجغرافي الصومالي ، كذلِك ظهور العديد مِن المُهددات الإقليمية والدولية ، التي إستدعت قيام تِلك الشراكة. فقد قامت الولايات المتحدة بالوقوف مع الرئيس الحاصل على الجنسية الأميركية رئيس الوزراء سابقا ومن ثم رئيس للدولة حاليا. بينما تعتبر قضية مكافحة الإرهاب والحد من تمدد خطر الجماعات الإرهابية على الأراضي الصومالية عززت من وجود مايعرف بقوات أفريكوم خلال الفترة الماضية.

مُعاناة الدولة
وسط دولة تعاني من أزمات سياسية ، إقتصادية وتعقيدات داخلية أبرزها تحدي الإنتخابات وتدني الخدمات من المرافق الصحية ، والمدارس ومؤخرًا جائحة كورونا ، وتوفير مياه الشرب ، ماجعل الإدارة الأمريكية تلتفت الي أهمية زيادة حزمة المُساعدات الإنسانية والغذائية ، وتوفير برامج التدريب العسكري حتى تكون “الصومال” واحدة مِن الدول لتعزيز وجودها في أفريقيا خلال الفترة القادمة.

تنافس حاد
ويُنوِّه جراد الى عدم نسيان حجم التنافُس بين واشنطن وموسكو ، حول موارِد المنطقة وبحث كُل طرف عن موطأ قدم يُسهِم في بقائهِ ، خاصة بعد إطلاق يد البنتاغون بإحداث إصلاحات على الأراضي الصومالية ، وتنفيذ عمليات عسكرية هدفت إلى إنهاء حركة الشباب التي تُصنف ضِمن قوائم الإرهاب لدى الإدارة الأمريكية.

وصفة الحل
الأمر الذي يتطلب قدر من التعاون العسكري والسياسي مابين قياده الدولتين ، سيما وأنَّ الصومال ماتزال تُعانِي ويلات حرب أهلية خلفت ورائها بنية تحتية ضعيفة ودولة ثلث سكانها يعيشون نازحين ولاجئيين لدى دول الجوار الصومالي. ورُغم ماسبق تظل قيمة المُساعدات بسيطة للغاية مُقارنةً مع تطلُعات الشعب الصومالي وتوقعات للأدوار الأمريكية وبقية بلدان الإتحاد الأوربي تِجاه الصومال لتأسيس مرحلة التحول الديمقراطي ودعم الإنتخابات.

مكافحة الارهاب
سيما وأنَّ واشنطن تدرك جيدًا أنها في حاجة إلى إنهاء الحرب ومكافحة الإرهاب بِالمنطقة التي باتت فاتورتها باهظة الثمن من الصعب تحملها على المدى البعيد ولابد من إحداث تسوية سياسية تؤسس لفترة جديدة تحت رعاية وإشراف المجتمع الدولي.

مخاوف مقديشو 
مايعني ضرورة التخلص من إحساس المخاوف عند الصوماليين والبدء بتعزيز الثقة بِأنَّ الولايات المتحدة تبحث عن مصالح مشتركة لها على الأراضي الصومالية دون الإسهام بعيدا في توسعة رقعة الحرب.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here