مئة يوم في الحكم.. ماهي إنجازات الرئيس الصومالي؟

26
مئة يوم في الحكم.. ماهي إنجازات الرئيس الصومالي؟
مئة يوم في الحكم.. ماهي إنجازات الرئيس الصومالي؟

نور جيدي

أفريقيا برس – الصومال. 100 يوم مرّت على تولّي حسن شيخ محمود الرئاسة في الصومال، ليصبح بذلك أول رئيس انتخب لولاية ثانية في التاريخ السياسي الحديث للبلاد.

فوز محمود لم يكن محض صدفة، وإنما نتيجة حوادث سياسية وأخرى أمنية كادت تغرق البلاد في السنوات الخمس الماضية، فبدا أنه الرجل الأنسب في المرحلة المقبلة ضمن المرشحين الذين خاضوا الانتخابات في 15 مايو/أيار الماضي، بحسب محللين.

أجندات الرئيس تركزت على 6 ملفات، أبرزها الملف الأمني، والحالة الإنسانية، وإنعاش الاقتصاد المتدهور، وترميم العلاقات الدبلوماسية مع الخارج إلى جانب ملفات أخرى يتطلع حسن محمود إلى تحقيقها قبل انقضاء المدة الرئاسية التي تمتد حتى 2025.

ويرى محللون أن 100 يوم ليست كافية لإنجاز كل هذه الملفات التي قد تعتبر من التحديات التقليدية أمام الأنظمة السابقة، ما دفعهم إلى إجراء تقييم على أسلوب الإدارة التي انتهجها الرئيس مقارنةً بالآمال التي عقدها المواطنون على فوزه بكرسي الرئاسة.

الزيارات المكوكية التي أجراها في الداخل والخارج لتهيئة أرضية مناسبة أو على الأقل إزالة العراقيل أمام إدارته الحالية، أثمرت الكثير وتشكل مؤشرًا إيجابيًا على تحقيق ما قطع من وعود منذ انتخابه، لكن هذه الخطوات الإيجابية اتسمت بالبطء، على عكس ما تتطلبه بعض الملفات من أفعال سريعة لكسب ثقة الشارع.

الملف الأمنيّ تصدّر قائمة التحديات والوعود التي قطعها الرئيس على نفسه منذ وصوله إلى سدة الحكم، لكن متطلبات هذا الملف الشائك أبطأت قرارات تنفيذ عمليات أمنية ضد حركة الشباب، بحسب محللين.

وفي حديث، يقول محمد مصطفى، المحلل السياسي في مركز سهن للدرسات، إن “ولاية الرئيس حسن شيخ بدأت ببطء بخصوص الملف الأمني نظرًا لعدم وجود صلاحيات مطلقة في يد الرئيس للإسراع في إطلاق حربٍ ضد الشباب، لكنه قدّم انطباعًا إيجابيًا حول وضع هذا الملف ضمن أولوياته”.

وأضاف مصطفى أن “عدم مركزية الصلاحيات نتيجة النظام الفيدرالي في البلاد، أدّت إلى تشتّت القرارات، ناهيك عن الملف الأمني الذي تشترك فيه الحكومة مع جهات خارجية تدعم الصومال بالعمليات الأمنية، مثل أفريكوم والقوات الإفريقية أتميس، ما يعني أن الملف يتطلب تنسيقًا طويل الأمد قد لا يقتصر فقط على الولايات الفيدرالية”.

وحول ما يتوقّع من العمليات الأمنية الحكومية التي ستطلق قريبًا ضد الشباب، أشار مصطفى إلى أن الحركة “تمارس عملياتها الإرهابية بأريَحية واسعة”، وكان آخرها الهجوم الذي استهدف فندق الحياة وسط العاصمة مقديشو، وأوضح أن “التوقعات من العملية القادمة ستخضع لسرعة تنفيذها وحجمها ونوعية التنسيق الذي ستتمتع به”.

لكن ما لا يختلف اثنان عليه، هو أن معالجة الملف الأمني خلال المئة يوم الأولى من ولاية الرئيس، لم ترقَ إلى توقعات الشعب الذي ينتظر من الإدارة الحالية الحدّ من الهجمات الإرهابية.

من جهته، قال مستشار الأمن للرئيس الصومالي حسين معلم محمود، في تصريح بثه التلفزيون الحكومي، إن الحرب التي أعلنها الرئيس ضد مقاتلي الشباب ستشمل 3 محاور، المحور العسكري، ومكافحة المصادر الاقتصادية لحركة الشباب، إلى جانب توعية المواطنين ضد الأفكار المتشددة.

