التحرك الصيني الأول بعد القمة الأمريكية الإفريقية

9
التحرك الصيني الأول بعد القمة الأمريكية الإفريقية
التحرك الصيني الأول بعد القمة الأمريكية الإفريقية

أفريقيا برس – أرض الصومال. في أول جولة إفريقية لوزير الخارجية الصيني الجديد تشين غانغ، بعد نحو عشرة أيام من تعيينه، تسعى بكين لتأكيد حضورها في القارة السمراء لمواجهة رغبة أمريكية صريحة لتقويض نفوذها بإفريقيا.

غانغ، الملقب بـ “الذئب المقاتل” كان سفيرا لبكين لدى واشنطن قبل تعيينه وزيرا للخارجية في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسبق له أن دافع عن سياسة بلاده في تقديم قروض للدول الإفريقية، ورفض اعتبارها “فخا” للهيمنة على القارة ويرى أنها “منفعة” متبادلة.

أول تحرك صيني بعد القمة الأمريكية

فالمهمة الرئيسية للذئب المقاتل أن يحافظ على إفريقيا في صف الصين، في ظل الضغوط الأمريكية على الدول الإفريقية لتقليص تعاونها مع بكين.

فالقمة الأمريكية الإفريقية التي عقدت منتصف ديسمبر الماضي، وشارك فيها نحو 49 زعيما ورئيس حكومة إفريقي، حذرت فيها واشنطن من أن نفوذ الصين وروسيا في القارة “يمكن أن يكون مزعزعا للاستقرار”، وتعهدت بتخصيص 55 مليار دولار لإفريقيا على مدى ثلاث سنوات.

بعد أسبوعين من تلك القمة أقيل وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وعين بدلا منه تشين غانغ، ما يعكس إرادة صينية للقتال من أجل الحفاظ على نفوذها في إفريقيا أمام مساعي الولايات المتحدة لنسف ما بنته بكين طيلة سنوات بهدوء وصبر.

وتأتي زيارة الوزير الجديد في سياق الصراع الدولي على إفريقيا، خاصة وأن دوائر عسكرية أمريكية ترجح أن تسعى بكين لضم تايوان في 2027، بل من الممكن أن يكون قبل هذا التاريخ.

ويمثل استقطاب 54 دولة إفريقية لأي من القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم مسألة حيوية في أي مواجهة دبلوماسية مقبلة سواء في الأمم المتحدة أو أي هيئات عالمية وإقليمية تكون إفريقيا طرفا فيها.

الزوايا الأربع

حرص الوزير تشين على ألا تقتصر جولته الإفريقية – بين 9 إلى 16 يناير/كانون الثاني الجاري – على منطقة واحدة، بل شملت زيارته زوايا وأطراف القارة الأربعة، من مصر في الشمال الشرقي إلى أنغولا في الجنوب الغربي، ومن إثيوبيا في الشرق إلى الغابون وبنين في الغرب.

واختيار هذه البلدان الخمسة في قائمة الزيارة تم انتقاؤه بعناية خاصة بالنسبة لإثيوبيا ومصر، فالأولى تحتضن مقر الاتحاد الإفريقي الذي سيزوره الوزير الصيني، والثانية تحتضن مقر الجامعة العربية.

وهذه رسالة صينية عن رغبة بكين في تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية والعربية.

بينما تم اختيار أنغولا لأنها من أكبر الدول الإفريقية المصدرة للنفط، بل وتصدرت القائمة لفترة عندما تراجع إنتاج نيجيريا النفطي.

وتعتبر أنغولا أكبر شريك تجاري للصين في القارة، بأكثر من 17.6 مليار دولار من المبادلات التجارية، ما يجعلها ذات أهمية اقتصادية بالغة.

بينما الغابون التي تصدر كميات لا بأس بها من البترول، فتمتلك إحدى أعلى معدلات الدخل الفردي في القارة، وتطل على خليج غينيا الاستراتيجي، وعضو في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس).

أما بنين البلد الصغير المطل على خليج غينيا والمجاور لنيجيريا من جهة الشرق ولدول الساحل من جهة الشمال وعضو في إيكواس، فحرص تشين عند استقباله من طرف الرئيس باتريس تالون، أن يعرب له عن أمله في أن “توفر بنين السلامة للمؤسسات الصينية والموظفين الصينيين هناك، وتصون حقوقهم ومصالحهم المشروعة”.

وهذه إشارة دبلوماسية إلى أن المؤسسات الصينية وموظفيها تواجه بعض الصعوبات في هذا البلد الإفريقي، الواقع تحت النفوذ الفرنسي.

وباستثناء إثيوبيا فإن جميع الدول الخمس لها إطلالات بحرية، وتقع على طرق التجارة الصينية مع إفريقيا على غرار البحر الأحمر وقناة السويس والبحر المتوسط وخليج غينيا والمحيط الأطلسي.

وهو مؤشر آخر على رغبة الصين في توسيع تجارتها مع القارة الإفريقية، والتي تتجاوز 254 مليار دولار في 2021، وتفوق أربع مرات تجارة الولايات المتحدة مع القارة السمراء.

فعام 2023، سيكون سنة المواجهة بين الصين والولايات المتحدة على النفوذ في إفريقيا، ومن الممكن أن يستفيد الأفارقة من هذا التنافس من خلال زيادة المنح والمساعدات والقروض، لكنه إذا احتدم أكثر فمن شأنه أن يهدد استقرار القارة الهش.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس