القلب “قد ينكمش” خلال الرحلات الفضائية والسباحة لمسافات طويلة

6
القلب
القلب "قد ينكمش" خلال الرحلات الفضائية والسباحة لمسافات طويلة

افريقيا برسالصومال. توصلت دراسة علمية أمريكية إلى أن قضاء فترات طويلة من الزمن في الفضاء يشترك مع السباحة لمسافات طويلة في شيء واحد وهو أن كليهما يمكن أن يتسبب في انكماش القلب.

وهذه خلاصة الدراسة التي قارنت بين تأثيرات بقاء رائد الفضاء سكوت كيلي في الفضاء لمدة عام وتأثيرات سباحة ماراثونية للسباح الفرنسي بينوا ليكومت.

فكلاهما يزيلان الأحمال عن القلب التي تفرضها الجاذبية عادة، مما يتسبب في ضمور هذا العضو.

ولم تكن التمارين الرياضية كافية في الحالتين لمواجهة التغيرات التي تطرأ على القلب.

قاد هذه الدراسة الدكتور بنجامين ليفين، أستاذ الطب الباطني في المركز الطبي التابع لجامعة جنوب غربي تكساس في مدينة دالاس الأمريكية، وقد نُشرت في مجلة “سيركيوليشن”.

وهذه الدراسة لها تداعيات على رحلات الفضاء التي تطول مدتها الزمنية كالرحلات الاستكشافية إلى المريخ التي تعتزم وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” إرسالها خلال العقود القادمة.

وقال البروفيسور ليفين، وهو أيضاً مدير معهد التمرين والطب البيئي، وهو مشروع تعاون بين جامعة جنوب غرب تكساس ومستشفى تكساس البريسبيتارية في دالاس، لبي بي سي: “أحد الأشياء التي تعلمناها خلال سنوات من الدراسة هو أن القلب مرن للغاية. وبالتالي فإنه يتكيف مع الحٍمل المفروض عليه”.

وأضاف البروفيسور قائلاً: “في رحلات الفضاء، أحد الأشياء التي تحدث يتمثل في أنك لا تعود مضطراً لضخ الدم صعوداً للأعلى، لأنك لا تقوم بالضخ عكس الجاذبية.”

لقد أمضى سكوت كيلي 340 يوماً على متن محطة الفضاء الدولية لإتاحة المجال أمام العلماء لدراسة تأثيرات الرحلات طويلة الأمد على جسم الإنسان.

أما بينوا ليكومت فكان قد بدأ في الخامس من يونيو/حزيران 2018 مسعى لقطع المحيط الهادي سباحة، بعد أن سبق له أن اجتاز المحيط الأطلسي.

وسبح ليكومت لمسافة 2821 كيلومتراً خلال 159 يوماً، لكنه اضطر في نهاية المطاف إلى التخلي عن محاولته.

تعمل السباحة لفترات زمنية طويلة جداً على تغيير الأحمال المفروضة على القلب بفعل الجاذبية لأن الشخص يكون في وضع أفقي لا عمودي.

كان يسبح ليكومت في المتوسط 5.8 ساعة كل يوم، وينام قرابة ثماني ساعات كل ليلة. وكان هذا يعني أنه كان يقضي ما بين تسع ساعات و17 ساعة كل يوم في وضعية الانبطاح.

يستخدم العلماء أحياناً دراسات الراحة على السرير لمحاكاة رحلات الفضاء لأن الاستلقاء يزيل الانحدار من الرأس إلى القدم الذي يضع حملاً على القلب. لكن البروفيسور ليفين قال إن الانغماس في الماء لفترات طويلة في وضع أفقي هو نموذج أفضل حتى بالنسبة للوقت الذي يمضيه المرء في الفضاء.

وقال البروفيسور ليفين: “الآن أنت تزيل الانحدار من الرأس إلى القدم ثم تضع الشخص في الماء، وبالتالي فإنك تعدّل من ذلك الانحدار أيضاً. الأمر يشبه البقاء في الفضاء.”

