هل تؤدي التعديلات الدستورية في الصومال إلى الاستقرار أم تؤسس للديكتاتورية في البلاد؟

8
هل تؤدي التعديلات الدستورية في الصومال إلى الاستقرار أم تؤسس للديكتاتورية في البلاد؟
هل تؤدي التعديلات الدستورية في الصومال إلى الاستقرار أم تؤسس للديكتاتورية في البلاد؟

أفريقيا برس – الصومال. لا يزال الاستقرار السياسي في الصومال يمر بمرحلة مخاض قد تكون عسيرة في الوقت الراهن وتنتابها الكثير من المخاوف وعدم الثقة، نتيجة لما تعيشه البلاد من انهيار للدولة ودورها منذ حرب العام 1991.

تعد التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان مؤخرا أحد الأدوات رغم المخاوف التي يبديها الكثيرين من توسيع صلاحيات الرئيس والتي يرى البعض أنه تؤسس لحكم ديكتاتوري في البلاد في ظل تواري سلطة البرلمان الرقابية على الحكومة، لأن التعديلات الجديدة تضع سلطة تعيين وإقالة رئيس الحكومة بيد الرئيس دون الحاجة للرجوع للبرلمان وهو ما زاد من مخاوف احتكار السلطة، ما قد يزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، علاوة على الاستغلال السيئ للسلطة في ظل غياب الرقابة.

فهل تحقق التعديلات الدستورية استقرار البلاد سياسية أم تشعل الفوضى وتؤسس للدكتاتورية في الصومال؟

بداية يقول عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال،” تأتي التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان الصومالي في توقيت دقيق ومهم للغاية، وأرى أنها سوف تشكل نقطة تحول في مسيرة بناء الدولة الصومالية التي انهارت نتيجة الحرب الأهلية عام “1991.

حلول للخلافات

وأضاف: “هناك أمل كبير في أن تلعب التعديلات الدستورية دورا لافتا في الجهود الجارية لإرساء نظام سياسي مستقر في البلاد، وإيجاد حلول للخلافات السياسية التي ظلت تعصف بالحكومات الصومالية منذ أكثر من 20 عاما”.

وتوقع عبدي أن تضع التعديلات الدستورية حدا للخلافات بين مؤسسات الدولة العليا ولاسيما بين الرئاسة ورئاسة الوزراء أو الرئاسة والبرلمان، لأن التعديلات تقر بتحويل النظام السياسي في الصومال من نظام برلماني إلى نظام رئاسي وتخول سلطات واسعة للرئيس تسمح له بتعيين رئيس الوزراء وإقالته دون الحاجة إلى موافقة البرلمان كما ينص عليه الدستور الحالي”.

نظام رئاسي

وقال مدير مركز مقديشيو: “من أبرز التغييرات الأخرى التي شملت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان الصومالي، هى تغيير مدة ولاية الرئيس من 4 سنوات إلى 5 سنوات، وانتخابه عبر اقتراع شعبي مباشر خلافا للنظام الانتخابي المعمول به في الوقت الراهن”.

وأشار عبدي إلى أن: “التعديلات الدستورية تضم مادة تعطي رئيس الجمهورية صلاحية تعيين رئيس الوزراء وإقالته، وهذه المادة أثارت جدلا واسعا في المشهد السياسي الصومالي”.

مخططات الحكومة

ويكمل: “يعتقد العديد من السياسيين البارزين بأن تعديل مادة صلاحيات الرئيس وزيادة سلطاته وصلاحياته، هذه المادة تؤسس دكتاتورية جديدة في البلاد، وتضع كل السلطات بيد الرئيس الأمر الذي يشكل ضربة للتوازن القبلي، وتأليب للجراح بين القبائل، وانتكاسة للإنجازات المحرزة، ودعوا إلى رفض التعديلات ومواجهة مخططات الحكومة الحالية”.

واختتم بقوله:”في هذا السياق يجب الإشارة إلى أن هذه التعديلات لن يتم تنفيذها إلا بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة والمتوقعة إجراؤها بحلول منتصف عام 2026′′.

