عندما نفد الوقود من طائرة بوينغ على ارتفاع 10 آلاف متر

18

الصومال – افريقيا برس. أقلعت طائرة من طراز بوينغ 767 بخزانات نصف فارغة، ولم يدرك الطيار ذلك إلى بعدما توقف أحد محركاتها على ارتفاع 10 آلاف متر، فترك الطيار أمر المركبة للطيران الآلي في رحلة على خط أوتاوا إدمونتون الذي يحلق فيه منذ 20 سنة، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل حصل ما هو أسوأ، والسبب غريب جدا.

قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن 61 راكبا كانوا على متن رحلة الخطوط الجوية الكندية هذه، عندما انطلقت يوم 23 يوليو/تموز 1983 من العاصمة أوتاوا إلى مدينة إدمونتون.

وحتى قبل ساعتين من وقت الوصول المقرر، عندما كان بعض الركاب نائمين والبعض منشغلين بقراءة الكتب أو مغازلة المضيفات، دوى إنذار في قمرة القيادة، ووجد القائد ومساعده أن الإنذار يعلن فشل مضخة الوقود التي تزود المحرك الأيسر، إلا أن الأمر قد يحدث وبالتالي لا خطورة، ويكفي فصل المضخة المتعطلة.

وبنظرة على المقاييس، اطمأن الطاقم إلى أن الخزانات لا تزال تحتوي على الكثير من الكيروسين، وظلت الرحلة متواصلة، والركاب لا يشكون في شيء، إلا أن إنذارا ثانيا انطلق في قمرة القيادة، ولاحظ الطيارون أن المضخة اليسرى الثانية قد توقفت.

وبما أن الأمر أصبح مقلقا أكثر وقد يحمل بعض الخطر، قرر الطيار توجيه الطائرة إلى مطار وينيبيغ الأقرب، إلا أن المحرك الأيسر توقف في هذه اللحظة، مع العلم أن الطائرة يمكن أن تحلق بمحرك واحد، وهو أمر تدرب عليه الطياران مرات عدة في جهاز محاكاة.

نفاد الوقود واكتشاف السبب
وبعد أن طلب الطياران من مراقبي الحركة الجوية الاستعداد لحالة هبوط اضطراري، وبدأت المضيفات بإعداد الركاب للهبوط بدعوتهم لاتخاذ وضع الأمان، تأتي المفاجأة الجديدة، حين يسمع الطياران صوتا لم يسمعا بمثله قط في حياتهما المهنية، فينظران إلى بعضهما في دهشة. إنه حشرجة بوينغ 767 عندما ينفد منها الوقود تماما.

في وقت لاحق، اكشف التحقيق أن مزود خدمة الوقود ارتكب خطأ فادحا أثناء عمله، إذ خلط بين الكيلوغرام والرطل، لأن معايرة أجهزة القياس على متن الطائرة تمت بشكل غير صحيح، فكندا كانت وقتها قد تبنت للتو الكيلوغرام كوحدة وزن بدل الرطل الأنجلوسكسوني (الكيلوغرام يعادل 2.2 رطل)، ولم يلاحظ أحد ذلك فأقلعت البوينغ بنصف الكيروسين اللازم لإكمال الرحلة.

تحكم من دون محرك
وهكذا أصبح الطيار الرئيسي بوب بيرسون على رأس طائرة شراعية بوزن 180 طنا وعلى متنها 69 شخصا، وقد انطفأت جميع الأضواء على متنها، مع انتشار الذعر في مقصورة الركاب، وحتى في قمرة القيادة، وإن كانت بعض الشاشات عادت للخدمة بفضل التوربينات الطارئة.

وبما أن المفاجأة أخذت الطيارين، فقد انكبا على الكتيبات الموجودة على متن الطائرة للبحث عن الفصل المخصص لتجربة الطيران من دون محرك، إلا أنهما لم يعثرا على شيء، مما يعني أن على القبطان أن يحل المشكلة.

وبمساعدة مراقبي الحركة الجوية، توصل المساعد إلى حساب أن الطائرة تنزل بمعدل 1500 متر كل 18.5 كيلومترا، وعليه فلن يسمح فقدان الارتفاع بسرعة كبيرة بالوصول إلى وينيبيغ، ولكن مسارا قريبا وجد لحسن الحظ، لأن المساعد كان في الجيش، وخدم في قاعدة جيملي الجوية القريبة.

اندلاع حريق
اتجه المساعد نحو القاعدة، ثم فتح جهاز الهبوط الذي تدلى تحت قوة الجاذبية، لكنه كان من المستحيل إصلاح العجلة الأمامية في مثل هذا الوضع، مما يعني أنهم لن يستفيدوا منها.

ترك مساعد الطيار الطائرة تنزلق لتفقد الارتفاع من أجل الاقتراب من الهبوط قدر الإمكان، ومع أن القاعدة في ذلك اليوم كانت تستضيف حفل “يوم الأسرة”، فقد استطاعت إفساح المجال أمام الطائرة التي تتحرك وفق قواعد مرتجلة.

وبالفعل تمكن بيرسون من ملامسة الأرض بزاوية جيدة وسرعة يمكن التحكم فيها، ثم ضغط على المكابح لإيقاف الطائرة التي تتدحرج فوق خيام الحفل، قبل أن تتوقف الطائرة في الوقت المناسب بعد انفجار إطارين.

والغريب أن الطائرة بقيت سليمة رغم أن حريقا صغيرا اندلع عند التوقف، وسرعان ما احتوته سيارات إطفاء الحريق، وقد تدافع الركاب نحو الزلاجات، وهم لا يكادون يصدقون أنهم ما زالوا على قيد الحياة.

المصدر : الصحافة الفرنسية

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here