في 3 أسئلة.. سقوط معقل “الشباب” وسط الصومال

13
في 3 أسئلة.. سقوط معقل
في 3 أسئلة.. سقوط معقل "الشباب" وسط الصومال

أفريقيا برس – الصومال. حقق الجيش الصومالي بإسناد من العشائر انتصارا استراتيجيا بعد سيطرته على المعقل الرئيسي لحركة “الشباب” وسط البلاد، ما يفتح أمامه المجال لبدء المرحلة الثانية للقضاء على معاقلها الجنوبية في إقليمي جوبا لاند والجنوب الغربي.

ففي 25 أغسطس/آب أعلن الجيش الصومالي دخوله مدينة “عيل بور” وسط إقليم غلمدغ (وسط)، التي تبعد نحو400 كلم شمال العاصمة مقديشو، بعد أسابيع من القتال وحرب استنزاف شاركت فيها طائرات مسيرة أمريكية.

ما هي أهمية مدينة عيل بور؟

تعتبر المدينة بمثابة إمارة قائمة بذاتها لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، فهي بعيدة عن معاقلها في الجنوب، خاصة بعد تحرير الجيش لإقليم هيرشبيلي، ما أدى إلى قطع طرق الدعم والإمداد، أو على الأقل إضعافها.

يقع هيرشبيلي بين غلمدغ وإقليم الجنوب الغربي، والأقاليم الثلاثة متصلة فيما بينها، لكن خطة الجيش اعتمدت في مرحلتها الأولى التي انطلقت في أغسطس/آب 2022 على تحرير كامل مدن وبلدات “هيران وشبيلي الوسطى”، المجاورة لمقديشو، ما أدى إلى تقطيع أوصال معاقل “الشباب” في الوسط والجنوب.

تعتبر عيل بور مركزا للتخطيط وانطلاق العمليات الإرهابية الدامية في مختلف مدن وبلدات وسط البلاد، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وشبكة الطرقات والسبل المؤدية إلى مدن وبلدات وسط البلاد المختلفة.

وهذا ما يفسر قول قائد الجيش الصومالي إبراهيم شيخ محيي الدين: “السيطرة على عيل بور ستوقف تماما التعاسة التي تسببت فيها حركة الشباب، سيعم السلام والرخاء”.

والتحدي الأكبر للحكومة الصومالية استمرار سيطرتها على المدينة وعدم السماح لحركة الشباب باستعادتها مجددا، كما فعلت في مناسبات سابقة.

لكن تحالف الجيش مع العشائر منذ عام ساعد على تثبيت السيطرة على المدن والبلدات المحررة، خاصة وأن “الشباب” بدأت تفقد حاضنتها الشعبية، بسبب تشددها وفرضها ضرائب مكلفة على السكان الخاضعين لسيطرتها في وقت يعانون من الجفاف وانتشار الفقر، ما دفع بعضهم للانحياز للحكومة وتشكيل قوات محلية تسمى “معاويسلي” أو “الدراويش”.

كما أن المنطقة مشهورة بمراعيها لانتشار البرك المائية خاصة في موسم الأمطار، ويزعم موقع “قراءات صومالية” توفر البترول وبعض المعادن في المنطقة، ما يعطيها أهمية اقتصادية مستقبلا.

وبفقدانها مدينة استراتيجية مثل عيل بور، تكون “الشباب” خسرت موردا ماليا لتمويل عملياتها الإرهابية، وقد تضطر قياداتها وعناصرها المتشددة للفرار إلى معاقلهم في الجنوب، ما سيسهل على الجيش الصومالي تطهير ولاية غلمدغ بالكامل، خاصة المناطق الريفية التي من المرجح أن يختبئ فيها عناصر التنظيم.

كيف تحررت المدينة؟

رغم أن الجيش كان ينتظر دعم دول الجوار الثلاثة؛ إثيوبيا وكينيا وجيبوتي، لبدء المرحلة الثانية وتحرير عيل بور، إلا أن عدم وصول الدعم مع توتر الأوضاع الأمنية في إقليم أمهرة الإثيوبي، لم يمنعه من تنفيذ العملية.

وفق موقع “قراءات صومالية”، جرى تدريب وتجهيز 10 آلاف جندي خلال الأشهر العشرة الماضية، بالإضافة إلى 3 آلاف مسلح من المليشيات العشائرية المعروف محليا بـ”معاويسلي”.

كما شاركت القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) في دعم تحرير عيل بور، عبر استهداف مسلحي “الشباب” بغارات للطائرات المسيرة.

