التاریخ القدیم للصومال قبل الإسلام

23
التاریخ القدیم للصومال قبل الإسلام
التاریخ القدیم للصومال قبل الإسلام

أفريقيا برس – الصومال. الصومال في العصر الحجري قام فريق مكون من علماء الآثار بقيادة رتشارد ليكي في عام 1967م باكتشاف بقايا قديمة لأحفوريات بشرية حديثة مكونة من جمجمتين وأجزاء من هيكل عظمي في حوض أومو الواقع في إثيوبيا الآن، وقدر العلماء العمر النسبي لتلك البقايا البشرية بـ 130,000 سنة مضت.

ومن جهة أخرى، قامت مجموعة مختلفة من علماء ينحدرون من جامعة أستراليا الوطنية بزيارة أخرى للموقع نفسه عام 2005م، ليجدوا كسورا متحجرة لعظمة جمجمة تطابقت مع الجماجم المكتشفة سلفا من قبل فريق ليكي.

لكن الفريق الأسترالي أرجع عمر تلك الجماجم الى 195,000 سنة، معتمدين على عمليات التأريخ الكربوني الحديثة، مما يجعلها أقدم البقايا البشرية الحديثة المكتشفة. وتم إيداع تلك البقايا البشرية في متحف أديس أبابا لتكون شاهدة على أن منطقة القرن الأفريقي هي مهد الإنسانية جمعاء دون منافس.

بالإضافة الى ذلك، وتحديدا في الجزء الشمالي الشرقي من نفس المنطقة والتي تتربع عليها الصومال اليوم، عثر على شفرات من الحجر الآشولي وصوان وأدوات وآلات كانت تستخدم في العصر الحجري في محيط مدينة هرجيسا وجرف قوليس يعود تاريخها ما بين 120,000 و40,000 سنة سالفة.

ولم تتوقف تلك الاكتشافات عند ذلك الحد، حيث قام المكتشف البريطاني السيد هيوارد سيتون كار والذي يعتبر محسوبا على المركز الملكي البريطاني للاكتشافات الجغرافية بالعثور على فؤوس حجرية يدوية على هضاب جاليلو الواقعة بين ميناء بربرة ومدينة هرجيسا يعود تاريخها الكربوني الى 40,000 سنه مضت.

وكعادة المستعمر الأوربي تمت سرقة تلك الآثار وحفظها في متاحف غربية في كل من أستراليا والمملكة المتحدة وعرضها على الجمهور هناك. رسومات كهف لاس جيل تعتبر الرسومات المكتشفة حديثا في كهف لاس جيل الواقع شمالا من مدينة هرجيسا إحدى أهم الأدلة العلمية على التواجد البشري القديم في الصومال، حيث تحتوي على صور لحيوانات مختلفة مثل البقر.

وأيضا رسومات لسكان محليين يرتدون ما يشبه أزياء احتفالية دينية رافعين أيديهم الى أعلى في وضعية عبادة، وتحتوي جدران الكهف على نصوص مقدسة مكتوبة بالهيروغليفية القديمة لغة الفراعنة.

الصوماليون علموا بوجود تلك الكهوف واعتبروها أماكن تاريخية وأثرية، لكن العالم الغربي عرف بوجودها في الآونة الأخيرة، انطلاقا من عام 2003م، عن طريق فريق من علماء آثار فرنسيين.

وتظهر تلك الرسومات في كهف لاس جيل الحياة الرعوية لدى قدماء الصومال، ويعتقد كثير من العلماء أن الإنسان الصومالي القديم قام بتدجين الجمال في منطقة القرن الأفريقي في الألفية الثانية والثالثة قبل الميلاد، ومن هناك انتشرت الجمال المدجنة الى مصر والجزء الشمالي من أفريقيا.

ديانات قدماء الصومال قبل الإسلام قبل مجيء الإسلام الى الصومال، كان السكان الأصليون في الصومال يعتقدون بديانات شركيه تحتوي على تعاليم معقده، تشتمل على آلهة متعددة تحت قبة اله أكبر يدعى (Waaq)، تنضوي تحته كل تلك الآلهة المتعددة.