خطوة إيجابية

من جانبه يقول المحلل السياسي الصومالي،عمر محمد،”بوجه عام، البدء في التعديلات الدستورية، خطوة إيجابية نحو مسيرة إعادة بناء الدولة الصومالية، وتجاوز لمعضلة الدستور الصومالي التي استمرت لأكثر من 10 سنوات، حيث تمت كتابة مسودة الدستور الصومالي في 1 أغسطس/آب 2012م،

كما أنه من الضروري حسب رأيي تحقيق التوافق قدر الإمكان بين المكونات السياسية”.

وأضاف محمد: “تشمل التعديلات الدستورية التي أقر بها البرلمان الصومالي الفصول الأربعة الأولى من الدستور، والتي من بينها مواد تتعلق بالانتخابات القادمة، حيث يقر هذا التعديل الدستوري انتخاب الرئيس الصومالي من قبل الشعب الصومالي، على خلاف ما كان معمولا به في السابق، إذ كان أعضاء البرلمان بمجلسيه الشيوخ والشعب ينتخبون الرئيس”.

أهم التعديلات

وتابع المحلل السياسي “تنص التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها، على أن الرئيس يعين رئيس الوزراء ولديه الصلاحيات أيضا لعزله دون الرجوع للبرلمان ومتى شاء، وهو ما لم يكن معمولا به في السابق، حيث كان يتم طرد رئيس الوزراء عبر سحب الثقة من الحكومة من قبل البرلمان، كذلك ينص التعديل الدستوري على توحيد موعد الانتخابات الولائية والمركزية، ونظام الأحزاب السياسية المحددة حتى الآن ب 3 أحزاب سياسية فقط”.

وأشار محمد إلى أن بعض المكونات السياسية والحزبية الصومالية قد قاطعت هذه التعديلات الدستورية، واعتبروها تمهيد للاستبداد الإداري، وتمديد لفترة الرئيس الحالي، ومن هذه المكونات السياسية، رؤساء سابقون، ورؤساء وزراء سابقون أيضا، إدارة ولاية بونتلاند الإقليمية، فضلا عن إدارة صوماليلاند الانفصالية التي تعتقد أن هذا الدستور لا يخصها، مادامت أعلنت عن استقلالها عن الصومال منذ 1991م”.

وقال المحلل السياسي:”بقي أن نشير إلى أن استكمال الدستور ظل لسنوات من أحد المشاريع الهامة التي يتقدم بها المرشحون الرئاسيون، ومن بينهم الذين يقاطعون اليوم هذه التعديلات، مما يدل على أهمية استكمال الدستور، ودوره في تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد”.

وقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مساء أمس الأحد على الفصول الأربعة الأولى المعدلة من الدستور لتصبح قانونا.

وشدد الرئيس محمود على أن استكمال الدستور يعزز الديمقراطية والمساواة بين المواطنين الصوماليين وبناء مؤسسات حكومية فعالة.

حضر مراسم التوقيع رئاسة البرلمان الصومالي ولجنة مراجعة الدستور وفقا للبيان الصادر عن الرئاسة الصومالية بحسب موقع “الصومال الجديد”.

كان البرلمان الصومالي بغرفتيه النواب والشيوخ قد وافق في 30 مارس/آذار الماضي على تعديل الفصول الأربعة الأولى من الدستور المؤقت للبلاد بعد عدة أسابيع من المناقشات الساخنة في البرلمان.

وأعلن رئيس مجلس الشعب الشيخ آدم محمود نور “مدوبي” أن 212 عضوا في مجلس الشعب و42 عضوا في مجلس الشيوخ صوتوا لصالح تعديل الدستور فيما لم يمتنع أو يرفض أي نائب.

وينص أحد البنود في المسودة المعتمدة على أن البلاد سيكون لها رئيس منتخب من قبل الشعب الصومالي والذي يقوم بدوره بتعيين وإقالة رئيس الوزراء من منصبه.

وقد عارض بعض السياسيين الصوماليين من بينهم الرئيسان السابقان شيخ شريف شيخ أحمد ومحمد عبد الله فرماجو ورئيس ولاية بونتلاند تعديل الدستور بحجة أنه يمهد الطريق لتوطيد السلطة في يد الرئيس.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here