ولأن الرجلين ما عادا يُضخ فيهما الدم للأعلى، كما يشرح البروفيسور ليفين، فإن قلب كل منهما بدأ يفقد جزءاً من حجمه.

وقال المشارك في وضع الدراسة الدكتور جيمس ماكنامارا، وهو أيضاً من المركز الطبي في جامعة ساوث ويست تكساس: “عندما ننظر إلى البطين الأيسر من القلب، فإننا نرى نقصاً بنسبة 20-25 في المئة من الحجم الكلي خلال الأربعة أو الخمسة أشهر التي قضاها ليكومت في السباحة.”

وأضاف الدكتور ماكنامارا: “رأينا بالتحديد فقدان 19 في المئة و 27 في المئة من حجم القلب لدى الكابتن كيلي خلال فترة العام.”

غير أن التمارين الرياضية يمكنها أن تعكس تأثيرعملية فقدان الحجم. فرواد الفضاء الموجودون في محطة الفضاء الدولية يتم إخضاعهم لنظام تمارين رياضية مكثف للتخفيف من الفقدان العضلي والعظمي الذي يحدث أيضاً في الفضاء.

ومع ذلك، فإن هذا النظام من التمارين لم يكن كافياً لمنع ضمور القلب الذي شوهد لدى الكابتن كيلي.

وكان الباحثون قد تساءلوا في بداية الدراسة عما إذا كان مقدار التمارين البدنية التي يقوم بها ليكومت في الماء سيكون كافياً لمنع الفقد في أنسجة القلب.

وقال البروفيسور ليفين: “اعتقدت قطعاً أن قلب بن (يقصد بينوا) لن يضمر حجمه. وذلك أحد الأشياء الجميلة في العلم- وهو أنك تتعلم بدرجة أكبر عندما تكتشف أشياء لم تكن تتوقعها.”

وأضاف ليفين بأن هذا الأمر “يتضح عندما تسبح لساعات كثيرة في اليوم، وهو يختلف عن وضع السباح مايكل فيلبس، فهو لا يسبح بالقوة التي يستطيعها.”

وعوضاً عن ذلك، فإن ليكومت كان يرفس بساقيه بشكل خفيف نسبياً طوال الوقت. وقال ليفين: “الأمر ببساطة هو أنه لم يكن هناك نشاط كبير. فالمستويات المنخفضة من النشاط البدني لا تحمي القلب من التكيف مع غياب الجاذبية.”

غير أن عمليات تكيف القلب ليست طويلة الأجل، فقلبا الرجلين عادا إلى الوضع الطبيعي حال عودتهما للوقوف على الأرض.

لكن غرف القلب المعروفة باسم الأذين تتوسع في الفضاء، وذلك مرده جزئياً إلى حدوث تغيرات في طريقة مرور السوائل. وهذا قد يقود إلى حالة تسمى بالرجفان الأذيني، حيث ينبض القلب سريعاً وبشكل غير منتظم. ومن شأن ذلك أن يضعف التمرين، ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة القلبية.

وهنالك خطر آخر أيضاً على هذا العضو الحيوي من السفر في الفضاء.

فمستويات الإشعاع العالية في الفضاء قد تُسرّع من الإصابة بمرض القلب التاجي. ويتم فحص رواد الفضاء للتأكد من خلوهم من مرض تصلب الشرايين، لكنهم عادة ما يكونون في منتصف العمر عندما يذهبون إلى الفضاء والعلماء يعرفون أن هذه المشكلة تظهر مع تقدم العمر.

وهذا أمر مهم لأن الإصابة بذبحة صدرية في الفضاء قد تكون كارثية.

ويعمل البروفيسور ليفين في برنامج لوكالة ناسا يدعى “سيفر” سيقوم بإرسال 10 رواد فضاء آخرين إلى الفضاء في مهمات طويلة الأمد. وسيقوم الباحثون بإخضاع قلوب أفراد الطاقم لعدد من الاختبارات المختلفة ولأساليب مسح عالية التقنية من أجل الحصول على صورة أوضح لآلية عمل القلب في الفضاء.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here