الهضيبي يس
أفريقيا برس – أرض الصومال. ارتفعت وتيرة الخلافات قبل أيام بين إريتريا وإثيوبيا، مما ينذر بانهيار اتفاقية السلام الموقعة عام 2018. وتصاعد الأزمة قد يصل إلى مرحلة المواجهات العسكرية نتيجة غياب الثقة وقيام اتفاقيات السلام على أسس هشة.
ومن أبرز تداعيات المواجهات المتوقعة تأثر دول منطقة القرن الأفريقي، ومن بينها الصومال، سلبًا بصفة جيوستراتيجية وأمنية، فضلًا عن الفعل السياسي والاجتماعي المتوقع في تعطيل مشاريع التنمية نتيجة لهذه المواجهات.
كافة هذه النقاط وغيرها كانت محور مقابلة أجراها موقع “أفريقيا برس” مع الباحث والخبير في شؤون القارة الأفريقية رامي زهدي.
كيف تنظر إلى تطورات الأوضاع ما بين إريتريا وإثيوبيا؟
بداية، فإن تطورات الأوضاع بين كل من إريتريا وإثيوبيا وتصاعد حدة الخلافات أمر ينذر بالعودة إلى مربع المواجهات مجددًا عقب اتفاقيات بدت شكلية نتيجة لغياب الثقة. وهو أمر سيكون له تأثير كبير على منطقة القرن الأفريقي بدوران عجلة النزاعات من جديد بين الدولتين الجارتين، ما يدل على أن اتفاق السلام الموقع في أسمرة عام 2018 قد فقد مفعوله السياسي والواقعي. كذلك فإن غياب العناصر الأساسية والفاعلة على مستوى القرن الأفريقي يجعل حتمية توسع دائرة المواجهات العسكرية بين إريتريا وإثيوبيا أمرًا شبه حتمي.
ما هي الأسباب برأيك وراء سوء العلاقة مؤخرًا بين البلدين؟
بالتأكيد هناك عدة أسباب ذات طابع سياسي وأمني وجيوستراتيجي، إذ إن العلاقة بين الدولتين مؤخرًا قامت على اتفاق سياسي هش، فضلًا عن مساعي كل دولة في إنفاذ مشروع بخصوص اتفاق السلام في إقليم تيغراي. كما أن إثيوبيا لطالما بحثت عن منفذ بحري لتعويض ما فقدته بانفصال إريتريا عام 1990، إضافة إلى رغبة بعض الأطراف الإقليمية والدولية في إعادة التموضع عبر إريتريا، وهو ما أدى إلى اتساع مساحات عدم الثقة وازدياد حجم الخلافات.
ما مدى تأثير تدهور العلاقات على دول الجوار الأفريقي، وبالأخص الصومال؟
الصومال ستكون أبرز المتضررين، إذ يقع بين فكي كماشة الصراع بين الدولتين. فازدياد حدة التوتر بين إريتريا وإثيوبيا سيعيد تشكيل خارطة المنطقة، ويضع الصومال أمام اختبار دقيق، سواء من الناحية العسكرية والأمنية في قضية تدريب القوات الصومالية على الأراضي الإريترية، أو من ناحية الاتفاقيات المثيرة للجدل بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال. كما أن الهشاشة الأمنية في الداخل الصومالي والخلافات السياسية بين الأقاليم تجعله أكثر عرضة للتوترات والمواجهات، فيما يظل الأخطر هو تكرار سيناريوهات الحرب بالوكالة داخل الأراضي الصومالية، وهو ما سيعرقل أي جهود للتنمية بعد نجاحات جزئية سابقة.
ما أبرز التداعيات الواقعة على الصومال نتيجة ما يحدث بين إريتريا وإثيوبيا؟
هناك عدة تداعيات قد تترتب نتيجة لارتفاع الخلافات، أهمها الأمنية، مما ينذر بازدياد الفوضى وتسلل الجماعات المسلحة والسلاح عبر الحدود المشتركة مع الصومال. سياسيًا، قد تظهر حالات تباين في المواقف داخل الأقاليم الصومالية. استراتيجيًا، قد تضعف الثقة الدولية في قدرة الصومال على لعب أي دور مستقبلي. أما اقتصاديًا، فستتعطل مشاريع التنمية الإقليمية مثل الربط القاري بالكهرباء والسكك الحديدية، والتي كان يعول عليها الصومال لتحقيق الاستقرار.
هل من المتوقع حدوث مزيد من الفوضى والانفلات الأمني في الصومال بسبب ما يحدث بين إريتريا وإثيوبيا؟
نعم، الأمر وارد بشدة، خاصة وأن التعافي الأمني والسياسي في الصومال ما يزال في مراحله الأولى. أي تصاعد للتوتر قد يعيد الصومال إلى المربع الأول، مع احتمال استفادة حركة الشباب من هذه الخلافات لتوسيع نشاطها. والأسوأ من ذلك هو ازدياد التنافس الإقليمي الخارجي، الذي قد يغذي الفوضى عبر تمويل أطراف داخلية خدمة لأجندات أكبر من قدرة الصومال على التعامل معها.
هل ما يحدث سيكون مشجعًا لتدخلات خارجية في الصومال من قبل بعض الأطراف الدولية؟
بلا شك، سيشجع ذلك بعض القوى الدولية على تعزيز وجودها في الصومال باعتباره منفذًا لمصالحها الأمنية والاستخباراتية. من بين هذه الأطراف الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، والإمارات، وجميعها تراقب التطورات عن كثب. وقد تسعى هذه القوى إلى إعادة التموضع وتعزيز حضورها سواء عبر الدعم العسكري المباشر، أو عبر الاتفاقيات الأمنية البحرية، أو أدوات الدعم الناعمة. كما أن تدهور العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا قد يستخدم كغطاء لتفعيل قوات حفظ السلام وإنشاء قواعد عسكرية جديدة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال عبر موقع أفريقيا برس