الصومال.. عودة القوات الأمريكية تضع حركة “الشباب” بين نارين

21
الصومال.. عودة القوات الأمريكية تضع حركة
الصومال.. عودة القوات الأمريكية تضع حركة "الشباب" بين نارين

أفريقيا برس – الصومال. محللون صوماليون:
– إعادة تمركز وحدات عسكرية من الولايات المتحدة في الصومال ستفعّل ملف محاربة حركة “الشباب” – الخطوة الأمريكية تأتي في إطار حماية مصالحها في الصومال نظرا لموقعها الاستراتيجي

– الصومال فقدت شراكتها مع واشنطن بفعل سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

– تراجع العمليات العسكرية في السنوات الماضية أعطى حركة “الشباب” فرصة لتنفيذ هجمات دامية

– ضعف التنسيق الأمني بين مختلف المؤسسات الأمنية الصومالية ساهم بشكل سلبي على العمليات الأمنية ضد مقاتلي “الشباب”

رجح محللون أمنيون بأن إعادة تمركز وحدات عسكرية من الولايات المتحدة في الصومال ستفعّل ملف محاربة حركة “الشباب” المصنفة إرهابية من قبل واشنطن، في ظل تنامي نفوذ الجماعة خلال السنوات الماضية، نتيجة تراجع عمليات القوات الصومالية والإفريقية المشتركة في البلاد.

ومنتصف مايو/ أيار الماضي، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعادة انتشار قوات من بلاده (لم يحدد عددها) في الصومال، متراجعا عن قرار سلفه دونالد ترامب الذي أمر بسحبها (نحو 700 جندي) في ديسمبر/ كانون الأول 2020.

وطلبت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الانتشار لدعم القتال ضد حركة “الشباب” المرتبطة بتنظيم “القاعدة”. ولقي قرار بايدن ترحيبا كبيرا من قبل رئيس الصومال الجديد حسن شيخ محمود الذي بذل جهودا كبيرة خلال ولايته السابقة لدحر حركة “الشباب” وتحرير أكثر من 39 مدينة جنوب ووسط البلاد.

وقال شيخ محمود في تغريدة مقتضبة على تويتر: “لطالما كانت الولايات المتحدة شريكا موثوقا بها، في سعينا لتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب”. وفي 23 مايو/ أيار الماضي، تسلم شيخ محمود مهامه رسميا لولاية تستمر 4 سنوات، للمرة الثانية بعدما ترأس البلاد بين أعوام 2012 و2017.

وبحسب المحللين، فإن تراجع العمليات العسكرية في السنوات 5 الماضية أعطى حركة “الشباب” فرصة لاستعادة معنويات مقاتليها من خلال تنفيذ هجمات دامية ضد معاقل للقوات الإفريقية (المنتشرة منذ 2007 وقوامها حاليا نحو 4500 جندي في قوة أتميس) والصومالية جنوب ووسط البلاد.

** تعزيز الشراكة

بحكم اختلاف الرؤى السياسية بين حزبي “الجمهوري” و”الديمقراطي” الأمريكيين “يتغير تعامل واشنطن مع المشاكل السياسية والاقتصادية في العالم، ما أظهر ضعفا للشراكة الاستراتيجية بينها وبين مقديشو في السنوات الماضية” بحسب المحلل السياسي الصومالي أحمد عينب.

وقال عينب للأناضول، إن الصومال “فقد في السنوات الماضية شراكتها مع واشنطن والمبنية على التعاون العسكري والاقتصادي بفعل سياسات الرئيس الأمريكي السابق ترامب (جمهوري)، لكن رسائل بايدن (ديمقراطي) الأخيرة وقرار إعادة نشر القوات الأمريكية في الصومال سيعطي دفعة للشراكة بين البلدين في شتى المجالات”.