وأضاف المستشار أنه إلى جانب استعدادات هذه الحرب، هناك عمليات أمنية تجري في مختلف الولايات الفيدرالية تهدف للحدّ من هجمات حركة الشباب، حيث نُفّذت خلال المئة يوم الأولى من حكم الرئيس 46 عملية أمنية استعاد الجيش الصومالي من خلالها قرى وبلدات كانت في قبضة الحركة.

ورغم أن الملف الأمني كان في صدارة الملفات التي حملها الرئيس في زياراته الخارجية، إلا أن ارتداداته في الواقع لم تغيّر الوضع الأمني في البلاد حتى الآن.

تسلم حسن محمود الرئاسة بالتزامن مع أزمة إنسانية خانقة ضربت البلاد طولًا وعرضًا بسبب موجة جفاف قاسية، تأثر بنتائجها نحو 7.8 ملايين صومالي، نحو مليونين منهم على شفا المجاعة.

ويقول عبدالرزاق أحمد، مسؤول في الهيئات الإنسانية، إن “سرعة تفاعل الرئيس مع الملف الإنساني، وتعيين مبعوث له في شؤون الجفاف، أثار انتباه المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية”.

وأشار إلى أن “تزامن أزمة الجفاف مع استحقاق الانتخابات الرئاسية الماضية عقّد الوضع الإنساني، نتيجة انشغال جميع المؤسسات الحكومية في العملية الانتخابية، لكنّ الرئيس حسن محمود سارع في تسخير جميع إمكانات الحكومة لتقديم العون إلى المتضررين بالجفاف”.

وأوضح أحمد، أن “حشد الجهود الإنسانية والزيارات التي قام بها مبعوث الرئيس الخاص لشؤون الجفاف خارج البلاد، حالت دون دخول البلاد في مجاعة”.

وشهدت الأقاليم الأكثر تضررًا من الجفاف، حملات إنسانية من قبل بعض دول الخليج، بما فيها الكويت والإمارات والسعودية، لتقديم معونات عاجلة للمتضررين”.

وبحسب الهيئات الأممية فإن نحو 7 ملايين تضرّروا جرّاء الجفاف، فيما شُرّد أكثر من 805 آلاف شخص، إلى جانب نفوق 3 ملايين رأس ماشية منذ منتصف 2021.

وأكد ممثلون في الهيئات الإنسانية، أن “الصومال يواجه أزمة جفاف حادّة، لكن الوضع الإنساني لم يصل بعد إلى حد إعلان مجاعة”.

رغم ازدحام الأجندات والتحدّيات الداخلية، سارع الرئيس إلى ترميم صورة الدبلوماسية الصومالية بعد 5 سنوات من فتور العلاقات مع عدد من دول الجوار والمنطقة، حيث أجرى خلال أول 100 يوم 7 زيارات خارجية إلى دول إفريقية وعربية إلى جانب تركيا، في محاولة لبناء الثقة مع المحيط الخارجي قبل ترميم الأوضاع الداخلية.

ويقول النائب السابق محمد أمين، إن “إدارة الرئيس أدركت قيمة الحلفاء والتعاون المشترك مع محيطه الخارجيّ وخاصة في هذا الظرف الذي تمرّ فيه البلاد، لأن أيّ فتور في العلاقات الدبلوماسية مع الخارج له ارتدادات في القضايا الداخلية”.

وأضاف أمين أنه “رغم أن البلاد شهدت فترات من عدم التوازن في السياسة الخارجية نتيجة قرارات متهوّرة للإدارة السابقة، إلا أن الإدارة الحالية نجحت في استقطاب وإحياء العلاقات الدبلوماسية مع عددٍ من دول الجوار والمنطقة”.

“فتطبيع العلاقات مع الإمارات كانت أولى نجاحات الرئيس، وأعادت زيارته دفء العلاقات بين البلدين، وتوّجت بتوقيع عدة تفاهمات بما فيها تعزيز التبادل التجاري واستئناف رحلات الطيران الإماراتي، إلى جانب تسهيل إصدار التأشيرات والتنقل بين المواطنين”، بحسب أمين.

وتابع: “أمّا زيارته إلى جيبوتي وكينيا فعكست أيضًا اهتمام الإدارة الحالية لتصفير المشاكل مع الخارج، فكلا الدولتين لم تعد ترتبطان بعلاقات دبلوماسية مع الصومال طيلة السنوات الخمس الماضية، رغم اختلاف الأسباب التي أدّت إلى تراجع علاقات كلّ منهما مع الصومال”.

