دلالات التحرك العسكري الإثيوبي الجديد نحو الصومال

36

مقديشو- قراءات صومالية- أفاد شهود عيان عبور عشرات الجنود الإثيوبيين على جسر مدينة دولو الصومالية حيث تمركزت في مطار المدينة. وقد شوهد قافلة عسكرية إثيوبية أثناء مرورها في مدينة جكجكا عاصمة الإقليم الصومالي في إثيوبيا خلال اليومين الماضيين، بيد أن مصدرا آخر من مدينة جكجكا أكد أن هذه القافلة كانت في طريقها إلى أديس أبابا قادمة من الصومال.

وقال شاهد عيان مقيم في دولو الصومالية ” وصلت آلاف من القوات الإثيوبية إلى مدينة دولو الصومالية،وقد رحبت القيادات العسكرية والمدنية الصومالية هذه القوات إلى المدينة “

ويستخدم الجيش الإثيوبي عربات ومدرعات عسكرية رشت عليها بعلامات وشعارات بعثة قوات الإتحاد الإفريقي المتمركزة في الصومال منذ 2007م.

ولم يعرف بعد العدد الحقيقي للقوات الإثيوبية، وطبيعة تحركها الجديد نحو الصومال في الوقت الراهن، إلا أن تقارير إعلامية صومالية تشير إلى أن المناطق المستهدفة من الجيش الإثيوبي، بالتنسيق مع القوات الصومالية هي محافظات باي – ولاية جنوب غرب الصومال- وجوبا الوسطى- وجوبالاند- وغلغدود – ولاية غلمذغ- بغية تحرير المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة حركة الشباب المتشددة.

المستنقع الصومالي

وقد تورطت إثيوبيا في المستنقع الصومالي إثر إنهيار الدولة 1991م حيث توغلت قواتها في محافظة غدو 1996 للقضاء على معسكرات الإتحاد الإسلامي في المحافظة، وقد حققت هذا الهدف في وقت قياسي، ومنذ ذلك الوقت فإن الوجود العسكري الإثيوبي في الصومال كان لافتا خاصة في المناطق الحدودية.

وقد اجتاحت القوات الإثيوبية بدعم أمريكي على المناطق الواقعة وسط وجنوب الصومال في شهر دسمبر 2006م بغية الدفاع عن الحكومة الإنتقالية الصومالية من هجمات إتحاد المحاكم الإسلامية، وكسرت شوكة المحاكم في مقديشو، كما دخلت إلى جميع المدن الرئسيية في البلاد،وقد انسحبت القوات الإثيوبية من مقديشو العاصمة نهاية 2008م

وقد انضمت القوات الإثيوبية إلى بعثة قوات الإتحاد الإفريقي في يناير 2014م وهي حوالى أربعة آلاف جندي غير أن عدد أفراد الجيش الإثيوبي في الصومال اكبر من هذا العدد حيث يقدر زهاء عشرة آلاف جندي.

وتتمركز القوات الإثيوبية في أربعة ولايات صومالية،وهي ولايات غلمذغ، وهرشبيلى، وجنوب غرب الصومال ،ومحافظة غدو في جوبالاند، بينما تتمركز القوات الكينية في محافظة جوبا السفلى في جوبالاند، كما تتمركز القوات الجيبوتية في مدينة بلدوين مع القوات الإثيوبية.

القوات الإثيوبية هي اكثر حرفية ومهارة في مواجهة حركة الشباب المتشددة مقارنة بالقوات الأخرى الإفريقية، وهي اقوى شراسة، وأداءا في القتال وفق اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية.

الأزمة المشتعلة بين مصر وإثيوبيا

ويأتي التحرك العسكري الإثيوبي نحو الصومال إثر زيارة رئيس وزراء الصومال حسن على خيري إلى أديس أبابا بتاريخ 18-3-2020م حيث التقى مع نظيره الإثيوبي الدكتور أبي أحمد علي، وأجريا منقاشات حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين من بينها تعزيز التعاون في المجالات السياسية، والأمنية، والإقتصادية.

كما نقل رئيس الوزراء خيري رسالة من الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، إلى أبي أحمد والتي تدور حول تفهم الصومال في الأزمة المشتعلة بين إثيوبيا ومصر حول سد النهضة الإثيوبي، وتقديم الإعتذار إلى إثيوبيا حيال تأييد الصومال حق مصر في مياه نهر النيل في الاجتماع الأخير لجامعة الدول العربية.

بيد أن موقف الصومال حيال سد النهضة وقع كالصاعقة على رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الحليف المقرب للقيادة الصومالية، إلا أن زيارة خيري الأخيرة لأديس أبابا بددت مخاوف القيادة الإثيوبية حيال موقف الصومال الأخير في أزمة السد، كما تعهد الصومال حماية المصالح الإستراتيجية الإثيوبية وفق تأكيدات مصادر دبلوماسية.

إثيوبيا وكينيا

وفي سياق متصل أعلنت كينيا في خطو غير متوقعة إنحيازها إلى مصر وحقها التاريخي الطبيعي في مياه نهر النيل، وما يشكله سد النهضة من خطورة على أمنها المائي، متجاهلة موقف جارتها إثيوبيان وحليفتها الإستراتيجية في منطقة القرن الإفريقي منذ الستينيات من القرن الماضي.

ويرى مراقبون أن التحرك العسكري الإثيوبي الجديد نحو الصومال إن حصل قد يأتي في سياق ردها لموقف كينيا حيال أزمة سد النهضة، حيث تعزز إثيوبيا سلطات الحكومة الفدرالية في محافظة غدو حيث المثلث الحدودي بين الصومال، وكينيا، وإثيوييا، وتحرير محافظة جوبا الوسطى في جوبالاند خلال الشهر الجاري، وهو ما يعد ضربة إستراتيجية لولاية جوبالاند المتحالفة مع كينيا، والأخيرة نفسها أيضا.

تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن طرد حركة الشباب المتشددة من مدينة بؤآلي عاصمة محافظة جوبا الوسطى برزت منذ منتصف 2019م إلا أن المعطيات والوقائع على الأرض، وتوزيع مسؤوليات بعثة الإتحاد الإفريقي، فضلا عن الإمكانيات المادية لم تساعد الإثيوبيين بخلق واقع جديد لصالح الحكومة الفدرالية الصومالية في محافظة جوبا الوسطى معقل حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة في الصومال.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here