مختار روبو… من “حركة الشباب” إلى الوزارة

21
مختار روبو... من
مختار روبو... من "حركة الشباب" إلى الوزارة

أفريقيا برس – الصومال. فاجأ تعيين الرجل الثاني في “حركة الشباب” الصومالية سابقاً، مختار روبو وزيراً للشؤون الدينية في الحكومة الصومالية الجديدة جميع المراقبين، بسبب خلفيته، وبسبب علاقته السيئة مع العديد من السياسيين. وروبو كان من كوادر “حركة الشباب”، قبل الانشقاق عنها في عام 2013.

وُلد مختار روبو (أبو منصور)، الذي كان الرجل الثاني في “حركة الشباب”، في 10 أكتوبر/تشرين الأول 1969 في مدينة حدر، بإقليم باكول جنوب غربي الصومال، وينتمي إلى قبيلة رحنوين، فخذ عشيرة ليسان، وتلقى تعليمه الأساسي في الصومال. ونال تخصص الدراسات الإسلامية من جامعة الخرطوم السودانية في عام 1990، وعاد إلى الصومال ملتحقاً بمجموعة سلفية جهادية تلقت تدريبات عسكرية في أفغانستان. وشارك بدءاً من عام 2000 في تأسيس حركات مسلحة، أبرزها “حركة الشباب” المرتبطة بتنظيم “القاعدة”، والتي تأسست سراً عام 2004.

في عام 2005 كان روبو عضواً بارزأً في “اتحاد المحاكم الإسلامية” الذي خاض معارك شرسة ضد أمراء الحرب، الذين واجهوا قيادات سلفية وشخصيات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع تنظيم “القاعدة”. وانتهت المعارك في مطلع عام 2006، وتمكن “اتحاد المحاكم الإسلامية” من بسط نفوذه في أنحاء كثيرة من جنوب ووسط البلاد قبل هزيمته أمام القوات الإثيوبية، التي توغلت في الصومال في ديسمبر/كانون الأول 2006، بدعوى “مكافحة الإرهاب”. وفي عام 2007 ظهر روبو في تسجيل مرئي، معلناً “الجهاد” ضد القوات الإثيوبية والصومالية، ومؤسساً لـ”حركة الشباب”، بعد انشقاقه عن “اتحاد المحاكم الإسلامية” التي كان يقودها الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد.

وبدأت مسيرة جديدة لروبو مع مجموعة من قياديين سلفيين جهاديين، أبرزهم القيادي الراحل أدم حاشي عيرو، الذي كان أول قائد لـ”حركة الشباب”، والملقب بـ”المعلم”. وقُتل عيرو بغارة جوية أميركية استهدفت منزله في عام 2008 في مدينة طوسمريب (وسط الصومال). وفي عام 2009 أصبح روبو المتحدث الرسمي باسم “حركة الشباب”، والقيادي الثاني فيها، بعد زعيم الحركة أحمد عبدي جودني، الذي قُتل بغارة جوية أميركية، في عام 2014، جنوبي الصومال.

وفي عام 2010 دخلت “حركة الشباب” مدينة بيدوا (عاصمة إقليم جنوب غربي الصومال) بقيادة روبو، الذي أطلق سراح عدد من المسؤولين الحكوميين الذين ينتمون إلى عشيرته، وتركهم يرحلون باتجاه العاصمة مقديشو، إلا أن هذه الخطوة فجّرت أزمة انشقاقات داخل الحركة، خصوصاً بين القيادات الكبرى. وفي عام 2012 أدرجت الولايات المتحدة روبو ضمن قائمتها المطلوبة للعدالة، وأعلنت عن مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله أو اغتياله. وفي عام 2013 أعلن روبو انشقاقه عن “حركة الشباب”، مع نحو 500 مسلح، وتمركز في منطقة أبل في إقليم باكول، إلا أن زعيم الحركة الراحل أحمد عبدي جودني أعلن الحرب عليه.