ومنذ نهاية يوليو/تموز الماضي، كثف الجيش الصومالي هجماته على المناطق القريبة من عيل بور، بدعم من قوات الدراويش التابعة للولاية، والسكان المحليين.

كان واضحا أن الهدف من قتال الجيش للحركة خارج المدينة، يهدف لاستدراج عناصرها بعيدا عن مواقعهم المحصنة حتى يتم استنزافهم ويسهل على الطيران الأمريكي المسير استهدافهم.

في 29 يوليو الماضي، أعلنت وزارة الإعلام مقتل 100 عنصر من “الشباب” في قصف جوي، قبل أيام، وتم تدمير 14 مركبة للحركة بمنطقة تقع بين محافظتي غلغدود (إقليم غلمدغ) وشبيلى الوسطى (إقليم هيرشبيلي)، كما قتل عشرات من المسلحين في معارك مباشرة مع الجيش وبإسناد جوي أمريكي.

وفي 25 أغسطس المنصرم، أعلن الجيش الصومالي سيطرته على المدينة بعد مقتل 27 من عناصر “الشباب” ليلة 24 أغسطس، في عملية وصفها بـ”المخططة”.

ورغم تعرض الجيش لهجوم مضاد وعنيف من “الشباب” على بلدة عوس ويني في غلغدود، بعد يوم من تحرير عيل بور، إلا أنه أعلن تمكنه من صد الهجوم، نافيا سيطرة الحركة على البلدة.

متى تبدأ المرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد “الشباب”؟

لم يتم بعد إعلان بدء المرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد الحركة، خاصة بعد تراجع كل من إثيوبيا وكينيا وجيبوتي عن التزامهم بتقديم المساعدة خلال هذه المرحلة، وفقا للاتفاقية التي تم توقيعها في فبراير/ شباط الماضي.

لكن عملية تحرير عيل بور التي انطلقت في يوليو وانتهت في 25 أغسطس، بمثابة انطلاقة فعلية للمرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد حركة الشباب.

وبذلك يكون الجيش قد نجح في تحييد الحركة بنسبة كبيرة من الأقاليم الوسطى، رغم أن تطهير القرى والأرياف ما زال متواصلا، ما سيسمح له بنقل ثقل المعارك إلى الجنوب.

وتمكن الجيش الصومالي خلال المرحلة الأولى من العملية ضد “الشباب” التي انطلقت في أغسطس 2022، من تحرير نحو 70 مدينة وبلدة في ولايتي هيرشبيلي وغلمدغ، وسط البلاد.

وكان الرئيس شيخ محمود أعلن في 17 أغسطس، أنه سيتم إطلاق المرحلة الثانية من العملية العسكرية خلال أيام، متوعدا بالقضاء على حركة الشباب خلال خمسة أشهر.

ويمكن القول إن العمليات العسكرية في إقليمي جوبا لاند والجنوب الغربي، بدأت فعلا، حيث قضت القوات الأمريكية على 13 عنصرا من الحركة في ضربة جوية نفذتها في 26 أغسطس، بعد يوم من تحرير “عيل بور”.

كما قضت القوات الخاصة الصومالية (دنب)، على 47 عنصرا من “الشباب” بضواحي مدينة كسمايو، مركز ولاية جوبا السفلى، بإقليم جوبا لاند، الحدودي مع كينيا.

وهذه مؤشرات على البداية الفعلية والتدريجية للمرحلة الثانية للعملية في جوبالاند و”الجنوب الغربي”، حتى في غياب دعم من دول الجوار التي تواجه تحديات أمنية مستجدة.

فالجيش الإثيوبي خاض قبل أسابيع معارك صعبة مع ميليشيات فانو الأمهرية، التي سيطرت على عدة بلدات استراتيجية في اٌليم قبل أن يستعيدها الجيش.

أما كينيا، فواجهت انتقام حركة الشباب، التي اتهمت بتنفيذ عدة هجمات شمالي البلاد، خلفت مقتل 24شخصا بينهم 15 عنصرا من الشرطة في يونيو/حزيران الماضي.

حركة “الشباب” التي يقدر عدد أفرادها بين 7 آلاف و12 ألف عنصر، تسعى للضغط على كينيا للتراجع عن دعم المرحلة الثانية للعملية العسكرية ضدها ويبدو أنها نجحت بذلك بعد تراجع نيروبي عن دعم العملية، وفق إعلام صومالي.

وتسيطر “الشباب” على محافظة “جوبا الوسطى” بولاية جوبالاند، كما تحكم سيطرتها على معظم المناطق الريفية في محافظتي باي وبكول بإقليم “الجنوب الغربي”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here