هل يسعى “داعش” لاستهداف دول شمال أفريقيا

16
هل يسعى
هل يسعى "داعش" لاستهداف دول شمال أفريقيا

أفريقيا برس – أرض الصومال. تشهد منطقة الساحل والصحراء بأفريقيا تطورات خطيرة على صعيد حضور ونشاط الجماعات الإرهابية هناك التي تطال العديد من البلدان ومنها دول شمال أفريقيا.

الحادثة التي وقعت مطلع مارس/ آذار في الدار البيضاء، والتي قامت فيها مجموعة إرهابية بحرق شرطي والتمثيل بجثته، تؤكد التحذيرات السابقة من سعي التنظيمات في منطقة الساحل والصحراء لتجنيد بعض العناصر في دول المنطقة، في إطار الإعلان عن حضورها في المنطقة.

وفي وقت سابق، أعلن بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني، توقيف 3 متطرفين موالين لتنظيم “داعش” (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة)، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب جريمة القتل العمد في إطار مشروع إرهابي.

وحسب البيان، فإن المعلومات الأولية للبحث تشير إلى أن المشتبه فيهم أعلنوا مؤخرا “الولاء” لـ”الأمير” المزعوم للتنظيم الإرهابي “داعش”، وعقدوا العزم على الانخراط في مشروع إرهابي محلي “بغرض المساس الخطير بالنظام العام”.

وأضافت مديرية الأمن أن الثلاثة “قرروا استهداف أحد موظفي الأمن بغرض تصفيته جسديا والاستيلاء على سلاحه الوظيفي، لغرض ارتكاب جريمة السطو على وكالة بنكية.

في فترات سابقة حذر خبراء، من خطر الجماعات في منطقة المغرب العربي ففي الأول من أبريل 2021 ، قتل ثلاثة”إرهابيين” بينهم قيادي محلي في تنظيم “داعش” الإرهابي وامرأة آسيوية فجرت نفسها في مناطق جبلية بالقصرين التونسية قرب الحدود مع الجزائر.

وفي نهاية مارس من نفس العام، أعلنت السلطات المغربية إلقاء القبض على خلية من أربعة أفراد يشتبه في ارتباطهم بتنظيم “داعش” الإرهابي كانوا يسعون لتنفيذ مخططات إرهابية داخل المملكة.

وفقا للخبراء فإن وتيرة العمليات الإرهابية مطلع عام 2023 تؤكد حجم المخاطر التي ينتظر المنطقة هذا العام، حيث قتل أكثر من 100 شخص منذ بداية 2023 في غرب أفريقيا، وشرد عشرات الآلاف من مناطقهم الأصلية خصوصا في مالي بوركينا فاسو ونيجيريا.

يقول الخبير الأمني المغربي، إحسان الحافظي، إن الأمر يتعلق بعمل إرهابي نوعي يزاوج بين فكر الذئاب المنفردة، القائم على التخطيط الفردي، وعمل الخلايا الإرهابية بالمفهوم التقليدي، المبني على التخطيط الجماعي لتنفيذ مشاريع تخريبية تستهدف المس الخطير بالنظام العام.

في واقعة الشرطي تدل سرعة التنفيذ على أن الهدف الأول للتنظيم كان إعلان وجود موالين لداعش في المغرب.

يوضح الخبير المغربي، أن ما أبانت عنه تفاصيل الجريمة يكشف الغاية من العملية التي هدف لها التنظيم والمتمثلة في الإعلان عن وجود موالين له، كما كشفتها المصالح الأمنية. لافتا إلى أن المقاربة المغربية الاستباقية في مجال مكافحة الارهاب المبنية على الوقاية والزجر أجهضت على مدار سنوات العديد من المشاريع الإرهابية.

وكشفت العديد من التحقيقات القضائية الموازية، أن موظفي المؤسسات الأمنية كانوا على رأس أهداف هذه المخططات الإرهابية.