واستمر القتال بين الحركة وجماعة روبو سنوات، من دون حسم. وفي عام 2017 رفعت الولايات المتحدة اسم روبو من قائمة الإرهابيين المطلوبين لديها، هو الذي شدّد في تصريحات صحافية، على عدم رغبته في التعليق على إدراج اسمه أو شطبه من قائمة الإرهاب الأميركية، وذلك بعد مطالبات متكررة من قيادات داخل “حركة الشباب” تطالبه بإعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة، من أجل تصحيح العلاقة معها. لكن روبو رفض الانصياع لطلب قيادات “حركة الشباب”، معلناً أن الخلافات معها هي عقائدية بالدرجة الأولى.

وفي منتصف عام 2017 سلّم روبو نفسه إلى جهاز المخابرات والأمن الصومالي، مكرّسا انشقاقه عن “حركة الشباب” رسمياً. وفي عام 2018 أعلن ترشحه لمنصب رئاسة ولاية جنوب غربي الصومال الفيدرالية، لكن الحكومة رفضت الترشيح، على الرغم من حصوله على حقّ خوض السباق الانتخابي الرئاسي. ورفض روبو قرار الحكومة الصومالية بمنع مشاركته في الانتخابات، وهي الخطوة التي أدت إلى اعتقاله في ديسمبر 2018، ووضعه في سجن تابع لجهاز المخابرات بمقديشو. وأمضى روبو أربع سنوات بين السجن وبين الحجز المنزلي في مقديشو، ولم يُسمح له بلقاء أقاربه إلا نادراً.

وفي عام 2022 تعهد حسن شيخ محمود بإطلاق سراح روبو إذا فاز بالانتخابات الرئاسية، وهو ما حصل. وأول من أمس الثلاثاء، ظهر اسم روبو فجأة في قائمة التشكيلة الوزارية الجديدة، في سابقة هي الأولى من نوعها في الصومال، بتحوّل قيادي سابق في تنظيم مصنف دولياً بقائمة التنظيمات الإرهابية إلى سياسي ووزير في حكومة فيدرالية حديثة العهد.

ويرى محللون أن أسباب تعيينه تدور حول إمكانية أن يضرب الرجل الجذور العقائدية والفكرية لـ”حركة الشباب” وأيديولوجيتها، وأن يساهم في الحملة العسكرية الحكومية لإنهاء وجود الحركة. وفي هذا الصدد يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أنور أحمد ميو إن “تعيين روبو في الحكومة الجديدة له دلالات خاصة، من بينها إمكانية أن يعزز قرار الحكومة الجديد على مواجهة حركة الشباب أيدولوجياً، إذ كان الشيخ روبو من منظريها السابقين والمؤسسين الكبار، ويعرفهم”.

ويضيف أن “روبو في الأصل لم يكن متطرفاً فكرياً، وكانت له أفكار إصلاحية داخل الحركة، الأمر الذي أدّى في النهاية إلى الاختلاف مع قادة الحركة، ولكن مراجعاته الجذرية جاءت إثر انسحابه من الحركة وتمركزه في قرية نائية في محافظة باكول. وعندما استسلم للحكومة أعلن أنه بريء من الحركة فكرياً، وهذه الخطوة أدت إلى استفادته من عفو عام للحكومة الصومالية عن المنشقين طوعاً عن الحركة.

ويشير ميو إلى أن من بين جملة الأسباب لتعيين روبو، محاولة كسب ولاء قبائل رحنوين للحكومة الجديدة، لأن رئيس ولاية جنوب غربي الصومال الحالي عبد العزيز محمد حسن، هو من بقايا نظام الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، وامتناعه عن العودة إلى الحكم في الانتخابات الرئاسية في الإقليم أواخر العام الحالي يندرج ضمن استراتيجيات الحكومة الحالية. لذلك تتم استمالة كوادر ونخب هذه المنطقة وولائها للحكومة الجديدة، لأن روبو يعد رمزاً قوياً وشخصية تحظى بتأييد عشيرته.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here