مريم بوزيد سبابو
أفريقيا برس – أرض الصومال. قدر افريقيا أن تعيش على إيقاع القوميات الطاردة من أراضيها، نحو مجاهل التاريخ والحضارة وغربة الأماكن. بعد النزاعات والصراعات بين الأمازيغيين والعرب عمن له أولوية التواجد في شمال أفريقيا والاقتتال الرمزي على مواقع التواصل الاجتماعي عن اللغات اللهجات، ومن هم أحق بلغة أم تتفرق الدماء الجينات وتنتحب الأمهات.
ولزيادة طين الهوية بلة، جاءت في الآونة الأخيرة مطالبات باسترجاع افريقيا «لسكانها الأصليين» من طرف من اعتبرهم الشمال الافريقي نازحين، أو مهاجرين غير شرعيين. افريقيا البيضاء في مواجهة زحف «ثورة الزنوج» في القرن 21. ويعيش هذه الأيام سكان تونس والمغرب وليبيا، باستثناء الجزائر، الأمرين، بما يقوم به «السود» أو «السوادين»، وغيرها من التسميات التي تحمل عنصرية اللون، وأخرى.
ولعل خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد أخذ بالموضوع إلى أقصاه لدرجة أن بعض الصفحات والمواقع نقلت صورته المعبرة عن الايديولوجية النازية وتصويره مرتديا قميصا عليه صورة هتلر.
ولذلك تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس وخارجها في الدول المغاربية، بالسخط أكثر من الاستحسان لخطاب «سعيد». كتب عماد بن عبد الله السديري على صفحته الرسمية على فيسبوك «لا أستطيع أن أتجاهل التصريحات الصادمة للرئيس قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة في تونس باعتبار أن مئات الآلاف من التونسيين والتونسيات يعيشون في دول أخرى، وباعتبار أنني واحد من بين هؤلاء التونسيين المهاجرين، فإنه من الصادم جدا، بل من المرعب أن يعبر رئيس الدولة عن تلك المواقف السلبية جدا والمعادية للمهاجرين».
وأردف قائلا «في الحقيقة لم تتجرأ الحكومات المتطرفة والعنصرية في أوروبا على إطلاق مثل تلك التصريحات المخفية، التي سمعناها في تونس.
وهنا من المهم أن نؤكد أنه من حق اي دولة أن تختار السياسات التي تريدها في ما يخص الهجرة، لكن ليس من حق أي دولة تعريض حياة المهاجرين للخطر. وما فعله الرئيس قيس سعيد فيه اعتداء صريح على جزء مهم من المواطنين التونسيين من ذوي البشرة السوداء. كما فيه تهديد صريح للسلامة الجسدية للطلبة والمهاجرين الأجانب في تونس».
وذكر بالتنديد ضد الحملات العنصرية التي كان يتعرض لها «مئات الآلاف من التونسيين المقيمين في أوروبا، واعتبارهم «خطرا ديمغرافيا وثقافيا ودينيا على الدول التي يقيمون بها» ويضيف السديري «إني أؤمن إيمانا راسخا أنه من حق أي إنسان أن يبحث عن فرص أفضل له ولأسرته وفي ظل ما يعيشه الشعب التونسي من «تحديات هائلة» ومنافسته في لقمة عيشه، لكن التعامل مع هذه التحديات ينبغي أن يكون حكيما ومتوازنا، مع مبادئنا كشعب يؤمن بقيم الخير والتضامن». ولكن هناك من يخالفون مثل هذا الرأي ويعتبرون «استيطان الأفارقة على التراب التونسي هو أخطر ملف في تونس اليوم»، كما كتبت ذلك سوسن بوزير على صفحتها «كتونسية لا يشغلني سوى ملف الأفارقة، الذي تسبب فيه الباجي السيسي – غفر الله له على هذا الخطأ الجسيم في حق تونس وشعبها والأجيال القادمة – هم الآن تقريبا انتشروا في كل ولاية واستوطنوا على السواحل التونسية وفي كل منطقة احتلوا ارضا عبارة عن منفذ أو بوابة تطل على البحر المتوسط». وتضيف «هناك واقعيا عملية تكاثر في النسل بشكل مرعب ومخيف. هم الآن تقريبا مليونان. أتوقع شخصيا ماذا سيحدث لاحقا. نعم سيأتي اليوم الذي سيطردون التونسيين من بيوتهم منازلهم، لكن بعد ماذا؟ بعد تصفية أكبر عدد ممكن من الصغار والنساء». ونقرأ على صفحة «خطر الافارقة على تونس» أن مشروع التوطين مخطط له منذ أكثر من عشر سنوات «توطين الأجصيين بتونس وشمال افريقيا بصفة عامة. يعتبروننا محتلين لأرضهم. تم تدريسهم أن افريقيا للسود فقط وأن إحنا محتلين يجب القضاء علينا وطردنا، مشبعين بعنصرية مقيتة في داخلهم».
