خلافات نيروبي ومقديشو أزمة ثقة أم صراع موارد؟

25

بقلم : الهضيبي يس

أفريقيا برسالصومال. تشهد العلاقات الصومالية ، الكينية خلافات منذ وقت طويل وصلت حد القطيعة لدبلوماسية. ويعود أصل الخلاف بينهما الى مساحة قدرها 160 ألف و580 كيلو مترمربع على المحيط الهندي ، تطالب به كلتا الدولتين.

وتطالب الصومال بالمنطقة لأنها ترى أنها تقع عند حدودها البحرية بالمحيط الهندي وتمتد بطريقة مماثلة للحدود البرية باتجاة كينيا. وفي العام 2019 استدعت الصومال سفيرها في كينيا متهمة الاخيرة بانتهاك مجالها الجوي بعد قيام طائرة كينية برحلة مباشرة من العاصمة نيروبي الى مدينة كيسمايو الساحلية جنوب غرب العاصمة مقديشو.

واشتكت الصومال في وقت سابق أمام الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (ايقاد) ، متهمة الجنود الكينيين العاملين ضمن بعثة الاتحاد الافريقي المدعومة من الامم المتحدة بالصومال بمغادرة مواقعهم بالبلاد عن من يجب حمايتهم من حركة الشباب.

واتهمت الصومال في شكواها لـ (ايقاد) القوات الكينية بالتورط في بيع وتجارة بعض المواد غير المشروعة في ميناء كيسمايو وتدمير بعض المعدات التي كان بالامكان الاستفادة منها كأجهزة الاتصالات. مادفع الحكومة الكينية لنفي هذه الاتهامات كما وصف رئيس أركان الجيش الكيني روبرت كومبتشو قيام بلاده بتسليح مليشيات معادية للصومال بالأمر الكاذب.

بالمقابل أثرت التوترات بين الدولتين على نحو 3 آلاف طالب صومالي كانو يعبرون بصفة يومية للدراسة في كينيا.

من جهتها فرضت الصومال حظرا على القات الكيني قبل أن تعيد رفع الحظر. والقات هو منشط عشبي قوي مصنف عند منظمة الصحة العالمية ضمن الأعشاب المخدرة بسبب الآثار السالبة الناجمة عن مضغه. فهو صاحب استخدامات اجتماعية وثقافية عند الصوماليين ، ويتم استخدامة على نطاق واسع في العالم.

أزمة ثقة
يقول الكاتب الصحفي والمحلل عمر محمود في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن انعدام الثقة بين قيادة الدولتين يعود الى ترسخ مفهوم عند الحكومة الصومالية بأن كينيا تقوم بدعم معارضين مما يسهم في تمدد أجل الحرب. وأضاف أن لقضية الخلافات بعد تاريخي عندما قامت كينيا بالاعتراف بحقوق إقليم أرض الصومال في العام 1990، فكانت البداية الفعلية لتوتر العلاقات، متوقعا استمرار توتر العلاقات بين الدولتين حتى وإن تضمنت بصورة دبلوماسية عودتها ، مبررا ذلك بوجود جذور تاريخية للأزمة لم يتم حتى الآن التطرق لها.

صراع الموارد

عبدالقادر محمد علي، كاتب وصحفي

ويعتقد الكاتب الصحفي عبدالقادر محمد علي في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن أسباب الخلاف مرتبطة بالمناطق الغنية بكميات هائلة من مخزون الغاز والنفط وهو وجه مشابها للصراع في الشرق الأوسط. سيما وأن الصومال تصر على الاستمرار في نفس مسار الاتجاه الجنوبي الشرقي للحدود البرية ، بينما كينيا تتمسك بالمضي بأخذ منعطف بواقع 45 درجة تقريبا عند الخط الساحلي مما يتيح لها أكبر قدر من الوصول الى البحر.

ويشير عبد القادر بالفعل طبقت كينيا رؤيتها الحدودية في العام 2005 مستغلة في ذلك انهيار الصومال ، وبحلول شهر ابريل من العام 2009 وقع الطرفان اتفاق بشأن النزاع الحدودي البحري ، ولكن مالبث البرلمان الصومالي أن ألغى الاتفاق بعد عامين ووصف الامر انتقاص من السيادة الصومالية.

غضب مقديشو
ورغم ماسبق لم تتخل كينيا عن أهدافها فقد قامت بمنح ثمانية تراخيص لامتيازات بحرية ، سبعة منها تقع في مناطق المتنازع عليها مع الصومال لشركات أمريكية وفرنسية خلال العام 2012 . وهو ما أثار غضب مقديشو التي رفعت الامر الى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع في اغسطس 2014، ولكن جائحة كورونا تسببت في تأجيل استصدار حكم بشأن الشكوى.

وينوه عبد القادر بأن الصراع بين الدولتين لم يقتصر عليهما فقط بل أدى الى انقسام في دول راغبة باستثمار مخزون مواد الهيدروكربونية منها الولايات المتحدة ، بريطانيا ، فرنسا ، ايطاليا ، النرويج بين المعسكرين المتنازعين. فقد أسهمت بعض الوساطات العربية منها دولة قطر، والجامعة العربية في اعادة المياة الى مجاريها بين نيروبي ، ومقديشو بعد توتر نتج عنه قطع العلاقات الدبلوماسية، قبل أن يتم إعادة فتح السفارة الكينية في العاصمة مقديشو.

ضعف القارة
بينما يظل الاستقرار الحقيقي لعلاقات الدولتين رهين بحسم مجمل القضايا محط الخلاف وعدم تدخل كينيا في شؤون الصومال على مستوى الانتخابات القادمة ومعالجة قضية النزاع الحدودي البحري بمنطقة المحيط الهندي الغنية بالنفط.

ويردف الكاتب الصحفي في حديثه ، أن الأزمة التي نشبت بين الجارتين دلت على مدى ضعف مؤسسات القارة الأفريقية ، في إشارة الى الإتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الأفريقي والهيئة الإستشارية لدول شرق أفريقيا (ايقاد) في تدارك ماحدث وتوسط بالشكل المطلوب الذي يخولها لفض النزاع، مايعني ضرورة البحث عن حل لمشاكل مؤسسات القارة حتى تستطيع أن تقوم بدورها الذي خصصت له والإطلاع بتعقيدات نقاط الخلاف التي قد تنشب من وقت لآخر.

وحال استمرت المؤسسة الأفريقية في التقاعس تجاه حل قضايا القارة ، فإنها سوف تفقد أهليتها وثقتها كما هددت من قبل الصومال بالانسحاب من تكتل الايقاد بسبب شعورها بعدم الحياد بشأن نزاعها مع كينيا.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here