يرى الخبير الأمني أنه مع انحسار تنظيم “داعش”، (المصنف إرهابيا في العديد من الدولة ومنها روسيا)، في البؤر التقليدية في سوريا والعراق، أعاد التنظيم انتشار مواليه نحو منطقة الساحل الأفريقي، حيث أحدث هذه التحول الجغرافي في نفوذ الجماعات المتطرفة حالة من “التنافس الجهادي” بمنطقة الساحل بين تنظيم الدولة “داعش” وبين الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة.

التنافس الذي وقع بين الجماعات في الساحل، أدى إلى توافد جماعات جديدة تحمل الفكر المتطرف، وتنشط في المثلث الحدودي، بين مالي وبوركينافاسو وتشاد، وهي منطقة ينظر لها المغرب بوصفها امتداد للمجال الأمني الحيوي للمملكة، حسب قول الخبير.

في إشارة العلاقة بين الجماعات في المنطقة وخطورتها، يوضح الخبير الأمني، أن تواتر ارتباط الخلايا الإرهابية التي جرى تفكيكها بالمغرب،بقيادات متطرفة بمنطقة الساحل الأفريقي هو مؤشر على حقيقة التهديدات الأمنية الناشئة،والقادمة من الساحل نحو بلدان شمال أفريقيا، ومعها دول جنوب البحر الأبيض المتوسط.

يعتبر أحمد الدرداري، ممثل المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات بالمغرب، أن جريمة حرق الشرطي المغربي والتمثيل بجثته دليل على مدى الخطر الإرهابي الذي يستهدف المغرب.

لا تقتصر دلالة الأمر على كونها مجرد واقعة فردية، إذ يؤشر مستوى التخطيط إلى عمق استهداف المغرب وربما دول شمال أفريقيا، عقب انتقال العناصر إلى منطقة الساحل بعد التضييق الذي طالها في منطقة الشام.

ووفق حديثه، فإن الجريمة تؤشر لضرورة أخذ التهديدات من التنظيم الإرهابي على مستوى الحذر والجدية بدرجات أعلى، خاصة بعد علم التنظيم الإرهابي بالإعلان عن الخطة الجديدة للتحالف الدولي ضد داعش والقضاء عليه في المؤتمر الوزاري السابع مراكش مايو/ آيار 2022.

ويرى أن المغرب مر بمراحل مهمة في مكافحته للتنظيم الإرهابي، منذ تنظيم الاجتماع الإقليمي للمديرين السياسيين للتحالف الدولي ضد “داعش”في مدينة الصخيرات، في يونيو/حزيران 2018، والذي سعى من خلاله إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين دول “تجمع الساحل والصحراء” و”التحالف الدولي ضد داعش”، وهو ما يجعله ضمن الدول المستهدفة.

رغم المؤشرات على تزايد نشاط الجماعات الإرهابية في أفريقيا، يظل الأمر مرتبطا بسياق دولي معقد تتشابك فيه المصالح، كما أصبحت العمليات الإرهابية وسيلة لتبليغ رسالة احتجاج دموية وتوجيه الضربة للمؤسسة الأمنية.

يفسر الباحث المغربي اعتماد التنظيم على العناصر الموالية عن بعد أو ما يسمى بـ “الذئاب المنفردة بأنه يهدف للبقاء بعيدا عن الأنظار الأمنية، وضمان الوصول إلى الهدف دون لفت أنظار القوات الأمنية.

وتضم منطقة الساحل والصحراء تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين”، بنحو 1700 مقاتل، إضافة إلى تنظيم “داعش” بقيادة أبو الوليد الصحراوي ويبلغ عدد عناصره نحو 1300 مقاتل.

أما تنظيم “المرابطون” يبلغ عدد عناصره نحو 700 مقاتل، ومجموعات صغيرة أخرى، إضافة نحو 4 آلاف عنصر من “داعش” على الحدود الليبية في الصحراء، بحسب الخبراء

وشهدت منطقة الساحل ارتفاعا في مؤشر عنف الجماعات الإرهابية، الذي تضاعف نحو 4 مرات منذ عام 2019، وهو ما يشير على مخاطر متزايدة.

ومن بين 135 منطقة إدارية في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر، شهدت 84 مقاطعة (نحو الثلثين) هجمات عام 2022، وكان هذا الرقم في 2017 أقل من الثلث (40 مقاطعة).

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس