ماذا وراء تدشين مصر لخط طيران مباشر مع الصومال وجيبوتي؟

25
ماذا وراء تدشين مصر لخط طيران مباشر مع الصومال وجيبوتي؟
ماذا وراء تدشين مصر لخط طيران مباشر مع الصومال وجيبوتي؟

منة صلاح

أفريقيا برس – أرض الصومال. توجَّه، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج “بدر عبد العاطي” ووزير الطيران المدني “سامح الحفني” إلى جيبوتي والصومال، على أولى رحلات الشركة الوطنية “مصر للطيران”؛ تدشينًا لخطوطها المباشرة بين مصر وكُلٍّ من جيبوتي والصومال، وتُعدُّ هذه الزيارة الانطلاقة الخارجية الأولى للسفير “بدر عبد العاطي” مُنْذُ تولِّيهِ مسؤولية وزارة الخارجية المصرية، كما جاءت تزامنًا مع إطلاق رحلات مصر للطيران نصف الأسبوعية من القاهرة إلى مقديشو، ويُنذر ذلك ببدْء عهْدٍ جديدٍ من التعاون المشترك بين الدول الثلاث؛ ما يعكس خصوصية وتاريخية وعُمْق العلاقات فيما بينهم.

الطيران التجاري ودوره في ترسيخ العلاقات الدولية

حظي الطيران التجاري باهتمامٍ دوليٍّ بالغٍ؛ نظرًا لتحوُّل الخطوط الجوية إلى جهاتٍ دبلوماسيةٍ فاعلةٍ؛ لذا سارعت الدول إلى توقيع عددٍ من الاتفاقيات لتنظيم مجال الطيران، ومن أهمها اتفاقية شيكاغو عام 1944م؛ بهدف توفير خدمة نقلٍ جويٍّ آمنٍ ومنتظمٍ واقتصاديٍّ على الصعيد العالمي، فتلعب مؤسسات الطيران أدورًا مهمةً كجهاتٍ فاعلةٍ غير حكومية في العلاقات الدولية؛ إذ قد تقرر حكومات الدول فتْح أو الحفاظ على الروابط الجوية مع دول معينة، بما يؤثر على العلاقات الدولية، كما يمكن استخدام شركات الطيران كرمز للهوية الوطنية وكقوة دافعة للقوة الناعمة.

والجدير بالذكر أن العلاقات الدولية والسياسات الاقتصادية تؤثر على قطاع الطيران بشكلٍ مباشرٍ، وقد تُحدِّدُ اتفاقيات التجارة الحرة والعقوبات الاقتصادية الدولية والتعريفات الجمركية أو تحوُّلات تقييم العُمْلة ما إذا كانت شركات الطيران ستحصل على فُرَص للنمو أو تواجه تحديات في العمليات التجارية، ولكن قد يساهم فهْم الديناميكيات السياسية والاقتصادية لصناعة الطيران في تزويد محترفي الطيران بمهارات التغلُّب على التحديات، والاستفادة من الفرص التي يقدمها المشهد السياسي العالمي، كما يمكن للتعاون الدولي أن يساهم في تعزيز العلاقات السياسية بما يؤدي إلى المزيد من خطوط الطيران.

نبذة عن تطوُّر العلاقات المصرية مع جيبوتي والصومال

1- العلاقات «المصرية – الجيبوتية»:

تطوَّرت العلاقات بين مصر وجيبوتي في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لجيبوتي، في عام 2021م؛ إذ تشاور مع نظيره الجيبوتي “عمر جيلة”، بشأن التعاون في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب ومفاوضات سد النهضة، إضافةً إلى بحْث سُبل تعزيز التعاون في عدة مجالات بما في ذلك التجارة والاقتصاد والطاقة والبنية التحتية والطيران[3]، وفي زيارة الرئيس الجيبوتي إلى مصر، عام 2022م، تمَّت الإشارة إلى الجهود المبذولة بشأن إنشاء منطقة لوجستية مصرية في جيبوتي؛ لتعزيز التعاون في مجال النقل وإطلاق رحلات طيران مباشرة بين البلديْن[4].

2- العلاقات «المصرية – الصومالية»:

تتمتع مصر والصومال بعلاقات جيدة وطويلة الأمد، وتُعدُّ مصر شريكًا رئيسًا للصومال في مختلف المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وفي يناير 2024م، أكَّدت مصر على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الدولة الصومالية على كامل أراضيها، ومعارضتها لأيِّ إجراءات من شأنها تقويض تلك السيادة؛ إذ أكد الرئيس “عبد الفتاح السيسي” رفْض مصر لمذكرة التفاهم غير القانونية التي وقَّعتها إثيوبيا مع أرض الصومال، باعتبارها تُقوِّضُ سيادة الصومال وسلامة أراضيه.