وحول تزامن عودة تلك القوات مع انتخاب الرئيس الجديد، قال عينب: مع صعود إدارة جديدة للحكم “تتشكل التحالفات هذا ليس أمرا غريبا في العلاقات السياسية لكن علينا إدراك أن كل خطوة أمريكية تجاه الصومال تأتي في إطار محور الجيوسياسي لحماية مصالحها في البلاد أو في المنطقة برمتها نظرا لموقع الصومالي الاسترايتجي”.

وساهمت الولايات المتحدة قبل قرار ترامب بدعم جهود قوة حفظ السلام الإفريقية انطلاقًا من مصالحها في إيجاد بيئة آمنة ومستقرة في المنطقة، لضمان حرية الملاحة البحرية الآمنة من تهديدات تلك الجماعات، ومجموعات القرصنة البحرية التي شهدت نشاطات واسعة قبل نشْر الولايات المتحدة ودول أوروبية وخليجية وإفريقية قواتٍ بحرية.

وأوضح عينب، أن واشنطن ستعمل في السنوات المقبلة على “زيادة تعاونها مع الرئيس الحالي شيخ محمود الذي تنتظره ملفات أمنية واقتصادية وكونه يطمح لتنفيذ وعوده بدحر الإرهاب وتفعيل عجلة الاقتصاد لاستكمال طريق الصومال نحو تخفيف الديون”. ورأى أن “من مصلحة الولايات المتحدة أيضا توثيق العلاقات مع الصومال في ظل تغلغل التنين الصيني في منطقة القرن الأفريقي”.

وعقب وصول إدارة جديدة للحكم في الصومال تتشكل التحالفات معها سواء على مستوى الإقليمي أو الدولي من أجل إيجاد موطئ قدم في هذه المنطقة الاستراتيجية التي عانت من صراعات داخلية ومشاكل الإرهاب طيلة العقود الماضية وهو ما أثر سلبا على استقرارها بحسب المحللين.

توقع محللون أمنيون صوماليون أن إعادة انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود للمرة الثانية في الكرسي الرئاسة “ستساهم بعودة التنسيق الأمني بين القوات المشتركة والوحدات الأمريكية التي سينشر في قاعدة بلدوكلي بإقليم شبيلى السفلى جنوبي البلاد بعد 5 سنوات من ضعف في التنسيق الأمني ضد الإرهابيين” في إشارة إلى حركة “الشباب”.

وقال نائب رئيس الأركان السابق محمد علي بريسي للأناضول، إن “ضعف التنسيق الأمني بين مختلف المؤسسات الأمنية في السنوات الماضية ساهم بشكل سلبي على العمليات الأمنية ضد مقاتلي الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة”.

وأضاف بريسي: في ظل “تراجع العمليات العسكرية عززت حركة الشباب نفوذها في الأقاليم الجنوبية وبالأخص إقليمي شبيلى السفلى والوسطى ما سمح لها بتفعيل نظام ضريبي تجني من خلاله أموالا طائلة تمكنها من توسع نفوذها من جديد”.

وقدرت الأمم المتحدة مؤخرا الإيرادات التي تكتسبها حركة “الشباب” من خلال نظامها الضريبي بـ 10 ملايين دولار شهريا، وهي ميزانية مالية ضخمة قد تساهم في تعزيز هجمات الإرهابية ضد المراكز العسكرية والمنشئات الحكومية والمدنية في البلاد.

غير أن بريسي لم يتوقع أن “يحقق الدعم الأمريكي وحده إنجازات عسكرية كبيرة ضد “الشباب” في ظل غياب رؤية عسكرية تجمع بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية”.

وأشار إلى أن العمليات العسكرية للقوات الحكومية “لن تغير موازين القتال ضد الإرهاب مع غياب قوات الولايات الفيدرالية في الحرب ضد مقاتلي الشباب ما يتطلب تنسيقا أمنيا بين الحكومة والولايات الفيدرالية في مواجه الشباب”.