وخلال حملته الانتخابية، تعهّد الرئيس بأنه سينتهج سياسةً خارجية مبنية على التعايش السلمي مع العالم، بعيدًا عن خلق عداوة قد تؤثر سلبًا على العلاقات مع العالم الخارجي.

وأشار إلى أنه سيعزّز مكانة العلاقات الصومالية مع دول العالم، وخاصة الدول التي دعمت الصومال في شتى المجالات إلى جانب حربها ضد الإرهاب، في إشارةٍ إلى حركة “الشباب”.

وبحسب محللين، تمكن الرئيس من تصحيح مسار الدبلوماسية الصومالية وإعادة التوازن في السياسية الخارجية خلال المئة يوم الأولى من حكمه.

خلال حملته الانتخابية، وصف شيخ محمود اقتصاد الصومال بـ “الهشّ”، متعهدًا ببناء أركان الاقتصاد من خلال النهوض به ورفع الدخل المحليّ.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية في العامين الماضيين، “تمكن الرئيس من إنقاذ برنامج الإعفاء من الديون للدول الفقيرة المثقلة بالديون، الذي أوشك على الفشل نتيجة عدم اليقين السياسي وتأخّر الانتخابات في البلاد”، بحسب مستشار الرئيس في الشؤون الاقتصادية، حسن آدم.

وقال آدم في برنامج “مئة يوم من الرئاسة” الذي بثّه التلفزيون الحكومي، إن “الخلافات السياسية التي أخّرت استحقاق الانتخابات في البلاد، أدّت إلى تراجع ثقة المجتمع الدولي وقطع المساعدات المالية لدعم ميزانية الحكومة”.

وأضاف أن “الرئيس عمل منذ تولّيه الحكم على إقناع المجتمع الدولي لإعادة صرف المساعدات المالية لدعم ميزانية الحكومة، حيث أمر البنكُ الدولي بدفع قرابة مئة مليون دولار كمساعدات مالية لدعم رواتب الجيش والموظفين، فيما أمر الاتحاد الأوروبي أيضًا بدفع 13 مليون دولار كان قد تمّ تعليقها نتيجة تأخّر استحقاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي عمر نور، إن “مؤشرات ملف الاقتصاد حتى الآن على نقيض ما وعد به الرئيس من إصلاحات اقتصادية وتنويع مصادر دخل الحكومة من أجل إيصال البلاد على الأقل إلى مرحلة يقلّ فيها اعتماده على المساعدات الدولية”.

وأضاف نور: “نعم، إنعاش الاقتصاد المنهك لا يمكن قياسه خلال 100 يوم، لكن المنتظر من الرئيس ليس الحديث عن المساعدات المالية وإنما كيفية التخلص من أعباء الديون الخارجية، والعمل على خلق وتنويع مصادر دخل الحكومة لكبح جماح البطالة”.

في المقابل، أوضح نور أن “هناك بعض الجوانب الجيدة التي تشي بإحداث تغيّر كبير على الصعيد الاقتصادي في حال تحققت هذه الرؤية، وهي طلب الصومال عضوية التكتل الاقتصادي لمجموعة شرق إفريقيا، الأمر الذي سيجلب منافع اقتصادية كبيرة عبر توسيع فرص الاستثمار وأقصى درجة لاستغلال الثروات والموارد المتنوعة بما فيها الزراعة”.

وتعهّد بإيصال البلاد إلى مرحلة الاكتفاء الاقتصادي واعتماد ميزانية الحكومة على الدخل المحليّ، دون دعم خارجي، مستبعدًا أن تبقى ميزانية الدولة معتمدة على دعم المجتمع الدولي الذي يمكن الاستفادة منه في الجوانب التنموية.

وفي مارس/آذار 2020، وافق صندوق النقد والبنك الدوليين على تخفيض ديون الصومال من 5.2 مليارات دولار إلى 3.7 مليارات دولار، مع إسقاط كافة الديون المتبقية في غضون 3 سنوات في حال استمرّ الصومال بالتزام الإصلاح المالي.

ويعيش الاقتصاد الصومالي على وقع أزمات سياسية ومناخية سبّبت تراجع الإنتاج الزراعي، ما ضاعف نسب التضخم والبطالة، حيث تصل نسبة البطالة إلى 71 بالمئة تقريبًا في صفوف الشعب البالغ عددهم أكثر من 14 مليون نسمة.

المصدر: الأناضول

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here