أهداف زيارة وزيريْ الخارجية والطيران إلى جيبوتي والصومال

يُعدُّ الطيران التجاري أداةً لتعزيز العلاقات الدولية، وهو ما تجلَّى بوضوحٍ في تدشين خط الطيران المباشر بين مصر وكُلٍّ من جيبوتي والصومال؛ إذ يكمن الهدف منه في تعزيز النشاط التجاري مع تلك الدول، وتسهيل حركة الأفراد ومواجهة التهديدات الأمنية بالقرن الأفريقي، والمساهمة في تذليل العقبات وتسهيل وصول الوفود إلى مصر، وكذلك تسهيل تبادل الزيارات بين الدول الثلاث، والمساهمة أيضًا في استكشاف الفرص الاستثمارية في تلك الدول، وبالتالي جلْب فرص تنموية، إضافةً إلى الحفاظ على المصالح المصرية، في ظِلِّ التنافس بمنطقة القرن الأفريقي بين القوى الدولية والإقليمية.

أبرز ما حملته زيارة وزيريْ الخارجية والطيران إلى جيبوتي والصومال

عقد وزير الخارجية المصري “بدر عبد العاطي” مباحثات ومشاورات ثنائية مع نظيريْه الجيبوتي والصومالي، وخلال المباحثات مع وزير خارجية جيبوتي “محمود علي يوسف” تمَّ بحْث سُبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الشمسية وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والصحة، فضلًا عن أمن البحر الأحمر وتأمين حرية الملاحة الدولية، خاصَّةً أن مصر وجيبوتي من أكثر الدول تأثُّرًا بالتطوُّرات فيه، كما تشاورا بشأن الأوضاع السياسية والأمنية في منطقة القرن الأفريقي – بشكلٍ عامٍ – وتفاقُم ظاهرة الإرهاب ومدى أهمية تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف ومركز الوسطية الجيبوتي لمواجهة التطرُّف.

أما خلال المباحثات مع وزير الخارجية الصومالي “أحمد معلم فقي”، تمَّ التأكيد على الاهتمام المصري بتعزيز العلاقات مع الصومال، ومتابعة تنفيذ المشروعات التعاونية القائمة في مجالات التدريب وبناء القدرات والقطاع المصرية، خاصَّةً افتتاح فرع لبنك مصر في مقديشو، بنهاية العام الحالي، وفي السياق ذاته، أكَّد وزير خارجية الصومال على أهمية تدشين هذا الخط؛ لما له من تأثير على تعزيز الروابط بين شعوب الدولتيْن، وخلال هذه المباحثات أيضًا، تمَّ التشاور بشأن الأوضاع في السودان وكيفية دعم جهود التوصُّل لتسوية سياسة[6].

خطة مصر للطيران للتوسُّع في القارة الأفريقية

تهدف وزراة الطيران المدني إلى التوسُّع في القارة الأفريقية، من خلال بناء شراكات استراتيجية جديدة مع الدول الأفريقية، في مجال النقل الجوي وفتح خطوط جديدة على صعيد القارة، وتتبع مصر للطيران خطة طويلة الأمد للتوسُّع في القارة؛ للوصول إلى أسواق جديدة واستهداف عملاء جُدُد، كما تعمل الشركة القابضة لمصر للطيران بكامل طاقتها لتحقيق استراتيجية السياحة المستدامة، قبل عام 2030م؛ إذ عقدت العديد من الاتفاقيات، والتي من أبرزها؛ التعاقد على 28 طائرةً جديدةً، وسيتم استلامها قبل عام 2026م؛ بهدف تغطية كل النقاط الجديدة، والوصول إليها في مختلف الدول.

وبالإضافة إلى ذلك، تسعى الشركة إلى زيادة فرص تواجدها في القارة الأفريقية، فمن خلال تلك الخطوط الجديدة، ستصل الشركة إلى 26 وِجْهةً في كل أنحاء القارة، كما تخطط الوصول إلى حواليْ 32 نقطةً بحلول عام 2028م، وذلك من خلال فتح خطوط جديدة إلى داكار بالسنغال وكيب تاون بجنوب أفريقيا ولوندا بأنجولا وباماكو بمالي ولوساكا بوامنبيا وهراري بزيمبابوي، وهو ما يتسق مع الخطة التطويرية؛ لدعم أسطولها الجوي بأحداث الطرازات العالمية.

تُمثِّلُ هذه الزيارة إنجازًا تاريخيًّا وخطوةً على الطريق الصحيح لتعزيز التعاون مع دول القرن الأفريقي، وانطلاقًا من أن دولتيْ “جيبوتي والصومال” تدخلان في نطاق الأمن القومي المصري، تمَّ تدشين خط طيران مباشر بين مصر وهاتيْن الدولتين، وقد تثمر نتائج إيجابية عن هذا الخط بما يعزز أواصر العلاقات بين الدول الثلاث على كافَّة الأصعدة، وذلك بالإضافة إلى تطوير التبادل التجاري بين مستثمري تلك الدول، وهناك مخططات مصرية لتدشين المزيد من هذه الخطوط في كل أنحاء القارة الأفريقية؛ لتطوير النمو الاقتصادي وجذْب الاستثمارات وتعزيز السياحة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال عبر موقع أفريقيا برس