ولفت بريسي إلى أن “الإدارة الصومالية السابقة لم تطلق أي عملية عسكرية مشتركة مع القوات الإفريقية) ضد مقاتلي الشباب في السنوات الخمسة الماضية وهو ما يعكس غياب التنسيق بين الجانبين”، متوقعا “عودة التنسيق بين القوات المشتركة (الحكومية والإفريقية) من جهة والوحدات الأمريكية من جهة أخرى وتفعيل ملف محاربة الإرهاب في ظل الإدارة الجديدة في البلاد”.

وبحسب المحللين فإن الإدارة الصومالية السابقة “لم تعط أولوية” في الحرب ضد “الشباب” بل استخدمت القوات لأغراض سياسية من خلال نشرها في الأقاليم الصومالية وإقحامها في صراعات داخلية من أجل ضمان عودتها إلى الحكم، وهو ما يحرف المؤسسات الأمنية عن أداء واجباتها العسكرية للدفاع البلاد عن تهديدات الإرهابية.

تحول مقاتلو حركة “الشباب” في الأشهر الأخيرة من نمط دفاعي إلى هجومي مستغلين تراجع العمليات العسكرية وسحب الوحدات الأمريكية من الصومال، ونفذوا هجمات دامية جنوب ووسط البلاد.

وكان من أشد تلك الهجمات، الهجومان الانتحاريان في مدينة بلدوين اللذان تسببا في مقتل نحو 48 شخصا بينهم نائبة صومالية إلى جانب الهجوم الانتحاري في بلدة “عيل برف” الذي استهدف معقلا للقوات البروندية العاملة تحت مظلة القوات الأفريقية في الصومال “أتميس” وتسبب في مقتل أكثر من 20 جنديا.

يقول المحلل السياسي ورئيس حزب “هلدور” الصومالي عبدالقادر عثمان للأناضول، إن عودة الوحدات الأمريكية للصومال “تشكل فرصة للحد من الهجمات الإرهابية الدامية ضد المراكز العسكرية والمنشئات الحكومية”.

وأضاف عثمان، أن الهجمات الأخيرة التي نفذتها حركة “الشباب” كانت “تتم عبر مدرعات وسيارات عسكرية وهو ما يمكن مقاتليها من الصمود لساعات خلال الهجمات الانتحارية، عكس هجماتهم السابقة التي كانت لا تستغرق سوى ساعة نظرا لقلة حجم مقاتليهم”.

وتابع أن تجمعات مقاتلي الشباب ومعاقلهم ناهيك عن مدرعاتهم وسياراتهم العسكرية “كانت هدفا لغارات الوحدات الأمريكية قبل انسحابها وهو ما جعل تحركات مقاتليهم آنذاك شبه مستحيلة في مناطق جنوب ووسط الصومال الأمر الذي كان يؤمن حلفاء الصومال من الهجمات الدامية التي يشنها مقاتلي الشباب”.

ومنذ تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير/ كانون الثاني 2021 اقتصرت الضربات الجوية الأمريكية على تلك التي تهدف للدفاع عن قوات شريكة تواجه تهديدا مباشرا.

ورغم صعود نفوذ حركة “الشباب” خلال السنوات الماضية، إلا أنها لم تتمكن من السيطرة على مناطق جديدة أمام القوات الحكومية باستثناء إقليم جوبا الوسطى الذي يخضع لسيطرتها منذ 2015 غير أنها تنشط في قرى وبلدات جنوب ووسط الصومال.

ومنذ سنوات، يخوض الصومال حربا ضد “الشباب” التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا لتنظيم “القاعدة”، وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات.

وحركة “الشباب”، هي امتداد لـ”اتحاد المحاكم الإسلامية” حتى عام 2012، عندما أعلن أميرها آنذاك، مختار أبو الزبير بيعته “الشرعية” لأمير تنظيم “القاعدة”، أيمن الظواهري، كإعلان ارتباط تنظيمي بتنظيم “القاعدة” الأم.

وتعتمد حركة “الشباب” على أيديولوجية متشددة، أتاحت لها فرص البقاء وتجنيد المزيد من أبناء القبائل في المناطق النائية التي تعيش نزاعات مسلحة داخلية وخارجية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here