ويضيف المنشور «كل مواطن عنده ذرة وطنية لازم يتصدى». وطالب المنشور بعدم كراء بيوت لهم وعدم تشغيلهم وأن لا يتعاملون معهم في البيع». وطالب أصحاب الصفحة بنشر الفيديو المرافق للمنشور، والذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي المغربية، وتطبيق «تيك توك» وفيه مجموعة متكلمين من افارقة جنوب الصحراء. تتكلم امرأة محذرة كل الدول المغاربية وتدعو للتدمير الممنهج لهذه الدول ككيان وجودي وظاهري وخفي وأخلاقي. افريقيا يجب أن ترجع سوداء من الشمال إلى الجنوب. ومن الشرق للغرب، كما قالها ماركوس كارفي. وندعو شعب افريقيا (الأسود) للهجرة لشمال افريقيا بكل بساطة. ويضيف آخر «في هذا الوقت يجب على الشباب الافريقي أن يضعوا في عقولهم أن «موريتانيا سود البشرة. وكذلك تونس والمغرب وليبيا. وهذا تحذير إذا استمر الحال أو توقفت (هجرة الافارقة لشمال افريقيا) فإننا ندعو شعبنا لاسترداد الأرض (شمال افريقيا). ومما جاء في الفيديو كتابة «في الظاهر يقولون إنهم بصدد جمع المال ل-»الحرقة». لكن دائما في وقت الأزمات تسقط الأقنعة وتظهر حقيقتهم. وتظهر مقاطع أخرى في التطبيق تركز على تجمع هؤلاء الأفارقة، وأحدهم يقف بين الجمع يخطب بحماسة».
قال ألفا بلوندي إن كل الشباب الافريقي يجب أن يحملوا السلاح. وخطب آخر «إخواني وأخواتي المهاجرين. يجب أن تحملوا في حقائبكم السلاح للدفاع عن أنفسكم وأقاربكم». هي مقاطع وخطابات ليست في سياقاتها. نسخ وقص، لكن هناك مطالبات باسترجاع شمال أفريقيا، بما فيها مصر. بعودة المركزية الافريقية»، تعود الفتن لضرب القارة الافريقية بشمالها جنوبها. ومن سيكون المستفيد من كل هذه الفتنة، التي لم يحسب لها حساب.
على صفحة «الذرعان مدينتي»، نجد اجابة لهذا التساؤل «الحالة متقلبة في المغرب وتونس ومصر بسبب اللاجئين الأفارقة. ونغصت عليهم معيشتهم وزادت من أزماتهم وأصبحت تهدد الأمن العام. الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان في سويسرا تطالب الجزائر باحترام حقوق اللاجئين الأفارقة وعدم ترحيلهم لبلدانهم أو المساس بحياتهم، كما طالبت بدمجهم في المجتمع الجزائري».
ويضيف صاحب الصفحة «وفي الحقيقة هي خطة ممنهجة من الاوروبيين لزرع الفوضى والمشاكل الاجتماعية في وسط المجتمع الجزائري ومجتمعات شمال افريقيا بشكل عام لينهبوا ثروات الأفارقة براحتهم، لأن أوروبا تعاني من أزمة طاقة وأزمات اقتصادية عديدة. وافريقيا فيها ثروات طبيعية هائلة تستولي عليها بتواطؤ مع رؤساء دول هؤلاء اللاجئين، الأمر أتى ثماره في المغرب حتى وصل الأمر للنسل بسبب ارتفاع معدل زواج المغربيات من هؤلاء اللاجئين. ومصر ألغت الأسبوع الماضي حفلا لفنان كوميدي أمريكي اسمه «كيفن هارت» قبل 36 ساعة من وصوله للقاهرة، بسبب أن هذا الفنان ناشط في حركة المركزية الأفريقية، كون هذه الحركة تدعي أن الفرعون المصري أصله من السودان وأن المصري الحالي ليس له علاقة بالمصري القديم». وفي فيديو آخر هناك تصريحات لهؤلاء النشطاء» الأفروسنتريك» برحيل عرب شمال افريقيا إلى السعودية. ورحيل أمازيغ شمال افريقيا إلى شرق أوروبا. بعد نشطاء الحركات الأمازيغية، وقبلها القومية العربية، ها هي افريقيا تدخل صراعا جديدا وبحدة المواجهات تحت اسم «المركزية الافريقية» واسترجاع «اسبقية افريقيا السوداء»، كما جاء به المنظر «الشيخ أنتا ديوب» في الحضارة واسبقية الرجل الأسود بالوجود على باقي الألوان.