وكان قدماء الصومال يطلقون اسم (Ebbe Waaq) أي (الإله واق)، وعلى الديانة كلها اسم (Ebbe Waaq) أيضا. بينما كانوا يسمون دور العبادة الرسمية وهياكل للصلاة عندهم (Xeero) (تأتي كلمة حييرو بمعاني متعددة باللغة الصومالية منها : مكان يجتمع فيه الناس).

وخصصوا أماكن أخرى للاحتفالات الدينية تختلف عن دور الصلاة سابقة الذكر، وأسموها بـ (Taalo) (عمود مصنوع من الحجارة أو ضريح تشبه الصوامع، ولكنها مكونة من الحجارة).

حيث كانوا يقومون بطقوس مهمة لمعتقداتهم وعادة ما كانت تحت إشراف قس أو رجل دين يسمونه (Wadaad)، وهي الكلمة المستخدمة في العصر الحالي للإشارة الى رجل الدين في الصومال. تفاصيل ديانة Ebbe Waaq

ومع وجود آثار تاريخية نادرة نستطيع من خلالها تسليط الضوء قليلا على تلك الديانة بشكل مفصل، والهرمية الروحية التي كان يعتقدها قدماء الصومال ويبجلونها في ذلك الوقت على النحو الآتي:

اعتقد الصوماليون القدماء بـ (Waaq) رأس كل الآلهة والكيانات الأخرى، حيث كان يباشر الشؤون الإنسانية بنفسه، ويتوجهون إلية بالعبادة والتبجيل مباشرة وقبل الآلهة الأخرى. ونسبوا إليه إيجاد الخلق لعبادته وحده فقط (تعالى الله عن الشريك والصاحبة والولد).

ونسبة الى الأساطير الصومالية التقليدية، كان يعيش (Waaq) في السماء, وعندما كان يتوجون بالدعاء إليه للاستسقاء وينزل المطر بعد ذلك, يطلقون على تلك الفترة (Barwaaqo), نسبة اليه, وترجم مجموعة من الباحثين تلك المفردة المركبة بـ (مطر الإله), ويرى فريق آخر أن الإله الصومالي (Waaq) ربما يكون مترادفا مع إله المطر عند الشعوب الكوشية القديمة.

وبجانب ذلك، كان قدماء الصومال يبجلون كيانا آخر أطلقوا عليه (Ayaanle) واعتبروه روحا طيبة تعمل كواسطة بين البشر والإله، ومبشرا بالخير وناقلا للنعم، وبالمصطلحات الدينية الأخرى يمكن مقارنة (Ayaanle) بالملائكة التي تحرس البشر من الشرور.

وكانوا أيضا يسمون ملك الموت بـ (Huur)، ويرون أنه رسول الخراب والتدمير، وكانوا يصورنه على هيئة طائر عملاق. ويرى كثير من المؤرخين تشابها كثيرا بين رسول الخراب والموت عند الصوماليين القدماء (Huur) وإله (Horus) عند الفراعنة.

واشتملت معتقدات ديانة واق على مفهوم العدالة الإلهية، حيث يعاقب البشر على أفعالهم الشريرة، وكان المتعهد بنقل العقاب الإلهي يسمى (Nidar)، وكانوا يشرون اليه بمصحح الأخطاء، ويبجلونه لانتصاره للضعفاء والمغلوب على أمرهم وحاميهم. الديانات التوحيدية ومن خلال الاكتشافات الأثرية الجديدة في الصومال، يقر باحثون كثر بوصول ديانات توحيدية الى الصومال قبل وصول الإسلام وانتشاره هناك.

فقبيلة (Yibr) الصومالية تدعي رجوع نسبها الى القبائل الإسرائيلية التي نزحت من مصر جنوبا محاذاة البحر الأحمر فيما يعرف بسفر الخروج والهجرة الجماعية لليهود، وتفرقت بعد ذلك الى مناطق من الشرق الأوسط، وإثيوبيا، وإريتريا، والصومال.

وتدعم الدراسات التاريخية الحديثة اعتناق المستوطنين الأوائل للمدن الساحلية الصومالية مثل العاصمة الحالية للصومال مقديشو, ومدينتي برعو وبوصاصو الشماليتين للديانة اليهودية مثل مناطق أخرى في إثيوبيا وأجزاء من الجزيرة العربية قبل قدوم الإسلام.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here