الوجود الإماراتي في الصومال.. بين تحقيق المكاسب والمصالح الإقليمية

34
الوجود الإماراتي في الصومال.. بين تحقيق المكاسب والمصالح الإقليمية
الوجود الإماراتي في الصومال.. بين تحقيق المكاسب والمصالح الإقليمية

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. شكلت زيارة رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي قبل أيام محاولة جديدة لفك الجمود وإعادة المياه إلى مجاريها للدولتين بعد توتر العلاقات بين مقديشو – أبوظبي خلال الأعوام الماضية.

ويرى مراقبون صوماليين أن زيارة رئيس الحكومة محمد روبلي إلى دولة الإمارات محاولة لاستعادة الدعم الإماراتي الذي كانت تقدمه لبلاده واعتقاداً بأن هذه الخطوة سوف تعزز موقفه في معركة المواجهة الداخلية التي يخوضها مع الرئيس الصومالي عبدالله فرماجو. بينما لاتزال الأسباب التي تقف من وراء توتر العلاقات بين الصومال والإمارات موجودة حتى الآن لعدة أسباب، منها النظرة السياسية لـ “أبوظبي” من قبل الحكومة الفيدرالية بأنها تسعى إلى تنفيذ سياسات هدفها الاستفادة من موارد الدول الضعيفة خاصة المناطق المطلة على “البحر الأحمر” و”خليج عدن”.

في شهر ديسمبر من العام 2019 شرعت الإمارات في تحويل مطار بربرة العسكري إلى مطار مدني بإقليم صوماليلاند “أرض الصومال” بتكلفة بلغت “442” مليون دولار بعد التوقيع على اتفاقية خلال العام 2017 لبناء وتطوير ميناء “بربرة” لمدة ثلاثين عاماً ليصبح قاعدة عسكرية إماراتية. حيث أثارت الاتفاقية موجة غضب سياسية من قبل الأحزاب الصومالية المعارضة في “أرض الصومال” وقتها وكذلك من طرف الحكومة الفيدرالية بمقديشو باتهام الإمارات بانتهاك السيادة الصومالية عبر اتفاقية غير قانونية، ملوحة باللجوء إلى خطوة دولة “جيبوتي” في العام 2018 التي قامت بإلغاء اتفاقية إدارة ميناء “دورالي” مع شركة مواني دبي واللجوء إلى التحكيم الدولي. وهذا الأمر دفع بـ”مقديشو” لتقديم شكوى بحق الإمارات إلى جامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي والحديث بلهجة شديدة حول الانتهاكات التي ظل يتعرض لها “الصومال “من قبل الإمارات بدءاً بإجراء اتصالات مع قادة سياسيين بإقليم مثل “بورتلاند، وغلمد” دون علم الحكومة المركزية، أيضاً إنشاء مراكز لتدريب لجيوش الأقاليم دون تنسيق مع الجيش الوطني الفيدرالي.

ومن أسباب توتر العلاقات الدبلوماسية بين الصومال والإمارات موقف “مقديشو” خلال العام 2017 من الأزمة الخليجية الذي جاء مخيباً لتوجهات السياسة الخارجية الإماراتية في أعقاب اندلاع الأزمة، وهو ما دفع “الصومال” إلى الدخول في تحالفات إقليمية وتوقيع معاهدات واتفاقيات مع تركيا، قطر، وهو ما أبعد الصومال عن المحور “الإماراتي – السعودي”، أيضاً ارتفاع وتيرة الشكوك على إثر حادثة ضبط مبلغ مالي يقدر بنحو “9” ملايين دولار بحوزة السفير الإماراتي بمقديشو على متن طائرة من طراز بيونغ 737. حينها سارعت وزارة الداخلية الصومالية إلى إصدار بيان، قالت فيه إنه بتاريخ 9 أبريل للعام 2018 تم ضبط أموال على متن طائرة إماراتية كان الهدف منها الاستخدام في أعمال غير مشروعة وخارجة عن القانون. حيث بررت السفارة الإماراتية بأن الأموال حقاً تابعة لها ولا يمكن مصادرتها، فهي مخصصة لدفع رواتب ووحدات من الجيش الصومالي في “مقديشو” و إقليم بورتلاند.

سياسياً هناك اعتقاد سائد عند الحكومة الفيدرالية وحلفائها برئاسة الرئيس عبدالله فرماجو، بأن “الإمارات” تسعى بشتى السبل إلى استبدال “فرماجو” حتى تصبح الفرصة سانحة لتمرير سياساتها بإقامة تفاهمات مع شخصية الرئيس الجديدة.

جمال علي - كاتب صحفي في الشؤون الدولية
جمال علي، كاتب صحفي في الشؤون الدولية

ويقول الكاتب الصحفي جمال علي في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إن البحث عن تنفيذ المصالح في منطقة القرن الأفريقي لعدة دول من منطلق التأمين لمستقبل الموارد دفعها للجوء إلى رسم سياسات أفقدت الحكومات والشعوب الثقة فيما بينها.

وحسب جمال فإن ذلك هو ما حدث مع تجربة علاقة الصومال – الإمارات التي مضت بكثير من الاضطرابات والمنعرجات وتأثرت بالعوامل الداخلية لكل بلد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ويرى جمال أن عودة الحرارة إلى هاتف العلاقة تحتاج إلى إبعاد بعض الأطراف التي قد تقف بمثابة عائق أمام تطوير خطوة وضع برنامج مشترك للاستفادة من امكانيات كل دولة.

حسن الشيخ، كاتب وصحفي
حسن الشيخ، كاتب وصحفي

ويوضح الكاتب الصحفي حسن الشيخ في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ أن هناك مفهوماً راسخاً عند الحكومة الفيدرالية يشكك في نوايا الإمارات تجاه الصومال، بأنها تهدف إلى الأخذ دون العطاء بعدما أبرمت اتفاقيات مع بعض قادة الأقاليم الصومالية، مستدلاً باللجوء إلى ميناء “بربرة” في إقليم صوماليلاند، لتعويض خسائر ما فقد بإلغاء صفقة ميناء” دورالي” بجبوتي.

مما سبق يتضح جلياً أن هناك أزمة ثقة بين الدولتين، حاول رئيس الوزراء ردم الهوة وإزالة التشوهات السابقة من خلال زيارته مؤخراً إلى الإمارات. ولكن ما لم يحدث تغيير في طبيعة الصورة الذهنية عند الرأي العام الصومالي حكومة وشعبا، فلن تتجاوز العلاقة محطة التبادل الدبلوماسي إلى المصالح.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here