المغرب والتسامح الافريقي
تم توطين أكثر من مليون لاجئ افريقي في المغرب. وبالرغم من تقاسم بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي لخطورة هذا التوطين والزحف على المغرب وتغيير تركيبته البشرية الناتج عن الاختلاط بالزواج، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب مع ما يدور بشأن هؤلاء بطريقة مغايرة على عديد المواقع والصفحات. والكثيرون وجهوا أصابع الاتهام للرئيس قيس سعيد، في تعامله مع الأزمة في بلاده. كتب حميد باجور (من المغرب) عن «خطر» الأفروسنتريزم» متحدثا عن خطاب الرئيس قيس سعيد، الذي قال» إن هناك مخططا تقف من ورائه جهات أجنبية ما، لتشجيع توطين الأفارقة السود في تونس، واستبدال هويتها الأمازيغية العربية بهوية زنجية، وإن كان أول من علق عليه، مشيدا به هو العنصري الفرنسي ايريك زمور».
وعرج على تنامي العنصرية تحت مسميات كثيرة في بلدان المغرب ومصر. وعلى معاناة هؤلاء اللاجئين في أحياء الدار البيضاء في هذا الجو البارد «حيث المئات يفترشون الأرض وينامون على الرصيف». ويضيف «هي أزمة إنسانية كبيرة، بأتم معنى الكلمة. ورغم سياسة المغرب تجاه هؤلاء المهاجرين بقيت لحد الساعة إيجابية».
كما يضيف «أنه في الوقت الذي يحذر فيه قيس سعيد ويعبئ ضد الخطر الزنجي. يقوم الملك محمد السادس بجولة في بعض الدول الافريقية المعنية لتقوية العلاقات معها. والمشكل سيبقى قائما وسيزداد تعقيدا في السنوات المقبلة، حسب صاحب المنشور، مما يتطلب التفكير الجدي والعقلاني وهدوء أعصاب في التعامل معه. وحتى لا يتحول الأمر إلى انفجار وتفشي نزعات من العنصرية وكره الأجنبي. كما حذر «باجو» من حدوث ما يقع في تونس ومصر. ولا يستبعد أن يقع المغرب في نفس الأشكال، وذلك عند اشتداد الأزمات وغرق الشعب فيها وفي «غياب أي أفق للخروج منها، ينقلب الشعب على بعضه بعضا، وتكون الحلقة الأضعف دائما ذلك الأجنبي، الذي تعلق على مشجابه كل الشرور».
كما نقرأ على صفحة «حاكمة الأفارقة»: نحن الغرب العربي أيضا افارقة، لكن اعتدنا على أن الافارقة هم السود أو ذووا البشرة السمراء. المهم نحن في مدينة فاس، دخل عندنا الكثير من الأفارقة السود، وهم يعيشون معنا مثل كل المغاربة. يشتغلون في كل شيء يكسبون قوت يومهم. ومن لم يجد عملا اتجه للتسول، أو منهم من أتى للدراسة. هؤلاء من الطبقة الميسورة. اعتدنا عليهم واعتادوا علينا. في الأول استغربنا الأمر. وفي الأخير تبقى الأرض أرض الله ومرحبا بالجميع». ومما جاء في المنشور «. وما ينشر على المواقع مجرد خزعبلات. يقال للقضاء على العرب. كيف سيقضي بعض المئات على الملايين. أمريكا كمثال. جلها جنس افريقي أسود. هل قضوا على الجنس الأوروبي أو غيره. في عهد المرابطين دخل الأندلس أربعمئة افريقي أسود ضمن الجيش المرابطين. هل قضوا على الجنس الإسباني». ويختم المنشور بهاشتاغ «الافريقي أخي ومرحب به على أرض المغرب». تبدي الشعوب المغاربية عنصرية تجاه سود البشرة ليس ممن نزحوا حديثـا، لكن ممن يشكلون لحمة مجتمعاتهم. والفرصة أصبحت سانحة لإفراغ كل الشحنات ضد السود الوافدين العنيفين، أصحاب القوة البدنية والجسدية المخفية.
ولعل أخطر خطاب، كما يراه الكثير من التونسيين أنفسهم وما سببه لهم من خجل، هو خطاب رئيسهم قيس سعيد في غمرة هذه الأحداث يزداد وضع تونس الاقتصادي تدهورا، وخاصة قطاع السياحة شريانه التدفق. بعدما أعلنت العديد من الوكالات السياحة الأوروبية عن قطع حجوزاتها مؤقتا باتجاه تونس باعتبارها أن أصبحت من البلدان غير المستقرة والخطيرة، كما جاء في موقع «كابتاليس. كوم»، عندما تمطر السماء عنصرية، تبهت ألوان افريقيا الحارة والباردة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن أرض الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس