تغيّر المناخ يفاقم الجوع في أفريقيا

2
تغيّر المناخ يفاقم الجوع في أفريقيا
تغيّر المناخ يفاقم الجوع في أفريقيا

أفريقيا برس – أرض الصومال. لولا تغيّر المناخ في العالم، لما عاشت دول القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود، تسببت بوفاة 43 ألف شخص في الصومال لوحده خلال عام واحد، وفق نتائج دراسة.

فقد أفاد تحليل أجرته شبكة «وورلد ويذر اتريبيوشن» (WWA) وصدر الخميس الماضي 27 نيسان/ابريل أن الجفاف الذي جعل حوالي 4.35 مليون شخص في منطقة القرن الأفريقي في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية لم يكن ليحدث لولا تغير المناخ.

وعانت إثيوبيا وكينيا والصومال من خمسة مواسم شحيحة المطر منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020 ووصفتها منظمات الإغاثة بأنها «أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما».

وتشير تقديرات إلى وفاة 43 ألف شخص في الصومال بسبب الجفاف العام الماضي، بينما تفيد الأمم المتحدة أن 22 مليون شخص باتوا مهددين بالجوع في إثيوبيا وكينيا والصومال، وهي الدول التي ركزت عليها الدراسة الجديدة.

والأسباب المؤدية للجفاف معقدة، لكن فريقا من علماء المناخ الدوليين من مجموعة وورلد ويذر أتريبيوشن «WWA» وجد أن زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تجعل حدوث الجفاف أكثر احتمالاً بما لا يقل عن 100 مرة.

وفرضت شبكة «WWA» التي أسسها علماء مناخ متمرسون، نفسها في السنوات الأخيرة جراء قدرتها على تقييم التأثير القوي وغير المنتظم نسبيا، بين الأحوال الجوية القصوى من موجات قيظ وفيضانات وجفاف وغيرها، والتغير المناخي الناجم عن النشاط البشري.

وُنشرت نتائج الدراسة التي أجريت بشكل سريع من دون المرور بعملية المراجعة العلمية الطويلة، لكنها تشتمل على وسائل معتمدة من علماء آخرين ولا سيما بيانات جوية ونماذج محاكاة مناخية.

ظاهرة الاحتباس الحراري

وقالت جويس كيموتاي، عالمة المناخ في هيئة الأرصاد الجوية الكينية والتي عملت مع WWA لاستكشاف دور تغير المناخ في الجفاف، إن «تغير المناخ جعل هذا الجفاف استثنائيا».

ووجدت هي وفريقها أنه إذا ما قلت درجة الحرارة بـ 1.2 درجة مئوية، أي تراجع ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن اجتماع قلة هطول الأمطار والتبخر «لن يؤدي إلى الجفاف على الإطلاق».

وأكدت الشبكة أن التغير المناخي يغير بشكل متناقض موسمي الأمطار. فالموسم الأكثر وفرة بين آذار/مارس وأيار/مايو «يصبح أكثر جفافا والنقص في التساقطات أكثر ترجيحا بمرتين» مقارنة بالسابق في حين أن «موسم الجفاف الصغير يصبح أكثر رطوبة».

لكن في السنوات الأخيرة «هذا الميل إلى الرطوبة في الموسم الصغير حجبته ظاهرة إل نينيا المناخية الدورية» التي تخفض الأمطار المدارية والتي لا تتوافر أدلة إلى الآن على أنها أثرت على التغير المناخي البشري المنشأ.

وقال عالم المناخ كريس فانك من جامعة كاليفورنيا – سانتا باربرا والذي لم يشارك في التحليل «إذا كانت هناك احتمالية مضاعفة لحدوث جفاف شديد، فإن ذلك يمهد الطريق لهذه الصدمات المتتابعة التي دمرت المنطقة».

وبالإضافة إلى قلة هطول الأمطار على منطقة القرن الأفريقي، فإن ارتفاع درجة حرارة المناخ يعني أن المزيد من المياه تتبخر من التربة وتتسرب من النباتات إلى الغلاف الجوي. وقالت كيموتاي «هذا الجفاف يرجع في الأساس إلى الزيادة الكبيرة في عملية التبخر الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة».

وأعلنت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية الخميس أنّ الجوع يتفاقم بشكل متواصل في أفريقيا، مشيرة إلى أنّ شخصاً يموت من الجوع كل 36 ثانية بين إثيوبيا وكينيا والصومال، في الوقت الذي يعاني 18.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد في الساحل.

ويترافق هذا الوضع، الذي أشارت إليه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظّمتا «كير» و«أوكسفام» غير الحكوميتين خلال مؤتمر صحافي مشترك الخميس في باريس، مع أرقام صادمة بشكل كبير، مدفوعاً بالجفاف المرتبط بالاحتباس الحراري، أو بظروف أخرى مثل النزاعات التي تشهدها بعض الدول.

في بوركينا فاسو، التي تشهد عدم استقرار بسبب تمرّد جهادي عنيف، قُتل أطفال بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2022 أكثر بثلاثة أضعاف مقارنة بالذين قُتلوا خلال الفترة ذاتها من 2021، كما زاد عدد القُصّر الذي عولجوا من سوء التغذية الحاد بنسبة 50 في المئة على أساس سنوي، وفقاً لليونسيف.

في النيجر، أدّى الجفاف المتكرّر والفيضانات الكارثية في العام 2022، إضافة إلى الصراعات المستمرّة، إلى زيادة صعوبة حصاد المحاصيل الزراعية، ممّا تسبّب في «انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة حوالي 40 في المئة» وفقاً لنيكولاس جاندو من «أوكسفام فرنسا».

ويعاني حوالي 430 ألف طفل في النيجر من سوء التغذية الحاد، بينما من المتوقّع أن تعاني منه 154 ألف امرأة حامل ومرضعات هذا العام، مقارنة بحوالي 64 ألفاً في العام 2022، بزيادة بنسبة 141 في المئة، وفقاً للوسيل غروجان المتحدثة باسم اليونيسيف.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس